في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

نص السؤال: هل تأسيس العدالة يقتضي تقديم الحقوق على الواجبات

تحليل نص السؤال: هل تأسيس العدالة يقتضي تقديم الحقوق على الواجبات؟

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ نص السؤال: هل تأسيس العدالة يقتضي تقديم الحقوق على الواجبات؟

الإجابة هي 

مقالة حول الحقوق والواجبات.

طريقة جدلية.

شعبة أداب وفلسفة.

نص السؤال: هل تأسيس العدالة يقتضي تقديم الحقوق على الواجبات؟

طرح المشكلة:

  منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو يناشد ويطالب بالعدالة كمسعى ومطلب أساسي ، لذلك كان تطبيقها على أرض الواقع أمرا أساسيا للفلاسفة و علماء القانون والأخلاق. وإذا كانت العدالة تقترن بجهاز حقوق و واجبات فقد اختلف المفكرون حول أسبقية كل منهما على الآخر. فهناك طائفة من المفكرين ترى أن الحق أولى من الواجب في حين رأت طائفة أخرى أن الواجب أسبق وفي حدود هذا التعارض والتناقض نتساءل حول تطبيق العدالة بربطها بجهاز الحقوق و الواجبات: فهل يمكن اعتبار العدالة الحقة هي تلك التي يسبق فيها الحق الواجب أم هي تلك التي يتقدم فيها الواجب على الحق؟

محاولة حل المشكلة:

  ترى طائفة من المفكرين والفلاسفة أن تطبيق العدالة والتعبير عنها والشعور بها من طرف الأفراد في الواقع ، لا يكون إلا بتقديم الحقوق والمكاسب الأساسية لكل فرد على الواجبات التي يلتزمون بها ، ومعنى ذلك أنه قبل مطالبة الأفراد بأداء الواجبات علينا قبل كل شيء أن نمكنهم من حقوقهم أولا وبالتالي المطالبة بالحقوق تشكل صميم العدالة وقاعدة لكل تشريع يجسد العدل ، ويجتمع حول هذا الرأي فلاسفة القانون الطبيعي أو أنصار النزعة الإنسانية الذين كان لهم دور في صياغة نظرية العقد الاجتماعي وعلى رأسهم جون لوك وجون جاك روسو.

حيث أكد هؤلاء على ضرورة تقديم الحق على الواجب وأن سلطة الدولة مقيدة بضمان وحماية الحقوق الفردية ذلك أن أصل الحقوق هي الحقوق الطبيعية المرتبطة بالوجود الإنساني وملازمة للطبيعة البشرية كحاجات ضرورية مقررة لابد منها ولا يمكن الاستغناء عنها كالحق في الحياة، الحق في الحرية ، الحق في التفكير......، وهي حقوق لا تستقيم الحياة الإنسانية بدونها وهذا يعني أن الإنسان يكتسب حقوقه كمعطيات طبيعية ، ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الواجبات والالتزامات الحياتية لكون الحق الطبيعي مرتبط بالقانون الطبيعي والواجب مرتبط بالقانون الوضعي وهذا إن دل على شيء فإنما يدل أن الحق أسبق وأولى من الواجب من الناحية التاريخية لهذا عرفت العدالة على أنها إعطاء كل ذي حق حقه.

كما يرى فلاسفة القانون الوضعي والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان بأنه يجب الاهتمام بالحقوق على الواجبات ، حيث نجد الثورات الحديثة كالثورة الأمريكية و الثورة الفرنسية اللتان كان لهما الأثر البالغ على حقوق الإنسان، فالثورة الفرنسية نادت بمجموعة من الحقوق كحق الحرية وحق الملكية ، حيث

 جاء في الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 "هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط عنه وهذه الحقوق هي الحرية و الملكية و الأمن ومقاومة الاضطهاد" ، ولقد جاء في أول إعلان أمريكي لحقوق الإنسان والذي صدر في فرجينيا في جانفي 1776"إن جميع الناس قد خلقوا أحرارا متساوين ومستقلين ،ولهم حقوق موروثة لايجوز لهم عند دخولهم في حياة المجتمع آن يتفقوا على حرمان خلفائهم منها. أي أن الحقوق الطبيعية كالحرية والتفكير والدين وإقامة الشعائر سواء سرا أو جهرا سابقة للواجب. وكذا الهيئة الدولية الممثلة في الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أعطت أولوية حقوق الإنسان على واجبات الأفراد،حيث جاء في مادته الأولى ما يلي " يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا ،وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء دون أي تميز ".

وما نصل إليه من خلال تحليلنا لهذا الموقف أن الحق معطى طبيعي ومكسب قانوني وهذا ما يخول أولويته وأسبقيته على الواجب ، وبالتالي لا توجد عدالة حيث لا يوجد حق.

  لكن أنصار هذا الموقف اهتموا بالحقوق وقدسوها تقديس مطلق وأهملوا الواجبات لأن تأسيس العدالة بإقرار الحقوق أولا وتأخير الواجبات يؤدي بالضرورة إلى إخلال بتوازن المجتمع وتفكك علاقاته لأن ذلك يفتح الباب أمام ظهور النزوات و الأنانية وإرضاء الميول الغريزية التي تتنافى في أغلب الأحيان مع الحياة الاجتماعية وتماسكها كما أن الإنسان نجده دائما يطالب بأكثر مما يستحق وقد يكون ذلك أخذا لحق الغير.

وكذلك أنصار هذا الموقف يدافعون عن حقوق الأقوياء على اعتبار أن الملكية ليست متيسرة للجميع وإنما تخص الأغنياء.

  إن هذه الاعتراضات أدت إلى ظهور موقف آخر حيث يرى مجموعة من الفلاسفة وعلى رأسهم ايمانويل كانط وأوجست كونت وإميل دوركايم أن العدالة تقتضي تقديم الواجب على الحق.

حيث نجد كانط أَسس مذهبه في الأخلاق على أساس القيام بالواجب من اجل الواجب ومن ثمة فهو يضع الواجب في المرتبة الأولى ، و القيمة الخلقية لكل فعل من الأفعال تكمن أولا وقبل كل شيء ، في مبدأ الإرادة الخيرة ( النية الطيبة ) بغض النظر عن الغايات التي يمكن أن يحققها مثل هذا الفعل : فأنت عندما تقوم بعمل في نظر كانط من اجل الحصول على منفعة لا يعد فعلا أخلاقيا ، بل الفعل الأخلاقي هو الذي يقوم به صاحبه من أجل الواجب لا غير ، فالصانع يجب عليه أن يتقن صنعته بغض النظر عن ثناء الناس.

أما أوغست كونت زعيم النزعة الوضعية فيرى أنه يمكن أن نستغني عن الحقوق لأن القيام الجميع بواجباتهم يؤدي إلى حصولهم على حقوقهم دون المطالبة بها ، فالتطور الاجتماعي يرتبط بأداء الواجبات على عكس الحقوق التي تستنزف المجتمع حيث يقول : " ينبغي أن نحذف مصطلح الحق من القاموس ونبقي على الواجب " ويقول أيضا : " ليس للإنسان حقوق وإنما عليه واجبات ".

نفس الموقف ذهب إليه عالم الاجتماع الفرنسي دوركايم حيث أن العدالة بالنسبة له لا تتحقق إلا بالالتزام بالواجب الاجتماعي ، فالفرد ملزم بتطبيق الواجبات التي نصت عليها القوانين الوضعية.

إذن أصحاب هذا الموقف يقرون بوجوب تقديم الواجب على الحق لتحقيق العدالة.

  لكن تقديم الواجب على الحق لا يحل المشكلة لأن كانط يرفض تأسيس الأخلاق على أساس المنفعة ، لهذا تبقى أخلاقه صورية ، و لهذا فهي لا تتناسب مع الطبيعة البشرية فلا يوجد واجب من أجل الواجب بل واجب من أجل منفعة وفي هذا السياق يقول أحد المفكرين : " لا تتصور أن الناس يكلفون أنفسهم مشقة تحريك الخنصر في سبيل خدمتك إن لم تكن لهم مصلحة في ذلك ".

كما أن القيام بالواجب دون المطالبة بالحقوق قد يؤدي إلى الاستغلال و هضم حقوق الآخرين.

  بعد عرض الموقفين والوقوف على سلبيات وعيوب كل منهما، يتبين أن تأسيس العدالة بتسبيق او تقديم الحق على الواجب يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الاجتماعي وانتشار مختلف الآفات الاجتماعية كتهاون والكسل، كما أن تسبيق الواجب على الحق يولد الظلم و جور وفتح الباب امام الاستغلال وهضم حقوق الآخر أو الغير. وعليه فالنظرة الموضوعية و الأقرب إلى الواقعية هي التي ترى أن العدالة المثلى في واقع الحياة الاجتماعية هو العمل على إقرار تعادل وتناسب بين الحقوق و الواجبات لأنه لا يوجد تاريخيا قانون في الواقع يبنى على الواجبات لوحدها أو الحقوق لوحدها بل القانون يرتبط ارتباط وثيق بجهاز الحقوق و الواجبات معا.

  وحسب اعتقادنا الخاص يمكن ان نقول ان العدالة كمطلب ومسعى انساني وقيمة اخلاقية سامية لا تتحقق على ارض الواقع إلا إدا قام كل واحد بواجبه ويطالب بحقوقه في نفس الوقت ولا يحق لأحد ان يطالب بالحقوق ادا لم يلتزم بالواجبات المفروضة عليه. وبتالي العدالة تكمن في الموازنة بين الحقوق والواجبات.

حل المشكلة:

  على ضوء مما سبق نستنتج ان العدالة كمطلب انساني وفضيلة اخلاقية سامية تتأسس على ارض الواقع بموازنة والتناسب بين الحقوق وهي مطالب يتمتع بها الفرد والواجبات وهي الزامات المفروضة عليه. وعليه فالعدالة لا تتحقق على ارض الواقع بتقديم الحق على الواجب. وتبقى العدالة من فضيلة الفضائل ولكنها مشكلة المشاكل.

          أقوال فلسفية :

~ كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحقوق التي يتمتع بها الفرد بمجرد أن يولد من غير أن يطالب بها وولف.

~ عندما ندافع عن حق الآخرين فإننا ندافع عن حقوقنا في نفس الوقت. سبينوزا.

~ لما كان الإنسان قد ولد _كما أثبتنا من قبل _ له حق كامل في الحرية وفي التمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة. لوك.

~ العدالة هي إعطاء كل ذي حق حقه سقراط .

~ العدالة هي أداء الفرد لواجبه وامتلاك لما يخصه أفلاطون.

~ إن الواجب يعارض الطبيعة البشرية شوبنهاور.

~ إذا قام كل بواجبه حصل الجميع على حقوقه. دوركايم.

~ الحق ليس هدية تعطى ولا غنيمة تغتصب بل هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب مالك بن النبي.

~ إن أول أساس لحق الطبيعة هو أن يحافظ الإنسان قدر امكانه على أعضاء جسده وعلى حياته هوبز

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

اسئلة متعلقة

...