في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة (2.4مليون نقاط)

خطبة الجمعة بعنوان وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين مكتوبة خطبة وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ملتقى الخطباء 

 وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

مرحباً بكم زوارنا الكرام في موقعنا النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة الجمعة مكتوبة ومؤثرة بعنوان وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ملتقى الخطباء خطبة مختصرة وجاهزة

الإجابة هي كالتالي 

خطبة الجمعة 

 ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ 

   الخطبة الأولى

الحمد لله، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.

معشر المسلمين، يقول جل وعلا في كتابه الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. 

 يخاطب الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام، بأنه مرسل إلى العالمين رحمة، أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين لجميع العوالم من الجن والإنس والحيوانات، أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين. 

فنبينا عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، وهذا من أسمائه، فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ ".

فنبينا عليه الصلاة والسلام أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين، فهو أعظم نعمة على الناس، أعظم نعمة أن أرسل عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم فأخرجهم به من الظلمات إلى النور، وأدخلهم في الإسلام والتوحيد من ظلمات الشرك والكفر، فأنعم الله عليهم بالإسلام، وكان سبب دخولهم في الإسلام هو نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قال الله جل وعلا: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾.

وقال الله جل وعلا: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾.

فالله سبحانه وتعالى أنعم به عليهم نعمة عظيمة، فأكمل الله به الدين، وأتم الله به النعمة، وجعله رحمة للعالمين، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾.

فنبينا عليه الصلاة والسلام جاء رحمة للناس، فأنقذهم الله جل وعلا به، من ظلمات الجهل والكفر والبدع والظلم والفسوق والعصيان إلى نور التوحيد والإسلام، ونور الطاعة والهداية إنها نعمة من الله جل وعلا، أنعم به على الناس.

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. 

 فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة للناس جميعًا، فمن استجاب لهذه الرحمة، شملته رحمة الله الخاصة، شملته رحمة من الله خاصة، وصار من عباد الله المؤمنين، ومن أعرض عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ولم يستجب لدعوته، فإنه لم ينل رحمة الله الخاصة، ولم ينل هذه الرحمة العظيمة، وحرم نفسه من نعمة الإسلام، ومن نعمة الهداية.

نبينا عليه الصلاة والسلام رحمة للأمة.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. 

وقال الله جل وعلا: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

فمن أراد الفلاح فباتباع نبينا عليه الصلاة والسلام، جاء رحمة للناس أخرجهم من ظلمات الكفر، ومن عبادة الأصنام والأوثان، ومن عبادة القبور إلى عبادة الله جل وعلا، وحده لا شريك له، كانوا يعبدون الأوثان، ويعبدون الأصنام، فأخرجهم إلى عبادة الله وحده، فصاروا على التوحيد بعد أن كانوا على الشرك والكفر، دعاهم إلى نور التوحيد، ومن الله به، هداية عظيمة للناس، أخرجهم من الكفر وجعلهم من عباد الله الموحدين. إنها لنعمة عظيمة، نعمة التوحيد ونعمة الإسلام، فمن نال هذه النعمة؛ فليحافظ عليها.

 ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

حافظ على دينك، النبي عليه الصلاة والسلام جاء بهذه الرحمة العظيمة، رحمة الإسلام ورحمة الهداية، بينما كثير من الناس على الكفر والشرك، وعلى اليهودية والنصرانية والمجوسية وغير ذلك من ملل الكفر، وأنت أيها المسلم هداك الله إلى ملة الإسلام باتباعك لنبي الهدى، ونبي الرحمة، نبينا محمد. صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فالنبي عليه الصلاة والسلام جاء بهذه الرحمة العظيمة أعظمها رحمة الإسلام ورحمة التوحيد التي من نالها، كان من عباد الله المفلحين، وكان من أهل الجنان والرضوان.

﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا﴾. 

 ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا﴾.

  هكذا حال المؤمن الذي استجاب للإسلام، فأعظم رحمة جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام، رحمة الإسلام ورحمة التوحيد والاستقامة على الدين.

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ﴾.

 رحمة عظيمة، من استجاب لنبينا عليه الصلاة والسلام، وحافظ على أركان الإسلام، فقد نال هذه الرحمة الخاصة، التي أنعم الله بها على المسلمين.

 فالنبي عليه الصلاة والسلام رحمة على الناس يخرجهم من الظلمات إلى النور، فمن تابع النبي عليه الصلاة والسلام، وعمل مثل عمله فأرشد الناس إلى الإسلام ودعا الناس المشركين إلى عبادة الله وحده، ودعا الناس المعرضين إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فله من هذه المزية، ومن هذه الرحمة بقدر اتباعه وبقدر متابعته لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فالنبي رحمة ومن كان يدعو الناس مثل دعوته، فهو أيضًا رحمة للناس، والنبي عليه الصلاة والسلام كان بالمؤمنين رحيمًا.

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

فكان رحيمًا بالمؤمنين يدعوهم بلين، ويدعوهم برحمة، ويدعوهم بالحكمة ويدعوهم بالرأفة.

  قال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.

  فالله عز وجل جعل نبيه نبي الرحمة، هكذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام، رحمة على المؤمنين، يدعوهم إلى الإسلام، يدعوهم الى التوحيد، يدعوهم إلى المحافظة على الصلوات الخمس، على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام، يدعوهم إلى الألفة والرحمة.

  التراحم بين المسلمين، دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام، دعوة رحمة وألفة ومحبة بين المسلمين.

ولذلك لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية، مهاجرًا من بلاده مكة المكرمة إلى المدينة النبوية، وصل إلى تلك البلدة، فبعد أن بنى المسجد؛ بادر نبينا عليه الصلاة والسلام للمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فكان سببًا في ألفتهم، تآلفوا على الإسلام بعد أن كان الأوس والخزرج، يتقاتلون بينهم قتالًا عظيمًا يستمر دهورًا، جاء نبينا عليه الصلاة والسلام، فألفهم الله به.

 قال الله جل وعلا: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ ألف الله بين تلك القلوب، بسبب نبينا عليه الصلاة والسلام.

 فقد قال للأنصار: "أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي أَلَمْ آتِكُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ بِي، أَلَمْ آتِكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي؟ فقالوا لله ورسوله المنة والفضل". 

 فالله عز وجل جعل لنبيه عليه الصلاة والسلام منة عليهم أن ألف الله بينهم، بنبينا عليه الصلاة والسلام.

دعوة إلى الرحمة والتآلف بين المسلمين، يحب المسلم لأخيه ما يحبه لنفسه.

  "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ". 

 قاله نبينا عليه الصلاة والسلام يعلم الناس الرحمة، والتراحم فيما بينهم. 

 المؤمن للمؤمن يكون رحيمًا ويكون شديدًا على أعداء الإسلام، يكون شديدًا على المحاربين للدين، يكون شديدًا غليظًا على الكفار والمنافقين، وأما على المسلم فيكون رحيمًا به، كما كان نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: " الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

 فكن رحيمًا بالمؤمنين أيها المسلم تفقد حاجة الناس، تعاون مع الناس المسلمين على البر والتقوى. ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

"وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ".

تفقد جارك، تفقد قريبك، تفقد أخاك المسلم أيها المسلم إن القيام في حاجة المسلم أمرها عظيم.

قال النبي عليه الصلاة والسلام: "مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ".

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ؛ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ".

فلنكن على طريقة نبينا صلى الله عليه وسلم، دعاة رحمة، متصفين بالرحمة، نتواصى على الرحمة، كما قال الله عز وجل: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾. 

فنتواصى على التراحم فيما بيننا كما أمرنا الله جل وعلا، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من عباده الراحمين، وأن يجعلنا من عباده المتقين، والحمد لله رب العالمين.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾

  الخطبة الثانية

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، الحمد لله الذي أرسل نبيه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم رحمة للعالمين، وأرسله رؤوفًا رحيمًا بالمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلى يوم الدين.

عباد الله: إذا كنا على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم نتراحم فيما بيننا، وندعو الناس بالرحمة والألفة، فإن لنا نصيبًا من هذه النعمة، ونصيبًا من هذا الثناء، على نبينا عليه الصلاة والسلام.

والنبي صلى الله عليه وسلم يعتبر للناس رحمة في أمور دنياهم، فإن من استجاب له بارك الله له في دنياه.

قال الله سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف:٩٦].

قال الله عز وجل: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق:].

وقال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة لنا في جميع أمورنا.

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

 تأمل هذه الآية وانظر إلى نفسك، هل لك من هذه الصفات التي اتصف بها نبينا عليه الصلاة والسلام.

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾.

  أي: يشق عليه، ما يشق عليكم، هكذا نبينا عليه الصلاة والسلام يعز عليه ما يشق على أمته، فما شق عليهم، يشق عليه.

  ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾.

  النبي عليه الصلاة والسلام حريص علينا أكثر من حرصنا على أنفسنا.

 ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

  ومن رأفته أنه دعاهم وصبر على دعوته، وهو يدعوهم إلى التوحيد ويدعوهم إلى الإسلام وهم يؤذونه، ويسبونه في أول دعوته عليه الصلاة والسلام، لاقى من العداوة من المشركين، ولاقى من أعداء الدين ما لاقى من الأذية، حتى رموه بالحجارة، حتى أدموا كعبيه عليه الصلاة والسلام.

  يتبعه عمه أبو لهب، يرميه بالحجارة، ويقول لا تصدقوه فإنه كذاب، وهو يستمر بدعوته عليه الصلاة والسلام، ويقول:

 " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؛ تُفْلِحُوا " يمشي عليهم في أسواقهم وفي نواديهم، ويقول: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؛ تُفْلِحُوا".

فهذه دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام، صبر على أذيتهم، ذهب إلى الطائف، يدعوهم إلى الإسلام ويدعوهم إلى التوحيد، فسلطوا عليه الصبيان والسفهاء، يرمونه بالحجارة عليه الصلاة والسلام، حتى خرج منها مهمومًا مغمومًا عليه الصلاة والسلام، ولكن الله أيده ونصره الله جل وعلا؛ لأنه خليله ورسوله، ولأنه يدعو الناس إلى التوحيد، لا يريد منهم جزاء ولا شكورًا.

  ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾.

  ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.

  فإن النبي عليه الصلاة والسلام دعا إلى الرحمة، ودعا إلى التوحيد والسنة، ودعا إلى المؤاخاة بين المسلمين، والتراحم بينهم، والتعاطف فيما بينهم، هكذا كانت دعوة النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه أمام أعداء الدين، وأمام المحاربين، كان النبي شديدًا عليهم، وكان المؤمنون أشداء على الكفار رحماء فيما بينهم.

  قال الله عز وجل: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾.

  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾.

  فالمؤمن شديد على أعداء الدين. ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾.

  وقال الله سبحانه عن المؤمنين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾.

فهكذا حال المؤمن ليث على أعداء الدين، لا يستكين لهم، لا يستكين لأعداء الإسلام، بل يكون عزيزًا بدينه، عزيزًا بالإسلام، فليحذر من مداهنة أعداء الدين، ولن تقوم عزة الإسلام والمسلمين إلا إذا رفعوا رؤوسهم بعزة الدين،

 رفعوا رؤوسهم بعزة الإسلام، ولم يذلوا لأعداء الدين، ولم يذلوا لليهود والنصارى والملحدين، وأما ما داموا يسارعون في إرضائهم فإنهم سيبقون في ذلة، ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

  فلن يرضوا عن المسلمين ما داموا يسارعون في إرضائهم.

  قال الله عز وجل عن حال هؤلاء الذين يسارعون في إرضاء الكفار، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾.

  وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

  وقال الله عز وجل: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.

 نسأل الله وعلا أن يعيد للإسلام عزته، وأن يعيد للمسلمين قوتهم، وأن يذل لهم أعدائهم.

اللهم عليك باليهود والنصارى ومن يمكر معهم على الإسلام والمسلمين، اللهم عليك باليهود والنصارى، ومن يمكر معهم على الإسلام والمسلمين، ربنا أرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا متين.

اللهم اجعل بأسهم بينهم شديدًا، اللهم اجعل بأسهم بينهم شديدًا، اللهم اجعل بأسهم بينهم شديدًا، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، يا قوي يا متين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين، الأحياء منهم والأموات، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

====

سلسلة منشورات خطب الجمعة لفضيلة الشيخ الجليل أبي عبدالله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين

اسئلة متعلقة

...