في تصنيف مناهج تعليمية بواسطة (2.4مليون نقاط)

بحث عن نيتشه و الفلسفة الوجودية 

فلسفة الوجود عند نيتشه 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ نيتشه و الفلسفة الوجودية

 

الإجابة هي كالتالي 

نيتشه و الفلسفة الوجودية:

يحرص كثير من الفلاسفة الوجوديين على أن ينسبوا تفكير نيتشه إلى مذهبهم ، ويعدوه واحدا منهم . ولا شك في أن المرونة الكبيرة التي كانت يتصف بها أسلوب نيتشه ، تعين هؤلاء في دعواهم إلى حد بعيد ؛ إذ تقبل كتابات نيتشه تفسيرات عدة ، وتستطيع كثير من المذاهب - كما رأينا من قبل - أن تجتذبه إلى فلكها الخاص . وربما كانت الوجودية أكثر من غيرها نجاحا في هذا الصدد . ومن هنا ، فسوف نتحدث عن العلاقة بين تفكير نيتشه وبين الوجودية بمزيد من الإسهاب لنتبين في آخر الأمر إلى أي مدى يمكن أن يعد نيتشه فیلسوفا وجودا . لا شك في أن الارتباط بين حياة نيتشه وبين تفكيره ، على النحو الذي عرضناه في الفصل الأول ، يقرب بينه وبين كثير من الوجوديين . وإذا كنا قد لاحظنا أن هذا الارتباط إنما يتم عن طريق إثراء الفكر وبعث الحياة فيه ، لا عن طريق امتلاء الحياة واستخلاص الفكر منها ، فإننا سوف نجد له في ذلك بين الوجوديين نظيرا ، وأعني به كيركجورد Kierkegoard ، الذي كانت تجاربه الحية هو الآخر هزيلة شحيحة ، وكان ما في هذه التجارب من عنف راجا إلى أنها هي وحدها – على قلتها - مدار حياته ، وإلى أنه قد وجه إليها وركز عليها من باطن ذاته شحنات عاطفية وانفعالية جعلتها تبدو مليئة بحق . وفي فهم نيتشه للإنسان ما يقربه من الوجودية كثيرا ؛ فمن أهم صفات التفكير الوجودي ، تأكيده تجدد الوجود الإنساني ؛ فليس للإنسان ماهية ثابتة ، بل إن وجودهسابق على ماهيته ، أو هو الذي يكون ماهيته ؛ فمن خلال وجود الإنسان تتحقق ماهيته . وليست له أية ماهية ثابتة تتحدد مقدما . ويكاد نيتشه يعبر عن هذه الفكرة ذاتها حين يصرح بأن الإنسان في محاولة دائمة لا تعرف الاستقرار ؛ فهو لا يرضى بشيء ، ولا يقف عند حد . والإنسان ، على حد تعبيره ، هو الحيوان الذي لم يثبت بعد ، وهو الحيوان الذي لم يصنف أو يحدد نوعه ؛ « ففي الإنسان شيء أساسي ناقص . » وبرغم ذلك ، فإن هذا النقص هو ما يعلي من قدر الإنسان ، فعدم تحدد ماهيته هو الذي مكنه من أن يجدد وجوده على الدوام . ومن هنا عرف الإنسان في كتاب زرادشت بأنه « خالق ذاته Selbstschaffender » ؛ أي إن هذا النقص الأساسي هو مصدر حريته ، وهو الذي يمكنه من تجديد ذاته وخلقها على الدوام . وفي وسعنا أن نفسر فكرة أساسية من أفكار نيتشه ؛ أعني فكرة إرادة القوة ، على نحو يجعل منها مظهرا من مظاهر هذا المبدأ العام الذي تميزت الوجودية بالتنبيه إليه ؛ أعني أن الإنسان كائن يتجاوز ماهيته على الدوام ، ولا يقف بها عند حد . وللإنسان في كل فلسفة وجودية موقف أساسي ، يعبر عما تتميز به أهم اللحظات التي تتبدى فيها إنسانيته . في هذا الموقف يتخلى الإنسان عن كل ثبات ، ويقف في مفترق الطرق ، بين الثبات الذي تركه وتجاوزه ، وبين الطرق المتشعبة التي ترتسم لحريته . هذا الموقف الأساسي هو عند كيركجورد ، القلق ، الذي يراه خير تعبير عن عدم تحدد ماهية الإنسان ؛ لأنه الحالة التي تتفتح فيها أمانة آفاق عديدة قبل أن يستقر على واحد منها . وقد حاول بعض الوجوديين أن يجدوا عند نيتشه موققا مشابها ، فأشاروا إلى فكرة « الخطر » عنده ، والخطر هو « السير في الطريق » ؛ فالإنسان الحقيقي هو الذي يسير في الطريق ؛ أي هو الذي يحاول دائما أن يترك حالته السابقة ليتوجه إلى حالة تعلو عليها ؛ أ أما يقف حيث هو ، ولا يسير في الطريق ، ولا يمارس الشعور بالخطر ، فلم تتحقق إنسانيته بعد ، وهو الذي يسميه نيتشه « بالإنسان الأخير » ، وهنا يكون أوان الكلام عن فكرة أخرى من أفكار نيتشه ، يمكن أن تخضع بدورها لهذا التفسير الوجودي ؛ أعني فكرة « الإنسان الأرقی » التي يمكن أن تفسر على أنها تعبير عن تلك الدعوة إلى تجاوز الماهية الثابتة ، وحشد القوى الخالقة للإنسان حتى يعلو بها على ذاته دواما . ومن قبيل ذلك التقريب أيضا ، تفسير خاص لفكرة العود الأبدي ، على نحو يجعل منها تعبيرا عن رغبة النفس في السيطرة على الزمان ؛ فحين يعود كل ما مضى عددا هي لا متناهيا من المرات ، يستوي عند النفس الماضي والمستقبل ، ويصبح كل ما قمت به ، مستقبلا سأقوم به فيما بعد . وهكذا تتحرر النفس من قيد الماضي بإحالته إلى مستقبل ، وتسيطر الإرادة الخالقة على الزمان في كل مظاهره ، لا في مستقبله فحسب ، وفي هذا الفهم الفكرة العود الأبدي يبدو نيتشه وجودا أكثر من الوجوديين ، الذين اقتصروا على تأكيد سيطرة النفس على المستقبل وتحكمها فيه . وأخيرا ، فأمامنا فكرة أساسية أخرى يمكن أن نتوسل بها في التقريب بين نيتشه وبين الوجوديين ؛ تلك فكرة « موت الإله » عند نيتشه ؛ فهيدجر Heidegger يفسر هذه الفكرة ، في وجهها السلبي ، بأنها لا تنص على الإله المسيحي ، ولا على آلهة الأديان بوجه عام ، بل إن المقصود بها هو « عالم ما فوق المحسوس » ، وعالم الميتافيزيقا والل بوجه عام . فهو في عبارته المشهورة « إن الله قد مات » لا يعبر عن موقفه الشخصي في الإلحاد فحسب ، بل يعبر عن اعتقاده بأن العالم الآخر ، بكل صوره الفلسفية ، قد فقد دعامته وانهار من أساسه ؛ فتلك الفكرة إذن مرتبطة بموقفه من الفلسفات التقليدية الارتباط ، وهي تمهد تمهيدا مباشرا لرفض الميتافيزيقا القديمة ، بحيث لا يتبقى أمام الفكر إلا البحث في القيم ، وتنتقل الفلسفة إلى البحث في الذات ، وفيما له قيمة بالنسبة إليها ، وتلك ذاتها نقطة بداية كل فلسفة وجودية . بل لقد فهمت هذه الفكرة على نحو يقرب بين نيتشه وبين الوجودية تقريبا « إيجابيا » ، لا سلبيا فحسب ، فقيل إنها تعبر - رغم ما يبدو في ظاهرها من نفي لكل حقيقة عليا عن سعي نيتشه إلى « التعالي » Transcendance ، وبينما تبحث الأديان عن التعالي فيما يتجاوز الإنسان ، ويبحث عنه كيركجورد في شخصية « المصلوب » ، فإن نيتشه يريد أن يحقق هذا التعالي ذاته ، ولكن عن طريق الإنسان ، فلم يكن نيتشه بهدف من فكرة موت الإله » إلا إلى إفساح الطريق أمام الإنسان ، حتى يمكنه أن يحقق كل ما تتسع له جهوده . أما التجاء کرکجورد إلى الدين ، فهو أمر يستطيع نيتشه تفسيره ؛ فمن الناس من يلجأ إلى الدين لأنه سئم غيره من الناس ، ورأى حياته عاجزة ، فسعى إلى ما هو أعلى منه . وهو في هذا يقول : « إن العنصر الديني من أخطاء الطبائع العليا التي تعبها صورة الإنسان المنفرة . » ونيتشه ، وإن كان ينفر بدوره من الصورة الحالية للإنسان ، فإنه لا يريد أن يكون ذلك النفور من أجل أية حقيقة عليا ، بل يريد أن يتجاوز الإنسان ذاته بذاته فحسب . فهو ينظر إلى فكرة الله على أنها تمثل الحد النهائي الذي لا تستطيع قدرة الإنسان الخالقة أن تتعداه ؛ فهي إذن عقبة ينبغي إزالتها ، وذلك هو معنى كلمته المشهورة لو كان هناك إله ، فكيف كنت أطيق ألا أكون إلها . ففي رأيه أن بين الله والإنسان في الخلق تعارا ، ولا بد لكي يتسع الطريق أمام قوة الإنسان الخالقة من أن تزاح كل العقبات من طريقه . في كل هذا رأينا تفكير نيتشه يقترب - إذا فهم على نحو معين - - من بعض المبادئ العامة للفلسفة الوجودية ، على أن هذا التقارب إذا كان يرتبط بتفسير خاص لتفكير نيتشه الذي يقبل عديدا من التفسيرات . فليس من شك في أنه لن يكون حاسما . ولعلنا قد لاحظنا أن المبادئ التي يشترك فيها نيتشه مع الفلسفة الوجودية « عامة » إلى أقصى حد ؛ فهي أوسع نطاقا من أن تكون صفات مميزة للفلسفة الوجودية على التخصيص ؛ ففكرة تجدد الوجود الإنساني وعدم ثبات ماهيته ، وما يرتبط بها من دعوة إلى علاء الإنسان بنفسه وتجاوزه لذاته على الدوام ، هذه الفكرة ليست على الإطلاق وفقا على فلاسفة الوجودية ، بل إنها حظ مشترك بين كل الفلسفات الدينامية التي تدعو إلى الحركة وتنبذ الثبات . ونستطيع أن نقول إن عدم ثبات الماهية الإنسانية هو المقدمة الأولى التي تفترضها مقدما كل فلسفة تعتقد بالتطور ، وكل مذهب يؤمن بفاعلية التاريخ . حقا إن المسالك تتشعب بهذه الفلسفات والمذاهب فيما بعد تشنما كبيرا ، غير أنها كلها لا تستطيع أن تخطو خطوة واحدة إلى الأمام لو لم تكن تفترض مقدما قابلية الماهية الإنسانية للتحول والتغير . فتلك إذن فكرة لا تختص بها الفلسفة الوجودية وحدها ، بل إن الوجودية ليست إلا مظهرا متأخرا ، متميزا بطابع فردي خاص ، لهذا الاتجاه العام نحو الحركية والتاريخية في الفلسفة . ولقد كان لنيتشه من العلم موقف لا شك في أنه يميزه عن مختلف التيارات الوجودية تمييزا أساسيا . فمن الواضح أنه كان يتحمس للعلم ويؤمن به إيمانا عميقا . حقا إن فهمه المنهج العلم ورسالته كان متأثرا بالحالة العلمية السائدة في عصره ، بل بالحدود الضيقة ذاته أن يستوعب فيها علوم عصره ، ولكنه على أية حال كان يحمل في نفسه للعلم تقديرا حقيقيا ، وتلك صفة لا تجد لها في الفلسفة الوجودية نظيرا ؛ فالفيلسوف الوجودي قد يتخذ مظهر العطف على العلم ، والتقدير له ، ولكنه في واقع الأمر يعمل وعي أو دون قصد - على زعزعة الثقة في العلم ، وعلى إثبات قصوره عن استيعاب أهم مجالات الحياة البشرية ؛ ذلك لأن الوجودي يؤكد دائما أن للعلم حدودا لا يتعداها ، وهذه حقيقة معترف بها من الجميع ، غير أن الفارق بين المؤمن بالعلم وغير المؤمن به ، أن الأول يعترف بهذه الحقيقة ويعبر في الوقت نفسه عن أمله في أن تضيق هذه الحدود رويدا رويدا . أما الثاني فيعترف بها على أنها حقيقة ثابتة ؛ إذ إن المجال الذي يحيا فيه هو ذاته هذه الحدود التي يقول إن العلم لا يتعداها . فموقف الوجودي إزاء العلم هو موقف الحارس الذي يدافع عن أرضه الخاصة ضد عدو يخشى أن يسلبه إياها . ومن هنا كنا نرى نقطة البداية الأولى للتفكير الوجودي عامة هي تأكيد قصور العلم ووقوفه عاجزا في ميادين معينة ، وفي هذه الميادين ذاتها تبدأ الفلسفة الوجودية نشاطها . ونيتشه في هذا يخالف الوجوديين تماما ؛ فقد كان في فترة غير قصيرة من حياته يتحمس للعلم ويؤمن به إيمانا مباشرا ، ولم يتخل عن إيمانه هذا في بقية الفترات ، ولم يحاول أن يجعل مصير تفكيره مرتبطا بوجود حدود معينة للعلم ، بل لم يكن يجعل من إيضاح هذه الحدود هدفا أصلا لتفكيره كما فعل كثير من الوجوديين ، وعلى رأسهم كارل ياسبرز K. Jaspers . وعلى ذلك ، فانتساب نيتشه إلى الوجودية أمر لا يمكن التسليم به من جميع الوجوه . وإذا كان المرء يجد لديه أفكارا تذكره بأفكار وجودية معينة ، فإن التقارب بينهما لا يمكن أن يتم إلا من خلال تفسير خاص لآرائه ، وقد يكون هذا التفسير متعبنا في كثير من الأحيان . وهكذا تبين لنا أن تفكير نيتشه وإن كان يقترب من بعض المذاهب الفلسفية المعروفة ، فإنه أيضا لا يخضع لواحد من هذه المذاهب خضوعا تاما ، ولن تستطيع أن تجد بينهما اسما شاملا ينتظم كل نواحي تفكيره ، بحيث تندرج تحته فلسفة نيتشه مع غيرها من الفلسفات . كما ومع ذلك ، فصعوبة الاهتداء إلى مذهب معين ينتسب إليه تفكير نيتشه ، لا يعني : قلنا من قبل أن هذا التفكير يفتقر إلى كل وحدة وتماسك ؛ إذ إن وحدة الشخصية لا بد أن تبعث في أعمالها - أيا كان تشبها - نوعا من الوحدة . وإن نفس الروح التي سيطرت على بعض الباحثين ، فأوهمتهم أنهم يمجدون نيتشه حين يصورون تفكيره بصورة التلقائية الوحشية التي لا تخضع للمنطق ولا تحرص على الاتساق ، نفس هذه الروح هي ذاتها التي تحاول ؛ إذ ما تبين لها استحالة اتصاف الشخصية الواحدة يمثل هذا التضارب الجنوني ، أن تقسم تفكير نيتشه الفلسفي إلى فترات متميزة ، لكل منها خصائصه التي تنفرد عن خصائص الفترات الأخرى ، وكأنها بذلك تلجأ إلى آخر سهم في جعبتها ؛ بحيث تقسم تفكيره إلى مراحل رئيسية منفصلة ، بعد أن عجزت عن أن تؤكد الانفصال بين كل لحظات هذا التفكير . فلنختبر إذن هذا الزعم الأخير ، ومن خلال نقدنا له سيتضح لنا العنصر المشترك في تفكير نيتشه ، فإن لم يكن من الممكن إخضاع هذا العنصر لواحد من المذاهب السابقة ، فسوف يظل في وسعنا مع ذلك أن نضمن لفلسفة نيتشه وحدتها ، بل أن نضمن لشخصيته تماسكها واتساقها .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
نيتشه و الفلسفة الوجودية

اسئلة متعلقة

1 إجابة
سُئل مايو 14 في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة alnwrsraby (2.4مليون نقاط)
...