في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

تحليل نص حنا ارندت الإنسان والعمل الآلي 1 ثانوي 

نموذج لتحليل نص داخل الفصل الدراسي

درس "التقنية والعلم"

مستوى الأولى بكالوريا

تحليل نص حنا أرندت:       

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل نص حنا ارندت الإنسان والعمل الآلي 1 ثانوي 

الإجابة هي كالتالي 

- النص:

الإنسان والعمل الآلي

« لعل الفرق الحاسم بين الأدوات والآلات يجد أحسن تجسيد له في النقاش الذي لا تبدو له نهاية حول ما إذا كان على الإنسان أن يتكيف مع الآلة أم أن الآلة هي التي عليها أن تتكيف مع "طبيعة" الإنسان. فإذا كانت وضعية الإنسان تقوم على كونه كائنا مشروطا، كائنا يغدو كل شيء بالنسبة إليه –سواء أكان معطى أو مصنوعا- شرطا لوجوده اللاحق. فإن الإنسان "قد تكيف" مع وسط من الآلات منذ لحظة اختراعه لها، ومن المؤكد أن هذه الأخيرة قد أصبحت تشكل شرطا من شروط وجودنا، شرطا لا محيد عنه، مثلما كانت الأدوات في العصور السابقة.

إن أهمية النقاش ترجع إذن في نظرنا، بدلا من كل ذلك، إلى كون المسألة أصبحت قابلة للطرح. فلم يسبق لنا أن تساءلنا حول ما إذا كان الإنسان متكيفا أو كان في حاجة لأن يتكيف مع الأدوات التي كان يستعملها. فهذا التساؤل إن حصل، سيكون من قبيل البحث عن تكيف الإنسان مع يديه. أما الآلات فهي حالة مختلفة تمام الاختلاف: فبينما كانت الأدوات الحرفية في مختلف مراحل العمل المنتج تظل في خدمة اليد ، نجد أن الآلات تقتضي من العامل أن يكون في خدمتها، وأن يكيف الإيقاع الطبيعي لجسمه مع حركتها الميكانيكية، ولا يعني هذا أن البشر، من حيث هم كذلك، يتكيفون مع آلاتهم أو يخضعون لها، وإنما يعني بالضبط أن سيرورة العمل الميكانيكي خلال المدة الكاملة التي يستغرقها العامل صحبة الآلة هي التي تحل محل إيقاع الجسم البشري.

إن الأداة الأكثر دقة تظل في خدمة اليد، ولا يمكنها أن تقود هذه الأخيرة أو توجهها أو تحل محلها. أما الآلة الأكثر بدائية فإنها تقود العمل الجسدي، بل قد يحدث أن تحل محله تماما.»

- مصدر النص:

H . Arendt ; condition de l’homme moderne , éd. Calman-Lévy, 1961, p.1965.

• عن: مقرر "منار الفلسفة"، السنة الأولى بكالوريا، مسلك الآداب والعلوم الإنسانية، طبعة 2007، ص: 88.

مؤلفة النص: 

حنا أراندت (1906-1975)، مفكرة وناقدة ومنظرة سياسية ألمانية. ترفض حنّه وصفها بالـ "فيلسوفة" وتفضل أن تعتبر "مُنظرة سياسية". حيث أن غالبيّة أعمالها في نطاق "طبيعة القوة" و"السياسة" و"السلطة".. و"الشموليّة". كما أن لها أعمال حول "الحداثة" و"فلسفة التاريخ". 

من أعمالها: "في الثورة"، "جذور التوتاليتارية (الشموليّة)"، "أزمات الجمهورية"، "في العنف".

- تحليل النص:

البنية المفاهيمية: 

الأدوات: هي مصنوعات بسيطة ينجزها الإنسان بيده ويتحكم فيها، ويسخرها لتحقيق وظائف محددة.

  الآلات: هي مخترعات تقنية ناتجة عن التطورات التي حصلت في الأبحاث العلمية، وتتميز بعمل مستقل نسبيا عن تحكم الإنسان بحيث ترغمه لكي يكيف إيقاع جسده معها.

التكيف: هو التأقلم والتوافق حسب إيقاع شيء ما. 

كائن مشروط: أي خاضع لإشراطات أو إكراهات تمارس عليه نوعا من الضغوطات وتحد من حريته. 

   الإيقاع الطبيعي للجسم: العمل التلقائي لأعضاء الجسم الذي يتم بعفوية وحرية، ولا يخضع لأية ضغوطات خارجية. 

  العمل الميكانيكي: هو العمل الآلي الذي يتم وفق النظام الخاص بالآلة وكيفية عملها. 

++ العلاقات بين المفاهيم:  

 

  العلاقة بين الأدوات والآلات: 

 الأدوات تخضع لعمل اليد، بينما الآلات تكيف الجسد مع طبيعة عملها.

العلاقة بين الأدوات والإيقاع الطبيعي للجسم: 

 يستخدم الإنسان الأدوات وفق العمل الطبيعي للجسم. 

العلاقة بين العمل الميكانيكي للآلة والإيقاع الطبيعي للجسم: 

 يعمل الإنسان مضطرا على تكييف الإيقاع الطبيعي لجسمه مع العمل الميكانيكي للآلة.

الأفكار والوحدات الأساسية:

- تربط صاحبة النص حنا أرندت بين مسألة الفرق بين الأدوات والآلات من جهة، وبين الإشكال المتعلق بعلاقة الإنسان مع الآلة من جهة أخرى. وهذا الربط يتمثل في كون الفرق بين الأداة والآلة يتجسد أو يتمظهر من خلال الجدال الدائر حول الإجابة عن الإشكال التالي: هل يجب على الإنسان أن يتكيف مع الآلة أم أن على هذه الأخيرة أن تتأقلم مع الإنسان وتكون تابعة لطبيعة تفكيره ومخططاته؟

إن الفرق بين الأدوات والآلات هو فرق زمني أولا؛ إذ أن صنع الأدوات هو حدث قديم ظهر في حياة الإنسان منذ غابر الأزمان، أما ابتكار الآلات فقد ارتبط ظهوره حديثا مع تطور العلوم وما رافقه من تطور تكنولوجي وتقني. غير أن هناك فرق آخر بينهما يتمثل في أن الإنسان كان يتحكم في الأدوات ويستعملها بالكيفية التي يريد، في حين أن الآلات التقنية الحديثة تؤثر على الإنسان وتمارس عليه نوعا من التحكم، بحيث يكون مضطرا لكي يساير إيقاعها ويتكيف مع نمط اشتغالها الخاص. ولهذا يبدو أن الإنسان يبتكر التقنية، لكنها ما تلبث أن تتجاوزه ويصبح لها نوعا من الوجود والإيقاع الذي ينفلت من الإنسان ويخرج على سيطرته. 

  - أشارت أرندت بعد ذلك إلى أن الإنسان يكون دوما مشروطا بالأوضاع التي يعيش داخلها، بحيث أنه يتأثر بها ويتخذها كمنطلق أو أساس لكل ما سيفعله لاحقا. ومن هنا فقد تأثر الإنسان بعالم الاختراعات التي ابتكرها، بحيث أنها أصبحت تشرطه واضطر للتكيف معها ومسايرة الإيقاع الذي تفرضه عليه. 

  - إن ظهور الآلات التقنية بفضل تطور العلم في حياة الإنسان، هو الذي جعل إشكال علاقة الإنسان بالآلات وتكيفها معها أو تكيفها معه مطروحا للنقاش؛ ذلك أن علاقة الإنسان بالأدوات سابقا لم يطرح مثل هذا الإشكال، لأن هذه الأدوات كانت تحت سيطرة يد الإنسان وتستعملها كيفما شاءت. إذن يبدو أن ظهور الآلات التكنولوجية هو الذي جعل الإنسان يطرح درجة حريته إزاءها؛ أي إلى أي حد هو قادر على التحكم فيها وتكييفها مع رغباته وغاياته التي يمكنه أن يرسمها انطلاقا من إرادته الحرة ؟ لكن يبدو أن شعور الإنسان بسيطرة الآلات التقنية على حياته واضطراره لمسايرتها والتكيف معها، هو الذي دفعه لكي يطرح إشكال علاقته بالتقنية وتكيفه مع آلاتها. 

  - تقارن صاحبة النص بين علاقة الإنسان مع الأدوات من جهة وعلاقته بالآلات من جهة أخرى. وتكشف من خلال هذه المقارنة بأن يد الإنسان كانت تسيطر على الأدوات وتسخرها كيفما تشاء وتتحكم فيها، بينما أصبح الإنسان العامل مرغما على تكييف جسده مع عمل الآلات وأصبح تابعا وخادما لها. لقد أصبح العامل مرغما على أن يقم بعمل متكرر وميكانيكي تفرضه السيرورة الخاصة بعمل الآلة. وهذا سيؤثر حتما على حريته وسيؤدي إلى تبليده وفقدانه للكثير من حريته. 

  - وتؤكد حنا أرندت في آخر النص بأن الأدوات مهما كانت دقيقة فهي تظل تحت سيطرة يد الإنسان، بينما الآلات مهما كانت قديمة فهي تضطر الجسد البشري لكي يتكيف معها ويكون تابعا لها.

الأساليب الحجاجية ووظائفها:

استخدمت حنا أرندت مجموعة من الأساليب الحجاجية في نصها، يمكن الإشارة إليها كما يلي:

 أسلوب الشرط: ( إذا كانت وضعية الإنسان ... فإن الإنسان قد تكيف ... )

مادام الإنسان مشروطا بظروفه الواقعية، فإنه قد اضطر لكي يتكيف مع عالم الآلات الذي اخترعه. 

 أسلوب التأكيد: ( ومن المؤكد أن ...)

 التأكيد على أن الآلات أصبحت شرطا من شروط الوجود البشري. 

 أسلوب المماثلة: (مثلما كانت الأدوات...)

 مثلما كانت الأدوات تشرط وجود الإنسان سابقا، فقد أصبح هذا الوجود مع تطور التقنية مشروطا بوجود العمل الآلي. 

 أسلوب المقارنة: (بينما كانت الأدوات ... نجد أن الآلات...)   

 كانت الأدوات في خدمة اليد بينما أصبح العامل في خدمة الآلات. 

أسلوب التفسير والتوضيح: (ولا يعني هذا أن ... وإنما يعني بالضبط ...)

 لا يخضع الإنسان تماما للآلة، وإنما يحل العمل الميكانيكي محل الجسم البشري. 

 أسلوب المقارنة مع التأكيد والنفي: (إن الأداة .. ولا يمكنها .. أما الآلة.. فإنها ..)

 تقارن صاحبة النص بين الأداة والآلة؛ فتؤكدأن الأداة الأكثر تطورا تظل دوما في خدمة اليد، وتنفي أن يكون بإمكان الأداة أن تحل محل اليد. وعلى العكس من ذلك تؤكد على أن الآلة تتحكم في الجسم البشري وتكيفه على إيقاعها، وقد تحل محله في بعض الأحيان.

* أطروحة النص:  

في الوقت الذي كان الإنسان يصنع الأدوات ويتحكم فيها بواسطة عمله اليدوي، فإنه قد أصبح مضطرا لكي يكيف إيقاع حركاته الجسدية مع العمل الميكانيكي الصادر عن الآلات. وهذا من شأنه أن ينعكس سلبا على نفسيته وحريته. 

 * إشكال النص: 

ما الفرق بين علاقة الإنسان بالأدوات وعلاقته بالآلات؟ وهل بإمكان العمل الميكانيكي للآلة أن يسيطر على إيقاع الجسد البشري ويكيفه مع طبيعة عمله؟

 * مناقشة النص:

أ- مستوى التثمين:

نؤكد مع أراندت بأن الآلات التقنية أصبحت تشكل شرطا أساسا للوجود الإنساني، إذ لا يمكنه الاستغناء عنها. كما يمكن الإقرار مع صاحبة النص بأن الآلة أصبحت تفرض إيقاعها أثناء العمل، وأضحى الإنسان يضطر لتكييف جسمه مع الإيقاع التقني والميكانيكي الذي يفرضه العمل الآلي. وبطبيعة الحال فهذا يجعل الإنسان في وضعية التابع والمنفعل بدل أن يكون حرا وفاعلا.

ب- مستوى النقد:

لكن بالرغم من أن العمل الآلي أصبح يعوض أحيانا العمل الجسدي، فإن الإسان يظل مع ذلك هو المبتكر والمبرمج والمتحكم في عمل الآلة في آخر المطاف، كما أنه يسخرها لخدمة أغراضه وتحقيق رفاهية العيش. ولذلك ينبغي الإقرار بهامش الحرية الذي يملكه الإنسان في برمجة عمل الآلة وجعلها مكملة لما لم يستطع جسده القيام به.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
نموذج لتحليل نص داخل الفصل الدراسي

درس "التقنية والعلم"تحليل نص حنا أرندت

نموذج لتحليل نص داخل الفصل الدراسي

درس "التقنية والعلم"

مستوى الأولى بكالوريا

مستوى أولى ثانوي

نموذج لتحليل نص داخل الفصل الدراسي

درس "التقنية والعلم"

مستوى الأولى بكالوريا

تحليل نص حنا أرندت:       

- النص:

الإنسان والعمل الآلي

« لعل الفرق الحاسم بين الأدوات والآلات يجد أحسن تجسيد له في النقاش الذي لا تبدو له نهاية حول ما إذا كان على الإنسان أن يتكيف مع الآلة أم أن الآلة هي التي عليها أن تتكيف مع "طبيعة" الإنسان. فإذا كانت وضعية الإنسان تقوم على كونه كائنا مشروطا، كائنا يغدو كل شيء بالنسبة إليه –سواء أكان معطى أو مصنوعا- شرطا لوجوده اللاحق. فإن الإنسان "قد تكيف" مع وسط من الآلات منذ لحظة اختراعه لها، ومن المؤكد أن هذه الأخيرة قد أصبحت تشكل شرطا من شروط وجودنا، شرطا لا محيد عنه، مثلما كانت الأدوات في العصور السابقة.

إن أهمية النقاش ترجع إذن في نظرنا، بدلا من كل ذلك، إلى كون المسألة أصبحت قابلة للطرح. فلم يسبق لنا أن تساءلنا حول ما إذا كان الإنسان متكيفا أو كان في حاجة لأن يتكيف مع الأدوات التي كان يستعملها. فهذا التساؤل إن حصل، سيكون من قبيل البحث عن تكيف الإنسان مع يديه. أما الآلات فهي حالة مختلفة تمام الاختلاف: فبينما كانت الأدوات الحرفية في مختلف مراحل العمل المنتج تظل في خدمة اليد ، نجد أن الآلات تقتضي من العامل أن يكون في خدمتها، وأن يكيف الإيقاع الطبيعي لجسمه مع حركتها الميكانيكية، ولا يعني هذا أن البشر، من حيث هم كذلك، يتكيفون مع آلاتهم أو يخضعون لها، وإنما يعني بالضبط أن سيرورة العمل الميكانيكي خلال المدة الكاملة التي يستغرقها العامل صحبة الآلة هي التي تحل محل إيقاع الجسم البشري.

إن الأداة الأكثر دقة تظل في خدمة اليد، ولا يمكنها أن تقود هذه الأخيرة أو توجهها أو تحل محلها. أما الآلة الأكثر بدائية فإنها تقود العمل الجسدي، بل قد يحدث أن تحل محله تماما.»

- مصدر النص:

H . Arendt ; condition de l’homme moderne , éd. Calman-Lévy, 1961, p.1965.

• عن: مقرر "منار الفلسفة"، السنة الأولى بكالوريا، مسلك الآداب والعلوم الإنسانية، طبعة 2007، ص: 88.

مؤلفة النص:

حنا أراندت (1906-1975)، مفكرة وناقدة ومنظرة سياسية ألمانية. ترفض حنّه وصفها بالـ "فيلسوفة" وتفضل أن تعتبر "مُنظرة سياسية". حيث أن غالبيّة أعمالها في نطاق "طبيعة القوة" و"السياسة" و"السلطة".. و"الشموليّة". كما أن لها أعمال حول "الحداثة" و"فلسفة التاريخ".

من أعمالها: "في الثورة"، "جذور التوتاليتارية (الشموليّة)"، "أزمات الجمهورية"، "في العنف".

- تحليل النص:

البنية المفاهيمية:

الأدوات: هي مصنوعات بسيطة ينجزها الإنسان بيده ويتحكم فيها، ويسخرها لتحقيق وظائف محددة.

  الآلات: هي مخترعات تقنية ناتجة عن التطورات التي حصلت في الأبحاث العلمية، وتتميز بعمل مستقل نسبيا عن تحكم الإنسان بحيث ترغمه لكي يكيف إيقاع جسده معها.

التكيف: هو التأقلم والتوافق حسب إيقاع شيء ما.

كائن مشروط: أي خاضع لإشراطات أو إكراهات تمارس عليه نوعا من الضغوطات وتحد من حريته.

   الإيقاع الطبيعي للجسم: العمل التلقائي لأعضاء الجسم الذي يتم بعفوية وحرية، ولا يخضع لأية ضغوطات خارجية.

  العمل الميكانيكي: هو العمل الآلي الذي يتم وفق النظام الخاص بالآلة وكيفية عملها.

++ العلاقات بين المفاهيم:  

 

  العلاقة بين الأدوات والآلات:

 الأدوات تخضع لعمل اليد، بينما الآلات تكيف الجسد مع طبيعة عملها.

العلاقة بين الأدوات والإيقاع الطبيعي للجسم:

 يستخدم الإنسان الأدوات وفق العمل الطبيعي للجسم.

العلاقة بين العمل الميكانيكي للآلة والإيقاع الطبيعي للجسم:

 يعمل الإنسان مضطرا على تكييف الإيقاع الطبيعي لجسمه مع العمل الميكانيكي للآلة.

الأفكار والوحدات الأساسية:

- تربط صاحبة النص حنا أرندت بين مسألة الفرق بين الأدوات والآلات من جهة، وبين الإشكال المتعلق بعلاقة الإنسان مع الآلة من جهة أخرى. وهذا الربط يتمثل في كون الفرق بين الأداة والآلة يتجسد أو يتمظهر من خلال الجدال الدائر حول الإجابة عن الإشكال التالي: هل يجب على الإنسان أن يتكيف مع الآلة أم أن على هذه الأخيرة أن تتأقلم مع الإنسان وتكون تابعة لطبيعة تفكيره ومخططاته؟

إن الفرق بين الأدوات والآلات هو فرق زمني أولا؛ إذ أن صنع الأدوات هو حدث قديم ظهر في حياة الإنسان منذ غابر الأزمان، أما ابتكار الآلات فقد ارتبط ظهوره حديثا مع تطور العلوم وما رافقه من تطور تكنولوجي وتقني. غير أن هناك فرق آخر بينهما يتمثل في أن الإنسان كان يتحكم في الأدوات ويستعملها بالكيفية التي يريد، في حين أن الآلات التقنية الحديثة تؤثر على الإنسان وتمارس عليه نوعا من التحكم، بحيث يكون مضطرا لكي يساير إيقاعها ويتكيف مع نمط اشتغالها الخاص. ولهذا يبدو أن الإنسان يبتكر التقنية، لكنها ما تلبث أن تتجاوزه ويصبح لها نوعا من الوجود والإيقاع الذي ينفلت من الإنسان ويخرج على سيطرته.

  - أشارت أرندت بعد ذلك إلى أن الإنسان يكون دوما مشروطا بالأوضاع التي يعيش داخلها، بحيث أنه يتأثر بها ويتخذها كمنطلق أو أساس لكل ما سيفعله لاحقا. ومن هنا فقد تأثر الإنسان بعالم الاختراعات التي ابتكرها، بحيث أنها أصبحت تشرطه واضطر للتكيف معها ومسايرة الإيقاع الذي تفرضه عليه.

  - إن ظهور الآلات التقنية بفضل تطور العلم في حياة الإنسان، هو الذي جعل إشكال علاقة الإنسان بالآلات وتكيفها معها أو تكيفها معه مطروحا للنقاش؛ ذلك أن علاقة الإنسان بالأدوات سابقا لم يطرح مثل هذا الإشكال، لأن هذه الأدوات كانت تحت سيطرة يد الإنسان وتستعملها كيفما شاءت. إذن يبدو أن ظهور الآلات التكنولوجية هو الذي جعل الإنسان يطرح درجة حريته إزاءها؛ أي إلى أي حد هو قادر على التحكم فيها وتكييفها مع رغباته وغاياته التي يمكنه أن يرسمها انطلاقا من إرادته الحرة ؟ لكن يبدو أن شعور الإنسان بسيطرة الآلات التقنية على حياته واضطراره لمسايرتها والتكيف معها، هو الذي دفعه لكي يطرح إشكال علاقته بالتقنية وتكيفه مع آلاتها.

  - تقارن صاحبة النص بين علاقة الإنسان مع الأدوات من جهة وعلاقته بالآلات من جهة أخرى. وتكشف من خلال هذه المقارنة بأن يد الإنسان كانت تسيطر على الأدوات وتسخرها كيفما تشاء وتتحكم فيها، بينما أصبح الإنسان العامل مرغما على تكييف جسده مع عمل الآلات وأصبح تابعا وخادما لها. لقد أصبح العامل مرغما على أن يقم بعمل متكرر وميكانيكي تفرضه السيرورة الخاصة بعمل الآلة. وهذا سيؤثر حتما على حريته وسيؤدي إلى تبليده وفقدانه للكثير من حريته.

  - وتؤكد حنا أرندت في آخر النص بأن الأدوات مهما كانت دقيقة فهي تظل تحت سيطرة يد الإنسان، بينما الآلات مهما كانت قديمة فهي تضطر الجسد البشري لكي يتكيف معها ويكون تابعا لها.

الأساليب الحجاجية ووظائفها:

استخدمت حنا أرندت مجموعة من الأساليب الحجاجية في نصها، يمكن الإشارة إليها كما يلي:

 أسلوب الشرط: ( إذا كانت وضعية الإنسان ... فإن الإنسان قد تكيف ... )

مادام الإنسان مشروطا بظروفه الواقعية، فإنه قد اضطر لكي يتكيف مع عالم الآلات الذي اخترعه.

 أسلوب التأكيد: ( ومن المؤكد أن ...)

 التأكيد على أن الآلات أصبحت شرطا من شروط الوجود البشري.

 أسلوب المماثلة: (مثلما كانت الأدوات...)

 مثلما كانت الأدوات تشرط وجود الإنسان سابقا، فقد أصبح هذا الوجود مع تطور التقنية مشروطا بوجود العمل الآلي.

 أسلوب المقارنة: (بينما كانت الأدوات ... نجد أن الآلات...)   

 كانت الأدوات في خدمة اليد بينما أصبح العامل في خدمة الآلات.

أسلوب التفسير والتوضيح: (ولا يعني هذا أن ... وإنما يعني بالضبط ...)

 لا يخضع الإنسان تماما للآلة، وإنما يحل العمل الميكانيكي محل الجسم البشري.

 أسلوب المقارنة مع التأكيد والنفي: (إن الأداة .. ولا يمكنها .. أما الآلة.. فإنها ..)

 تقارن صاحبة النص بين الأداة والآلة؛ فتؤكدأن الأداة الأكثر تطورا تظل دوما في خدمة اليد، وتنفي أن يكون بإمكان الأداة أن تحل محل اليد. وعلى العكس من ذلك تؤكد على أن الآلة تتحكم في الجسم البشري وتكيفه على إيقاعها، وقد تحل محله في بعض الأحيان.

* أطروحة النص:  

في الوقت الذي كان الإنسان يصنع الأدوات ويتحكم فيها بواسطة عمله اليدوي، فإنه قد أصبح مضطرا لكي يكيف إيقاع حركاته الجسدية مع العمل الميكانيكي الصادر عن الآلات. وهذا من شأنه أن ينعكس سلبا على نفسيته وحريته.

 * إشكال النص:

ما الفرق بين علاقة الإنسان بالأدوات وعلاقته بالآلات؟ وهل بإمكان العمل الميكانيكي للآلة أن يسيطر على إيقاع الجسد البشري ويكيفه مع طبيعة عمله؟

 * مناقشة النص:

أ- مستوى التثمين:

نؤكد مع أراندت بأن الآلات التقنية أصبحت تشكل شرطا أساسا للوجود الإنساني، إذ لا يمكنه الاستغناء عنها. كما يمكن الإقرار مع صاحبة النص بأن الآلة أصبحت تفرض إيقاعها أثناء العمل، وأضحى الإنسان يضطر لتكييف جسمه مع الإيقاع التقني والميكانيكي الذي يفرضه العمل الآلي. وبطبيعة الحال فهذا يجعل الإنسان في وضعية التابع والمنفعل بدل أن يكون حرا وفاعلا.

ب- مستوى النقد:

لكن بالرغم من أن العمل الآلي أصبح يعوض أحيانا العمل الجسدي، فإن الإسان يظل مع ذلك هو المبتكر والمبرمج والمتحكم في عمل الآلة في آخر المطاف، كما أنه يسخرها لخدمة أغراضه وتحقيق رفاهية العيش. ولذلك ينبغي الإقرار بهامش الحرية الذي يملكه الإنسان في برمجة عمل الآلة وجعلها مكملة لما لم يستطع جسده القيام به.

اسئلة متعلقة

...