في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة (2.4مليون نقاط)

خطبة الجمعة بعنوان الإسلام وبناء الضمير اليَقِظ مكتوبة خطبة مؤثرة عن الأقصى فلسطين 

خطبة عن الضمير ملتقى الخطباء خطبة الجمعة بعنوان الإسلام وبناء الضمير اليَقِظ

خطبة الجمعة بعنوان الإسلام وبناء الضمير اليَقِظ بتاريخ الجمعة 12 ربيع الآخر ١٤٤٥هـ الموافق 27 أكتوبر 2023م

مرحباً بكم زوارنا الكرام في موقعنا النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة الجمعة بعنوان الضمير الإسلامي ومصير الأمة المتخاذلة 

الإجابة هي كالتالي 

خطبة الجمعة بعنوان الإسلام وبناء الضمير اليَقِظ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربِ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ الأمين ﷺ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، وبعد 

يقولُ اللهُ تعالى في محكمِ التنزيل (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (٦١) يونس.

وعن وابصة بن مَعْبَد الأسَدِي أن رسولَ اللهِ ﷺ قال له: "جئتَ تسألُ عن البرِّ والإثمِ؟ "قلت": نعم فقال: استَفْتِ قلبَك: البِرُّ ما اطمأنَّتْ إليه النَّفسُ واطمأنَّ إليه القلبُ، والإثمُ ما حاك في النَّفسِ وتردَّدَ في الصَّدرِ، وإن أفتَاك الناسُ وأَفْتَوْك" أخرجه أحمد.

أيها المسلمون

إن الإسلامَ يُربِي في نفسِ المُسلم الشعور الداخلي بالمسؤولية أولاً في عِبادةِ اللهِ تعالى، وثانياً في التعامل مع الناس، وثالثاً في السَعِي الصالح نحو عِمارةِ الأرضِ بما يَتيسَر له من مَوارد ومواهب، وبالتالي فمن زكَّى الرقيب الداخلي في نَفسِه ليحمِلَها على الصلاح ويُبعِدَها عن الفساد فقد امتلك الضمير اليَقِظ.

واِعلَم أخي الحبيب أن الإسلامَ يُربِي الضميرَ ليَظلَ يَقِظاً وحَيَّاً بعِدة عوامل أهمها الإيمان؛ فإنه يزرعُ في القلوبِ محبة اللهِ تعالى، والخوف منه، وخشيته، ورجاء ثوابِه وهذا يدفع المؤمن للمسارعة إلى الخيرِ والكف عن الشر قال تعالى (وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) المؤمنون ٥٩-٦١.

والذي يتدبر الآيات الأولى من سورةِ المؤمنون يُدرِك أن الإيمان الحقيقي هو أصلُ كلِ خيرٍ، وهو العاصمُ من كلِ شر؛ ولذلك رأينا الإيمان يتجسَّد في العبادة (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ويتجسَّد في الترفع عن الباطل في الحياة (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ويتجسَّد في الرحمة والإحسان تجاه الشرائح الضعيفة في المجتمع (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) ويتجسَّد في الانضباط في الشهوات فلا إشباع لها إلا في المباح (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) ويتجسَّد في المسؤولية العالية في رعاية الأمانات والعهود: أمانة الحُكم، وأمانة الوظيفة العامة، وأمانة المهنة، وأمانة التجارة، وأمانة الزراعة، وأمانة الممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى الوفاء بكافة العهود التي يقطعها المسلمُ مع الآخرين (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون ٨.

والإسلام يُرَبِي الضمير كذلك بالعبادات التي تُنَّمي الحِس الأخلاقي في المسلم، وتزكِّو بنفسِه في فضاءات الخير وكبح جِماح الشر قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة ٢١، فمن لم تسمُ العبادات بضميرِه فتُحصِنه من الشر وتزرع فيه المبادرة إلى الخير فقد فاته مقصدها قال تعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) العنكبوت ٤٥.

ولذلك يؤدي التقصير والتساهل في العبادات إلى ضعف الحس الأخلاقي وغفلة الضمير فتُفَوِّت على المسلم ثمرة العبادة قال تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) الماعون. 

والإسلام يُرَبِي الضمير من خلال حث المُسلِم على مراقبةِ اللهِ تعالى في جميعِ أقوالِه وأفعالِه قال تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) الزخرف 80. إن استشعار أن أقوالَنا وأعمالَنا مرصودة وتُعرضُ يوم القيامةِ أمام اللهِ تعالى إنما يرفع من إحساسنا بالمسؤولية فيما يصدر مِنَّا قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) المجادلة ٧.

ولذلك امتنع يوسف عليه السلام من فعل الفاحشة بعد أن تهيأت له أسبابها (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) يوسف ٢٣؛ إنه الضمير اليقظ المُسَدد بحفظِ اللهِ تعالى.

والإسلام يُغذِي الضمير ببناء مجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرِ الذي تضيق فيه دائرة النفاق والفساد فيصيرُ المعروف نظاماً عاماً، والمنكرُ كلمةً شاذةً لا تجدُ لها مكانًا فيه قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران 103؛ وبالتالي ينشأ ضمير الأجيال على حبِ الخيرِ وكُرهِ الشر.

والإسلام يُرَبِي الضمير بالتربية الصالحة والتي نواتُها الأسُرة؛ فإن واجبَ الوالدين حُسن تربية أبنائِهما؛ ولا شك أن غرس الإيمان والقِيم في الأبناء منذ الصِغَر يرفع لديهم الإحساس باليَقظة الإيمانية والسلوكية؛ ولذلك نجد في القرآن الكريم وصية لقمان لابنِه وهو يدعوه إلى الالتزام الإيماني والأخلاقي والسلوكي في الحياة؛ فيُوصِيه بالإيمانِ باللهِ تعالى والبعد عن الشرك به (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، ويُوصِيه بالصلاة، وأن يكون مُصلِحاً في المجتمع داعياً إلى الخير وناهياً عن الشر، ويُوصِيه كذلك بالصبر على المصائب إذا حلت به (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، ويُوصيِه بالإحسان إلى الوالدين (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ)، وباتباع سبيل المُصلِحين (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ومراقبةَ اللهِ تعالى (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، ويُوصِيه بالتواضع مع الناس، والإصغاء إليهم في الحديث، وعدم الترفع عنهم (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، ويُوصيه بالاعتدال في المشي والحديث (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) لقمان.

وهذا رسولُ اللهِ ﷺ يُوصي ابن عمه الغلام عبد الله بن عباس رضي اللهُ عنهما فيقول له: "يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ" أخرجه الترمذي وأحمد.

والإسلام يُرَبِي الضمير بالقدوة الحسنة؛ وأكمل القدوات هم الرسل عليهم السلام الذين أرسلَهم اللهُ تعالى لهدايةِ الناسِ من الظلماتِ إلى النور، وجعلَهم أكمل البشر إيماناً، وأفضلهم خلقاً ومعاملةً، وأكثرهم اتصافاً بالأمانة، والعدل، والرحمة، والرأفة، واللين، والتواضع، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، والإنفاق، والشفقة على الناس وقيادتهم بالحُسنى إلى فعلِ الخيرات والترفع عن المنكرات. إن هذه القيم ومثلها أكثر إنما غرسها اللهُ تعالى فيهم ليقتدِي بهم الناس قال تعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب، وقال (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) الممتحنة، وقال (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) الأنعام.

  والإسلام يُرَبِي الضمير بالترغيب في الأعمال الحسنة وما يترتب عليها من ثوابٍ عظيمٍ يوم القيامة، والترهيب من الأعمال السيئة وما ينتظرها من جزاءٍ في الدنيا والآخرة قال تعالى (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ* فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) الزلزلة. وقال (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا* وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) طه.

وقال مُصوِراً يوم القيامة (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى* يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى* وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى* فَأَمَّا مَنْ طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النبأ.

أيها المسلمون

نعيش اليوم صوراً من ضعف الضمير المسلم؛ ففي بلادِنا التي تعيشُ حرباً منذ ستةَ أشهر رأينا جملة من الممارسات المجتمعية التي تعكسُ موت الضمير وليس ضعفَه فقط؛ فمثلاً نَزَح بسبب الحرب أكثر من اثنين مليون سوداني من العاصمة إلى الولايات تاركين وراءهم ديارَهم وممتلكاتَهم، وقد استقبلهم كثيرٌ من أهلِ الأريافِ وبعضُ سكانِ المدن بالترحاب ووفروا لهم الإيواء وساهموا معهم في الإطعام؛ ولكن كثيراً من أهلِ المدن رفعوا إيجارات المنازل إلى أكثر من خمسةِ أضعاف ثمنها الحقيقي في ظل انعدام الدخل المادي؛ فأيُ موتٍ للضمير أكثر من هذا ونحن نستغل من فقد أموالَه وممتلكاتَه: هل يَجِدَها مِنَّا أم يَجِدَها ممن سَلَب حصادَ عمرِه؟

وأي موتٍ للضمير أكثر من استغلال بعضِ التجار للأزمات عبر بيع السلع النادرة -كالوقود والصابون قبل أن يتوفر-؛ تاركين المجتمع يعيش في حالة مشقة وعُسرٍ لا يُوصَف وهو يُعاني أساساً من آثار الحرب؟!

وأيُ موتٍ للضمير أكثر من المساهمة في إشعال الحرب للحصول على السلطة ولو على أشلاء دماء المسلمين وتهجيرهم من ديارهم ناسين حديث النبي ﷺ: "لَزَوَالُ الدنيا أهونُ على اللهِ مِن قتلِ رجلٍ مسلمٍ" الترمذي؟!

وأي موتٍ للضمير أكثر من اعتبار أموال وممتلكات سكان العاصمة غنيمة حرب يجوز امتلاكُها، وأي موتٍ للضمير وكثيرٌ من الأسُر رحبت بهذا النهب من أبنائِها دون أن تتدخل لإرجاع المال لأصحابه ناسين حديث النبي ﷺ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ" مسلم.

وأي موتٍ للضمير ومازال بعضُ مُقدمي الخدمة للجمهور يأخذون الرشاوي مقابل الإنجاز السريع للخدمة على حساب مَن سَبَق من المواطنين ناسين الحديثَ الذي أخرجه أبو داود: "لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ الرَّاشي والمُرتَشي".

الحديث 

عن أم سلمة رضي اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ ﷺ: "إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ" البخاري.

أو كما قال أقول ما تسمعون واستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفرُوه إنه هو الغفورُ الرحيم.

تابع قراءة الخطبة الثانية مع الدعاء في أسفل الصفحة التالية 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الخطبة الثانية

خطبة الجمعة بعنوان الإسلام وبناء الضمير اليَقِظ

الحمدُ للهِ ربِ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المُرسلين سيدِنا محمدٍ ﷺ وعلى آله وصحبِه أجمعين، وبعد

يقولُ اللهُ تعالى في محكمِ التنزيل (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) الصافات.

وعن ثوبان مَولَى رسول اللهِ ﷺ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: "يُوشِكُ الأممُ أن تَداعَى عليكم كما تَداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها. فقال قائلٌ: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ، ولينزِعَنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ! وما الوهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ" صحيح أبي داود.

أيها المسلمون

تُعاني أمتُنا ممثلةً في حكوماتِنا من موتٍ للضمير؛ كيف لا وهي لا تستطيع أن تخطو خطوات ملموسة تجاه العدوان الصهيوني على غزة؛ أقلها إغلاق السفارات الإسرائيلية وطرد السفراء الإسرائيليين من العواصم العربية والإسلامية خاصةً بعد إبادة الكيان المغتصب لأكثر من ٥٠٠ فلسطيني في ضربةٍ واحدةٍ على مستشفى المَعمَدَانِي في غزة يوم الثلاثاء الماضي؟!

وأيُ موتٍ للضمير والدول الغربية التي كانت تُصدِر البيانات بإدانة دول العالم الثالث بسبب التعدي على حرية التعبير داخلها؛ بينما هي اليوم تُمارس عبر الفيس بوك وبعض تطبيقات التواصل الاجتماعي أكبر عملية تعدٍ على حرية التعبير للمنشورات التي تدعم القضية الفلسطينية وتفضح الإبادة الجماعية التي يقوم بها الصهاينة تجاه المدنيين العُزَل في غزة.

وأي موتٍ للضمير أكثر من موقف الدول الغربية التي كانت تُصدِر العقوبات على بعض الدول بسبب ارتكابِها لجرائمِ الحرب داخلها؛ بينما هي اليوم تدعم بالمال والسلاح أكبر عملية إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في غزة؟!

إن الغرب اليوم يتهاوى في القيم وينسف صحوة الضمير التي انتظمته منذ منتصف القرن الماضي ويكشف عن وجهِه العدواني السافر؛ أما إسرائيل فهذا العدوان ليس غريباً عليهم فقد ورِثُوا صفات سلَفَهم التي وصفها اللهُ تعالى وصفاً دقيقاً قال تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة ٧٤.

حتى الحجارة تتفجر منها الأنهار، وتخرج منها عيون الماء، وتخشع خشيةً لله تعالى الذي خلقها، إلا هم فما يصدر عنهم إلا ما يُشبِه قلوبَهم.

أيها المسلمون

إن مايحدث اليوم في غزة هو امتحانٌ للضمير الإنساني والضمير الإسلامي وقد فشل فيه الكثيرون؛ وعلينا كمسلمين دعم إخواننا في غَزَة بالدعاء والتضرع إلى اللهِ تعالى بنصرِهم، والقنوت لله في كلِ صلاةٍ بهزيمة عدوِهم، ويجب ألا تُنسينا مصيبة الحرب التي نعيشُها في بلادِنا بما فيها من مأساة من التضامن القلبي مع إخواننا، والدعاء لهم بالنصر، وقطع الطريق أمام أي محاولة للتطبيع بين بلادِنا والكيان الصهيوني المغتصب.

ولنعلم جميعاً أن النصر آتٍ بإذن الله وإن تأخر قليلاً قال تعالى (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) المجادلة.

اللهم نصرك المؤزر لعبادك المجاهدين في فلسطين، ورحمتك بالضعفاء من النساء والأطفال والكبار.

اللهم أنزل بأسك وغضبك بهذا الكيان المغتصب وكل من عاونَه في هذه الإبادة الجماعية.

اللهم أرِنا فيهم يوماً كيومِ عادٍ وثمودَ ومدينَ والأحزاب.

اللهم أرحمنا فأنت بنا راحم ولا تُعذِبنا فإنك علينا قادر والطف بنا فيما جرت به المقادير إنك على كلِ شيءٍ قدير وأقم الصلاة.

اسئلة متعلقة

...