في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة (2.4مليون نقاط)

تحليل ومناقشة نص "جان بول سارتر"(منار الفلسفة) مجزوءة الوضع البشري: إشكال"وجود الغير"

 مواضيع فلسفية جاهزة :                                   

جميع الشعب العلمية وادبية

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تحليل ومناقشة نص "جان بول سارتر"(منار الفلسفة) مجزوءة الوضع البشري: إشكال"وجود الغير"

الإجابة هي كالتالي 

تحليل ومناقشة نص "جان بول سارتر"(منار الفلسفة)

مجزوءة الوضع البشري: إشكال"وجود الغير"

يتحدد الوضع البشري بمجموعة من الشروط اللازمة لوجود الإنسان، والتي تحدد سقف إمكانياته ضمن هذا الوجود. فكل شخص هو كيان ذاتي قائم بذاته، إلا أنه منفتح في نفس الآن على الأغيار في إطار نسيج معقد من العلاقات البين-ذاتية، قوامها التشابه والاختلاف، والقرابة والغرابة، والتفهم والتشييء... فإذا كان وعي الذات يشكل مقوما ماهويا من مقومات الشخص، وإذا كان الغير كيانا خارجيا مستقلا عن الذات وفي نفس الآن متواشج معها بالعديد من الوشائج، فهل تحقق الذات وعيها بحقيقة وجودها من خلال التأمل الداخلي الخالص، أم أن هذا الوعي متوقف على وساطة الغير؟ أو بعبارة أخرى، ما هي أهمية الغير الوجودية بالنسبة لوعي الشخص بذاته؟ هل وجوده ضروري أم انه ممكن وجائز فحسب؟

وما هي القيمة الحجاجية للنص؟ وما هي حدود أطروحته بالمقارنة مع المقاربات الأخرى التي انشغلت بنفس الاشكال؟

في سبيل الإجابة عن هذا الإشكال، بلور صاحب النص أطروحة فلسفية مضمونها أن الغير هو الوسيط الضروري بين الذات ووعيها، إذ بحضوره- المادي أو الرمزي- يصبح بمقدور الذات أن تصدر أحكاما على نفسها كما تصدرها على الموضوعات الخارجية, إذ أن أفعالها العفوية تبقى بدون دلالة، فلا يعطيها تحددها وتعينها إلا الاختيار الذاتي الاعتباطي، أو النظرة الخارجية التي يسلطها الغير عليها، مع أنها نظرة مشيئة تشل إمكانيات الذات وتحد من حريتها وتنزع منها سيطرتها على عالمها. ومن ثم فوعي الذات لا يتم بالتأمل الداخلي الخالص، إذ لا يمكن لهذا الأخير أن يحدس أية حقيقة. وقد اختار الفيلسوف تجربة الخجل، كنموذج لبناء أطروحته حول وعي الذات وأهمية حضور الغير في هذا الوعي، متوسلا في ذلك بقياس برهاني تتمثل مقدمته الأولى في أن الخجل شكل من أشكال الوعي بالذات، وتتمثل مقدمته الثانية في أن الخجل ليس تجربة تأملية خالصة، وإنما هو خجل أمام الغير، ليخلص إلى نتيجة مفادها أن الوعي الذاتي رهين بحضور الغير. كما انه قدم تجربة ذاتية واقعية وصفها كالتالي:" أقوم بحركة غير لائقة، فأحياها في البدء كمعيش ذاتي حميمي، ولا أحكم عليها بوصفها غير لائقة، لكن فجأة أرفع رأسي تحت تأثير نظرة الغير، فأدرك عدم لياقة حركتي، فأستشعر الخجل"، ليستشف من هذه التجربة نفس النتيجة التي استنبطها من الاستدلال الأول. وليوضح دور الغير في تشكل وعي الذات شبهه بالمرآة التي تنعكس عليها صورة هذه الأخيرة. ومن ثمة تصب جميع أقوال النص التقريرية والحجاجية في اتجاه واحد هو التأكيد على دور الوسيط الذي يلعبه الغير بين الذات ووعيها بدلالة وجودها.

وما يضفي على هذا النص قيمة فلسفية وحجاجية هو من جهة، قوته الإقناعية التي لامست التجربة الإنسانية في عمقها وواقعيتها على مستوى المضمون، واعتمدت أقيسة برهانية متماسكة على مستوى الشكل، ومن جهة ثانية، عمق أطروحته الفلسفية التي تجاوزت كل الطروحات التقليدية حول وعي الذات. فإذا كانت الفلسفة الحديثة، وعلى الخصوص في شقها العقلاني(مع ديكارت مثلا) قد سيجت الأنا بنزعة وحدانية لا تعير أية أهمية لدور الغير في وعي الذات بحقيقة وجودها، فإن الفلسفة المعاصرة، وخاصة الاتجاه الوجودي(مع سارتر مثلا) الذي يتقاطع معه صاحب النص، قد جعل من الغير وسيطا ضروريا بين الأنا وبين وعيها بذاتها، فهو المرآة التي تعكس حقيقتها وتمكنها من إصدار الأحكام على نفسها. بل إن الفلسفة المعاصرة قد تجاوزت ذلك الطابع الاحتمالي الذي كانت تضفيه النزعة الأنا-وحدية على وجود الغير، فأضفت عليه طابعا ضروريا، إذ لا توجد الذات إلا في-العالم و مع- الآخرين، على حد تعبير الفلاسفة الوجوديين والفينومينولوجيين، شأن هوسرل الذي يقول:"توجد بداخلي تجربة العالم والآخرين، ليس كما لو كان ذلك عملا للنشاط التركيبي للعقل، بل كعالم هو في نفس الآن غريب بالنسبة لي، وموجود بشكل أولي وحدسي في وعيي".

نخلص إلى أن تاريخ مشكلة الوعي الذاتي هو تاريخ الانتقال من الفلسفة الحديثة التي كانت تهيمن عليها النزعة الذاتية كرد فعل ضد كل أنواع الوصاية التي كانت تمارس على الأفراد في العصور الوسطى، إلى الفلسفة المعاصرة التي تجاوزت هذه النزعة لتسلط الضوء على الطابع البين-الذاتي للوجود البشري. لكن لا بد لنا الآن من أن نتساءل: إذا كان الغير يشكل المرآة التي تنعكس عليها حقيقة الذات، فهل من سبيل لتدرك الذات حقيقة هذا الغير؟

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
تحليل ومناقشة نص "جان بول سارتر"(منار الفلسفة) مجزوءة الوضع البشري: إشكال"وجود الغير"

اسئلة متعلقة

...