في تصنيف قصص وروايات تاريخية بواسطة (2.4مليون نقاط)

من هو إسحاق كريميو تاريخياً الملقب أدولف كريميو بحث حول قانون كريميو ( 1871 م ) و آثاره السياسية و الاجتماعية

أهلاً بكم زوارنا في موقع النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم إجابة سؤالكم القائل.. من هو إسحاق كريميو تاريخياً الملقب أدولف كريميو بحث حول قانون كريميو ( 1871 م ) و آثاره السياسية و الاجتماعية

الإجابة هي

إسحاق كريميو

قانون كريميو ( 1871 م ) و آثاره السياسية و الاجتماعية

قانون كريميو 1871 و ظروف صدوره

 شخصية كريميو: 

إسحاق كريميو ( Isaac Moise Cremieux ) 1796 – 1880م  الملقب " أدولف كريميو Adolphe Crémieux عمل بمنصب  وزير العدل الفرنسي في 1870 من أصل يهودي. 

وُلد كريميو في عائلة يهودية ثرية في مدينة نيمز، تلقى تعليمه العلماني في مدارس الليسيه الإمبراطورية حيث كان من أوائل الطلبة اليهود الدارسين بها، ثم درس القانون بعد ذلك، وأصبح خلال فترة دراسته من أشد المعجبين بنابليون. تزوج فتاة من عائلة "سيلني" اليهودية عام 1824. و اشتغل عام 1817 بالمحاماة واكتسب سمعة طيبة في هذا المجال بفضل مهارته القانونية، وكان من أشد المؤيدين لقضايا الليبرالية حيث ترافع في عديد من المحاكمات السياسية أثناء فترة عودة الملكية. 

و بعد قيام ثورة عام 1830، انتقل إلى باريس حيث تعاون مع العناصر الليبرالية في نشاطها المعادي لحكم الملك لويس فيليب وطالب بحرية الصحافة، و في الفترة بين عامي 1842 و 1846 انتُخب نائباً في البرلمان الفرنسي حيث كان من قادة المعارضة. واشترك في ثورة 1848 ، وتولى منصب وزير العدل في الحكومة الجديدة لعدة أشهر حيث عمل على إدخال عدة إصلاحات من أهمها: 

• إلغاء نظام الرق في المستعمرات الفرنسية. 

• إلغاء عقوبة الإعدام في القضايا السياسية. 

ودخل البرلمان مرة أخرى خلال الجمهورية الثانية وظل نائباً حتى عام 1852، ثم ابتعد عن الحياة السياسية في فرنسا منذ ذلك العام نظراً لخلافه مع إدارة لويس نابليون، وبقي كذلك حتى عام 1869 حينما دخل البرلمان مرة أخرى ممثلاً قسم دروم بجنوب شرق فرنسا. 

ثم أصبح عضواً في حكومة الدفاع الوطني، التي حلت محل حكم لويس نابليون ، وذلك من 4 سبتمبر 1870 إلى 17 فبراير 1871 كوزير للعدل. وفي هذا المنصب وبينما كانت باريس يحاصرها جيشان ألمانيان قام كريميو بتمرير ست قرارات، في توقيت يـُلام عليه، لتنظيم الحياة في الجزائر، وتتضمن: 

• قرار ينهي الحكم العسكري للجزائر. 

• قرار يحظر تعدد الزوجات على يهود الجزائر. 

• قرار 24 اكتوبر / 7 نوفمبر 1870, ويسمى "قرار كريميو" الذي يمنح الجنسية الفرنسية تلقائياً لخمسة وثلاثين ألف (35,000) يهودي في الجزائر. 

• قرار 25 نوفمبر 1870، لإصلاح استخدام عقوبة الإعدام ) إزالة ) وتنظيم ومعيـَرة مهام مـُنـَفـِّذ عقوبة الإعدام ، وإلغاء المهام (غير المعيارية) لمنفذي الإعدام الإقليميين، أي إلغاء سلطات الإعدام الإستثائية في بعض الأقاليم.

كما انتُخب كريمييه عام 1871 نائباً ممثلاً للجزائر، ثم انتُخب عام 1875 عضواً لمجلس الشيوخ مدى الحياة. وظل كريمييه مهتماً بالقضايا الخاصة بالجماعات اليهودية سواء في فرنسا أو خارجها، فعمل منذ عام 1827 على إلغاء القَسَم اليهودي في فرنسا ( الذي ألغي بالفعل عام 1846 ) 

اشترك عام 1866 في الدفاع عن بعض اليهود المتهمين في قضية قتل في روسيا، كما اهتم بالقضايا الخاصة بحقوق يهود رومانيا، وعمل من خلال مؤتمر برلين عام 1878 على دعم قضية إعتاق يهود دول البلقان. وقد اختير كريمييه عام 1863 رئيساً للأليانس إسرائيليت يونيفرسل، وعمل بها حتى عام 1866 ، ثم مرة أخرى من عام 1868 وحتى وفاته. 

توفي كريمييه في باريس عام 1880، ودُفِن في مقبرة مونپرناس. و قد أطلق اسمه على شارع في حي المستعمرة الألمانية بالقدس، حيث يلحق اسمه لقب " بطل اليهود الفرنسيين " ( 16 ) 

2- ظروف إصدار القرار ( سقوط الإمبراطورية ) 

في الأيام الأخيرة من حكم لويس نابليون ، بدأ المعمرون الأوربيون يفرضون أنفسهم على الساحة الجزائرية و يؤثرون في مجرى الأمور ، خاصة أن سياسة نابليون الداخلية كانت مهزوزة ، و قد شعر الإمبراطور بضعفه أمام المستوطنين الأوربيين بالجزائر و حاول إرضاءهم عن طريق إصدار مرسوم 31 ماي 1870 بحيث يتحرر رؤوساء العمالات الثلاثة في الجزائر من القيود المفروضة عليهم من طرف السلطات العسكرية ، و من خلال أيضا مرسوم 11 جوان 1870 الذي يسمح للمستوطنين الفرنسيين إجراء الانتخابات في المناطق المدنية ، و قد أثارت هذه التنازلات غضب الجيش و الحاكم العام مكماهون الذي استقال من منصبه احتجاجا على سياسة الخضوع للضغوط المتوالية على الإمبراطور لنقل السلطة في الجزائر إلى يد المستوطنين الأوربيين ( 17 ) 

لكن انهيار الإمبراطورية و وقوع الإمبراطور نفسه أسيرا في يد الألمان كان بمثابة النهاية للصراع بين المعمرين و الحكومة الفرنسية حول كيفية تسيير الجزائر ، فالعسكريون فقدوا مصداقيتهم الاجتماعية في الجزائر و في فرنسا ذاتها بعد معركة ( سيدان ) ، و المجموعة العسكرية المتواجدة بالجزائر لم تعد تتلقى تعليمات من القيادة المركزية ، و بذلك فسحت المجال للمدنين للتصرف كما يشاؤون في الجزائر، و بمجرد تعيين أدولف كريميو كمسؤول في حكومة الدفاع الوطني قام هذا الأخير بإصدار جملة من القرارات في شكل مراسيم لإنهاء الحكم العسكري في الجزائر و إعطاء السلطات المطلقة للمعمرين الأوربيين، و بناء على هذه المراسيم الصادرة في 24 اكتوبر 1870 تقرر :

- إلغاء منصب الحاكم العام في الجزائر التابع لوزارة الحربية و تعويضه بحاكم عام مدني.

- تنحصر سلطات القائد العسكري في المناطق التي تخضع للجيش .

- إنشاء مجالس عامة منتخبة .

و في ظل هذه القرارات جاء المرسوم الثاني الذي يسمح لليهود بأخذ الجنسية الفرنسية و يشاركوا في الحكم مع الغزاة ، كما قررت حكومة الجمهوريين إلغاء المكاتب العربية و تحويلها إلى مكاتب لشؤون الأهالي (18 ).

3 - قانون كريميو 1870 و نصه بالعربية :

إن القرارات و المراسيم المتوالية التي أصدرها كريميو تصب كلها في خدمة المعمرين ، و لكونه يهودي حاول إدراج يهود الجزائر ضمن مخططه حتى يتمكنوا بدورهم من الحصول على الامتيازات التي هي بحوزة المستوطنين غير اليهود. و بمجرد تعيينه في حكومة الدفاع الوطني حتى راح يصدر القرارات و المراسيم التي تخدم مصالح المستوطنين ، و كان من ضمنها المرسوم الثاني الذي أعطى ليهود الجزائر حق المواطنة الفرنسية و أصبحوا يشكلون عنصرا استيطانيا آخر بحكم الامتيازات التي يخولها لهم القانون الفرنسي على أساس أنهم أصبحوا مواطنين فرنسيين ، و بذلك يكون اليهودي كريميو قد يسط نفوذ اليهود في الجزائر بحصولهم على الجنسية الفرنسية 

و هذا هو نص المرسوم الثاني لقانون كريميو مترجم للعربية : 

" إن حكومة الدفاع الوطني، تقرر بأن جميع الإسرائيليين الأهالي في عمالات الجزائر قد أصبحوا مواطنين فرنسيين، وسوف ينتظم قانونهم الحقيقي والشخصي ابتداء من إصدار هذا القانون الفرنسي.

وسوف يحتفظون بجميع الحقوق التي اكتسبوها . إن كل التشريعات وكل القوانين الصادرة عن مجلس الشيوخ و الأمرات أو القوانين المخالفة لهذا القرار تعتبر لاغية " 

                  

حرر بمدينة تور في 24 أكتوبر 1870/ إمضاء أعضاء حكومة الدفاع الوطني 

1- الآثار السياسية لقانون كريميو :

لقد نتج عن تنفيذ مرسوم كريميو صعوبات في التطبيق المتعلق بقضايا الدولة و الحقوق المدنية ، و إدماج الناخبين اليهود الجدد أحدث تعديلات على الأغلبية الانتخابية في بعض المناطق ، حيث كان اليهود السبب في فوز الراديكاليين في الانتخابات البلدية بمدينة الجزائر في شهر فيفري 1871 ثم في الانتخابات التشريعية في شهر جويلية 1871 و اكتوبر 1872 ، و كان الناخبون اليهود سببا في فوز المرشحين المعتدلين في كل من وهران و قسنطينة ، مما سمح بفوز تيارين سياسيين في صفوف الحزب الجمهوري ، ما أدى بالمنهزمين في الانتخابات إلى التنديد بتصرفات اليهود ، و هكذا نشأت الحركة المناهضة لليهودية

و قد ظلت هذه الحركة المناهضة لليهود إلى غاية سنة 1897 مرتبطة بالصراعات الانتخابية التقليدية و لم تكن لها علاقة وطيدة بمعاداة السامية كمذهب عقائدي و سياسي ، لكن لاشك أن هذه الحركة لم يكن سببها انتخابي فقط بل كانت نابعة نوعا ما من الحركة الاجتماعية المعادية للسامية و التي كانت منتشرة في أوربا ، لا سيما أن معاداة العرق السامي من الثوابت في التكوين السيكولوجي للحركة الاستعمارية بالجزائر ، حيث كان اليهود يعيشون في أحياء خاصة بهم في الحواضر و يتميزون بهندام خاص و لغة و عادات مشرقية و نظام اجتماعي لا مكان فيه للاختلاط بغيرهم ، و كانوا منذ القديم يشكلون في نظر غيرهم ( أمة ) يهودية لها قانونها الخاص.

و مهما كان سعي اليهود الجزائريين إلى الاندماج بعد أن قطعوا شوطا بعيدا في الانصهار داخل المجتمع الأوربي ، إلا أن المستوطنين لم يُدخلوا بعد أولئك الأهالي القدامى في حيز الفئة الاجتماعية المنصهرة في بوتقة المجتمع الفرنسي ، يضاف إلى ذلك نظرة المسلمين إليهم باحتقار و ازدراء بعد أن نالوا كل الامتيازات ، يضاف إلى كل هذا الأسباب الاقتصادية ( كساد مبيعات الخمور ) و ما انجر عنه من إفقار للمستوطنين

اندلعت أولى أعمال العنف ضد اليهود في القطاع الوهراني و شهدت تلمسان فتنة استمرت ثلاثة أيام متتالية بمناسبة الانتخابات التشريعية سنة 1881 ، ثم اندلعت الأحداث لمدة أربعة أيام بمدينة الجزائر من 29 جوان على 2 جويلية 1884 استهدف أثناءها دكاكين الإسرائيليين ، و عمل الراديكاليون على تأجيج الإحداث و أسسوا ( رابطة الفرنسيين الجزائريين ) التي كان هدفها كتابة العرائض للمطالبة بإلغاء قرار كريميو ، و فرض في الجزائر من 1895 إلى 1898 ظرف سياسي خطير أتاح لمناهضي اليهود فرصة الظهور بمظهر الناطقين باسم الجزائر كلها و المعبرين عن مطالبها

و هكذا نجد أن مرسوم كريميو و لو بعد ربع قرن تقريبا قد أحدث رد فعل عنيف في الأوساط التقليدية المعادية للسامية التي ثارت خاصة عند انفجار قضية دريفوس و طالب اليمين المتطرف بالطرق القانونية و حتى عن طريق العنف مراجعة مرسوم كريميو ، و استولى المتطرفون المعادون لليهود على البلديات مثلما حدث بقسنطينة عام 1896 ، و وهران عام 1897 ، و على غرار مدينة الجزائر التي شهدت أحداث عنف سنة 1998 ، شهدت أيضا مدن البليدة و بوفاريك و سطيف مظاهرات متبوعة بأحداث عنف و نهب ضد اليهود

و لئن كانت الأزمة اليهودية تتويجا لما يدعى ( الأزمة الجزائرية )، فإنها كانت في الأصل تعبيرا عن الضغائن المتراكمة لدى المستوطنين ضد البلد الأم و دليلا على رغبتهم في التخلص من سيطرتها المباشرة، و حينئذ ندرك لماذا لم يلعب الجزائريون دورا بارزا في الأزمة اليهودية لأنها لم تكن تعنيهم بصورة مباشر

تابع قراءة المزيد في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
ما هي الآثار الاجتماعية لقانون كريميو :

إن النظام العسكري بعيوبه و مساوئه التي لا تعد و لا تحصى ، يعتبر أهون من الحكم المدني في العصر الجمهوري ، فبالرغم من تعنت القادة العسكريين و استيلائهم على الأراضي الخصبة ، فإن القادة الجمهوريين هم الذين ساعدوا الأوربيين على فرض إرادتهم على الملاك الجزائريين و تحويلهم لمجرد عاملين بالأجرة أو أجبروهم على الهجرة إلى أماكن أخرى للبحث عن العيش ، كما أنهم هم الذين سطروا البرامج لتوسيع نطاق التعمير الرسمي و تقديم المساعدات الحكومية الضخمة لإنشاء المشاريع التجارية و العمرانية الخاصة بتسهيل إقامة الجاليات الأجنبية في الجزائر ، و أكثر من هذا عمد قادة الجمهورية الثالثة إلى إتباع سياسة إخضاع تونس و المغرب و وضعهما تحت الحماية الفرنسية ، و بفضلهم أيضا منحت الجالية اليهودية بالجزائر حق الحصول على الجنسية الفرنسية دون أن يتخلى هؤلاء اليهود عن عقيدتهم أو حقوقهم المدنية

و هكذا يمكن اعتبار العقدان 1870 إلى 1890 فترة حاسمة في تأسيس الاستيطان الريفي الأوربي ، حيث شهدت هذه الفترة تحولا جذريا في مسألتين هما : تعميم حالة الفقر على الجموع العريضة بعد انتشار ظاهرة الحجز القضائي للأراضي ما أضطر كثير من القبائل لمواجهة تلك التدابير إلى بيع الكثير من أرزاقها و التضحية بأغنامها ، و الاقتراض و رهن الغلال قبل حصادها ليتحول الفلاحون أو ما تبقى منهم إلى أجراء، و المسألة الثانية هي القضاء على الطبقة الارستقراطية الأهلية و تدهور أوضاع العائلات الكبيرة

ورغم اهتمام كريميو بالقضايا اليهودية، إلا أن هذا الاهتمام كان مرتبطاً في المقام الأول بمصالح الدولة الفرنسية، والواقع أن منحه الجنسية الفرنسية ليهود الجزائر، والذي اعتُبر من نجاحاته الكبرى في مجال القضايا اليهودية، كان إجراءً يهدف إلى تحويل يهود الجزائر إلى جماعة وظيفية استيطانية تزيد الكثافة السكانية الفرنسية، ومن ثم تخدم مصالح الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وكان يهدف أيضاً إلى صبغ أعضاء الجماعات اليهودية في العالم الإسلامي بصفة عامة، ودول المغرب العربي بصفة خاصة، بالثقافة الفرنسية وتحويلهم إلى جماعات وظيفية وسيطة تعمل في مؤسسات الاحتلال الفرنسي وتدين له بالولاء وتخدم مصالحه في المنطقة ، فانطلقت بعد سنة 1871 موجة جديدة من الاستيطان المدني الرسمي و ذلك تحت تأثير عاملين أساسيين تمثلا في الاستيلاء على أكثر من 450.000 هكتار من الأراضي الزراعية و بداية توغل المزروعات التجارية خاصة كروم الخمر ، ففي الفترة الأولى مباشرة فقط 1871 – 1900 تم إنشاء أكثر من 364 مركزا استعماريا و تشكيل ملكية عقارية بمساحة 401.000 هكتار موزعة على مدينة القطاعات الثلاث العاصمة ، قسنطينة و وهران

و خلاصة القول أن المظاهرات و الفوضى العارمة التي عاشتها الجزائر من 1897 على 1901 و التي كانت كرد فعل عن قانون كريميو ، لم تكن في صميم جوهرها مرتبطة بمناهضة اليهود بقدر ما كانت لصيقة بمعاداة البلد الأم ، و في خضم العمل المناهض لليهود فإن الظاهرة البارزة أكثر إنما هي عزم الجزائر المستعمرة إما على دفع البلد الأم إلى تقديم تنازلات أو العمل للتحرر من وصايته حيث ضاق المستوطنون الأوربيون في الجزائر ذرعا من محاولات كامبون jules Cambon تطبيق سياسة مستلهمة من البلد الأم ، و كانوا يشعرون أنهم بلغوا سن الرشد السياسي ، فأصبح مشروعهم الملح هو تأسيس جزائر حرة سيدة في تقرير ميزانيتها و مستقلة في تسيير أسواقها ، و لها مطلق الحرية في تقرير سياستها الضريبية و سياستها الأهلية ، تلك كانت مطالب المستوطنين الحقيقية و حين تبين أن المستعمرة الجزائرية عاجزة على أن تفرض تنازلات فيما يتعلق بالمسألة اليهودية ، فإن المستوطنة أعلنت أنها راضية بتحررها المالي و الإداري

خاتمة عن إسحاق كريميو

الخاتمة

إن سياسة فرنسا في الجزائر مثل ما قال "منيرفيل" أول رئيس لمحكمة الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي كانت تقوم على أساس فكرة أساسية خلاصتها هي أنه ( ينبغي أن يذوب السكان في الحضارة الفرنسية لأن الشعب القادم من الشمال جاء ليستقر في الجزائر)، و المشكل في رأيه أنه لا يمكن لمجتمعين مختلفين في كل شيء ، من عقيدة إلى تقاليد أن يندمجا ، إلا بابتلاع شعب لشعب ، و لهذا لا بد من خلق و تكوين شخصية جديدة للجزائر تختلف عن شخصية ابن البلد الأصلي، و بالتالي فالجزائري الجديد هو المهاجر الأجنبي الذي يحافظ على ثقافته و عاداته و تقاليده و ثروته و نفوذه ، من هذا المنطلق صدر قانون كريميو الذي منح لآلاف اليهود الجنسية الفرنسية بصفة جماعية مع حفاظهم على أحوالهم الشخصية .

و قد مارست الأقلية الأوربية في الجزائر ضغوطا على الحكومات الفرنسية المتعاقبة إلى غاية صدور قانون 19 ديسمبر 1900 حيث انتقلت السلطة الفعلية إلى يد النواب الأوربيين في المجلس المالي الذي أقاموه بالجزائر العاصمة ، و بدأوا يُشَرِّعُون لأنفسهم و يتخذون جميع القرارات المالية التي تخدم مصالحهم ، بدون تدخل من باريس ، بعد أن سمح لهم قانون 1900 بالاستقلال المالي ، و الحاكم العام ينفذ قراراتهم التي يتخذونها في هذا البرلمان الصغير الذي تم إنشاؤه أساسا لخدمة مصالح عُشر (1/10 ) السكان الذين ينحدرون من أصل أوربي و يهودي و حرمان تسعة أعشار (9/10 ) السكان المسلمين من الحقوق الطبيعية التي يحصل عليها عادة أي إنسان يقيم في أرض آبائه و أجداده .

و هكذا نستخلص أن هذه الأقلية الأوربية في الجزائر قد نجحت في تطبيق الخطة المرسومة و التي اشتملت على ثلاث مراحل متتالية ، المرحلة الأولى و تتمثل في إدماج الجزائر في فرنسا من الناحية القانونية ، و ابتلاعها كجزء لا يتجزأ منها ، أما المرحلة الثانية فتتمثل في الاستيلاء على الأراضي الخصبة و إعطاء الجنسية لجميع المهاجرين و المقيمين الأجانب في الجزائر و الحصول على دعم مالي من الدولة لبناء المدن الصغيرة في جميع أنحاء الجزائر من أجل تحطيم العنصر البشري الجزائري وإثراء العنصر الأوربي الدخيل ، و حين اكتملت المرحلتان ، جاءت المرحلة الثالثة في بداية القرن العشرين كتتويج لهما من خلال إعطاء الجالية الأوربية حكم ذاتي يسمح لها باستعمال الغش و المناورات و الدسائس لفرض نفوذها على الجزائريين و التحكم فيهم إلى الأبد، لكن تهب الرياح بما لا تشتهي السفن، و يأبى الجزائريون أن تكون الجزائر إلا أرضا جزائرية مسلمة ، رغم كل سياسات المستدمر على مدار قرن و نيف من الزمن

اسئلة متعلقة

...