في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة (2.4مليون نقاط)

ملخص مجزوؤة الفلسفة محور محطات أساسية من تاريخ تطور الفلسفة جذع مشترك الفلسفة اليونانية ما قبل سقراط 

خاص ب: تلاميذة أقسام الجذع المشترك

مجزوؤة: الفلسفة 

محور. : محطات أساسية من تاريخ تطور الفلسفة

1-الفلسفة اليونانية 

 أ- فلسفة ما قبل سقراط .            

            

تقديم: أشرنا في المحور السابق (نشأة الفلسفة ) إلى صعوبة تحديد تعريف عام للفلسفة، وذلك لأنه لا وجود لفلسفة واحدة، بل هناك عدة فلسفات متعددة بتعدد فلاسفتها، وهذا يعني أننا لا ندرس الفلسفة كما ندرس أي علم من العلوم، بل إنما ندرس فلسفات الفلاسفة، أي أفكار ونظريات رجال عاشوا عبر التاريخ، بمعنى أننا لا ندرس الفلسفة بل تاريخها، والواقع أن الفلسفة وتاريخ الفلسفة جانبان مرتبطان من الصعب الفصل بينهما، إن دراسة أفكار أي فيلسوف ما، كثيرا ما تضطرنا إلى الرجوع إلى أفكار فلاسفة آخرين سبقوه أو عاصروه، بمعنى أن دراسة الفلسفة لا تعني في الحقيقة أكثر من دراسة تاريخها.

فما هي المحطات الأساسية في تاريخ تطور الفلسفة؟

إن تاريخ الفكر الإنساني هو تاريخ تطور هذا الفكر، والفلسفة باعتبارها شكلا من أشكال الفكر الإنساني عرفت هي الأخرى تطورا، بل تطورات خلال تاريخها، وخلال هذه التطورات كانت الفلسفة تعكس اهتمامات وانشغالات البيئات التي ظهرت داخلها، لذلك جاءت أفكار وتصورات ومفاهيم الفلاسفة متمايزة ومختلفة، وذلك لأن كل فلسفة هي إجابة على أسئلة عصرها، فالفلسفة اليونانية في بدايتها كانت في مواجهة التساؤل الأنطولوجي (المتعلق بالبحث في الوجود)، وهذا راجع لكون اليونانيين كانوا منشغلين بالبحث في الطبيعة وإيجاد أسبابها وعللها.

إن الفلسفة لم تعرف مسارا أو اتجاها واحدا، ولكنها عرفت مسارات واتجاهات متباينة، فكان تاريخها هو تاريخ التعدد والتنوع والاختلاف، وهذا المظهر لا يظهر بين فلسفة وأخرى، بل يظهر داخل الفلسفة الواحدة، وإذا كنا قد أبرزنا أن الفلسفة تاريخا، فما هي المحطات أو اللحظات الكبرى لهذا التاريخ؟

1.فلسفة ما قبل سقراط ( امتدت من بداية القرن السادس قبل الميلاد إلى نهاية القرن الخامس وبداية القرن الرابع قبل الميلاد)

فلسفة ما قبل سقراط Pre-Socratic philosophy أو قبل السقراطية مصطلح يشير إلى النظريات التى اتبعها الفلاسفة اليونانيون في الفترة مابين عامي 600 و400 ق.م. ويُسمى هؤلاء بفلاسفة عصر ما قبل سقراط، لأن ظهور معظمهم قد سبق مجيء سقراط فيلسوف دولة أثينا الذائع الصيت. وقد كان الهم الأساسي لهؤلاء الفلاسفة فهم وتفسير تركيب العالم-الكون-الطبيعة و معرفة مبدأه وأصله، على أسس ومبادئ عقلية_طبيعية. و قد برز أيضاً في فكرهم حجج أساسية حول التمييز بين الوحدة والكثرة إضافة إلى إمكانيةِ التغييرِ رفض الفلاسفة قبل سقراط التفسيرات التقليدية الأسطورية لظواهر الطبيعة لصالح تفسيرات أكثر عقلانية: وكثير منهم يسأل:

-من أين يأتي كل شيء؟ -ما هو من خلق كل شيء؟-كيف نفسر تعدد الأشياء الموجودة في الطبيعة؟-كيف يمكن أن نقدم وصفاً للطبيعة رياضياً؟

وهم يتدرجون من طاليس، أوائل القرن السادس قبل الميلاد إلى ديمقريطس وأمبادوقليس في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد..وعلى الرغم من أنهم قد ابتدعوا نظريات متناقضة، إلا أنهم يشتركون في الاهتمام الأساسي بأصل الكون، وتسلسلاته الطبيعية المتعاقبة. وقد كان لهؤلاء الفلاسفة فضل وضع الأسس لعمل الفلاسفة والعلماء الذين جاءوا بعدهم..ومازال الدارسون يجهلون الكثير عن فلاسفة ماقبل سقراط؛ لأن معرفتهم كانت تُستمد أساسًا من مقتطفات من كتابات ماقبل سقراط، وأعمال كتاب ومؤلفين من العصر التالي لهم (أي عصر سقراط).

                                                                    المدارس الفلسفية اليونانية لما قبل سقراط

- المدرسة الأيونية : طاليس - انكسمندرس – أنكسمنس

- المدرسة الفيتاغورية : فيتاغوراس

- مدرسة إيفيسوس : هيراقليطس

- المدرسة الإيلية : بارمندس - زينون

- المدرسة الذرية : ديمقريطس - أنكساغوراس

- المدرسة التركيبية : امبادوقليس

……………………………………………………….

1.المدرسة الأيونية لقد ظهرت لأول مرة في أيونيا حركة فكرية علمية الطابع هدفها تفسير الظواهر الطبيعية لأول مرة بشكل علمي نظري في منأى من الأساطير والخرافات..فحاول الأيونيون الوصول إلى مبدأ واحد يكون أساسا لهذا الكون، وسبب أول وراء جميع مظاهره..ولقد مثل الفلسفة الأيونية الفلاسفة . طاليس وأنكسمندرس وأنكسيمنس..وكان موضوع بحثهم هو الوقوف على مبدأ واحد يكون وراء الفوضى والعماء ويكون ثابت وراء التغير.

طاليس : - أحد الحكماء السبعة، ولد على وجه التقريب في 630 ق م . ويعتبر مؤسس الفلسفة اليونانية القديمة بنمطه الفكري الخاص،بوصفه أول من تحدث عن عنصر طبيعي أول كأصل لكل شيء. من خلال ملاحظته لأهمية الماء في حياة كل الموجودات. وأول من أسس أول مدرسة فلسفية في التاريخ( المدرسة الأيونية). ومتبث تاريخيا أنه كان متعدد الأسفار خاصة إلى مصر..حيث درس العلوم الرياضية-الهندسية والفلكية.. على يد الكهنة المصريين توفي في سن متقدمة وعلى قبره نقشت العبارة التالية في هذا القبر الصغير يرقد طاليس العظيم.

-تكمن أهمية طاليس في تاريخ الفلسفة في محاولته حل أقدم مسألة على الإطلاق، شكلت صراعا لدى المفكرين. وهي مسألة الواحد والكثير. التي تهتم بتحديد طبيعة العلاقة بين الوحدة والتنوع..منطلقا من التساؤول التالي : هل يمكن أن يوجد وراء هذا التنوع والإختلاف والفوضى الذي نشاهده بحواسنا قانون أو مبدأ موحد و منظم له، بحيث يجعله متلاحم ومتناسق ومنسجم؟ بمعنى هل الكون عبارة عن نظام متناغم أم فوضى وعماء؟

-كانت غاية طاليس في بحثه الفلسفي هذا إيجاد ما يسمى ب ''الحقيقة الأساسية-الجوهرية'' أي المبدأ الذي تنبثق منه كل الأشياء، وبه تكتسب وحدتها وتناغمها. 

-قال طاليس إن الجوهر الأساسي/المادة الأساسية/العنصر الأول الذي جاءت منه كل الأشياء في الكون-الطبيعة هو الماء.

-توصل طاليس إلى مبدأ الماء كجوهر للأشياء جميعا ناتج عن ملاحظته أن كل شيء ضمن اختباره سواء من حيوانات او نباتات أو جمادات..يظهر أمام الملاحظة الحسية( العين) في حالة من تلاث حالات. إما صلبة أو سائلة أو غازية..فمهما كان تنوع واختلاف الموجود متعددا يمكننا إحالة كل ما نراه إلى إحدى هذه الحالات الثلاث. 

-تساءل طاليس حول إمكانية وجود مادة ضمنية خارقة للطبيعة تفسر هذه الحالات الثلاث المختلفة للأشياء، فبحث عن مادة تتمتع بالقوة أو القدرة على التواجد بأي من هذه الحالات الثلاث وكان اختياره على الماء لما فيه من خصائص..فالماء حسب طاليس في حالته الطبيعية هو سائل، وعندما يتجمد يصبح صلبا، وعندما يتبخر يصبح بخارا أو غازا وهواء. إذن فلابد أن يكون كل شيء مكون من الماء،..كما لاحظ طاليس أن كل أشكال الحياة في الوجود تتطلب الماء.

-إلى جانب كون طاليس فيلسوفا يشهد له أنه كان عالم.. وعلى وجه التخصيص قد بحث في علوم الفلك والرياضيات..وكان أول من تحدث عن المجموعة الشمسية، وحاول ان يقدر حجم الشمس وكل ما يتعلق بالطبيعة..وقد تنبأ بكشوف الشمس يوم 20 ماي عام 585 ق بشكل دقيق، وهذا ما حدث بالفعل..وينسب إليه أنه أول من قسم السنة إلى أربعة فصول،شتاء-ربيع-صيف-خريف..وأول من قال بأن عدد أيام العام 365 يوما..ويبقى أهم ما ينسب إليه كونه أول من قام بحساب قياس طول الأهرامات وأول من اكتشف النظرية الهندسية القائلة بأن زوايا المثلت المتساوي الأضلاع متساوية.

أنكسمندرس : -تلميذ طاليس و أحد عظماء الفلسفة الطبيعية للقرن 6 ق م. انطلق بدوره من نفس التساؤل حول أصل العالم-الكون، وعن المبدأ الأول الذي يمكن أن نفسر به كل ظواهر الطبيعة.

-اختلف مع أستاذه طاليس حيث لم يقول بالماء كأصل للعالم، وإنما رجح مبدأ أخر. إذ اعتقد في وجود عدد لا نهائي من العوالم، وأنها جميعا جاءت من شيء ما وتعود وتفنى في نفس الشيء وقد سمى هذا المبدأ ب (الأبيرون) أي اللامتعين/ واللامحدود لا من ناحية الكم ولا من ناحية الكيف ولا من ناحية الزمن، سرمدي قديم أزلي.

-مبدأ 'الأبيرون' ليس عنصرا واحدا ولا محددا ، ولكنه الجوهر الكامن بين مزيج من العناصر الطبيعية المختلطة اللامتناهية..وهذا ما يجعل منه مبدأ متافيزيقيا .

-مثله مثل طاليس كان عالما في الرياضيات والفلك..لكن اهتماماته تجاوزت دائرة اهتمام طاليس، إذ إلى جانب كونه فيلسوف فهو عالم موسوعي..فإلى جانب أبحاثه الرياضية والفلكية اهتم بالجغرافيا إذ ينسب إليه أنه اول من وضع أول خريطة للأرض المعروفة وقت ذاك..كما اهتم بعلوم الأحياء وتاريخ الحضارات والأنتروبولوجية أي علم ثقافة المجتمعات البشرية، والأرصاد الجوية.

-وأخيرا يمكن تلخيص أهم ما جاءت به أفكاره للخروج من التفكير الأسطوري والخرافي في النقاط التالية :

•اعتبر الكون كخلية مستقلة ومنظمة ذاتيا.

•الكون أصبح محكوما ذاتيا بقانون عام، وليس بواسطة إله أو أية قوة أسطورية.

•العدالة معه لم تعد تتوقف على أهواء طاغية كما كان معهود، ولكن لها قوانين كونية تضبطها وتنظمها.

•تنبأ بوجود عوالم متعددة.قال بأن هذا العالم الذي نسكنه ليس هو الوحيد، ولكن هناك عوالم أخرى لا متناهية.

-أنكسيمنس : هو تلميذ أنكسيمندرس، وقد كان أقل منه توفيقا في العلوم وأضيق خيالا..لم يتفق مع طاليس في وضع عنصر الماء كمبدأ أول للطبيعة..إذ ذهب إلى أن الماء ليس إلا صورة من صور الهواء المضغوط عند التكثف..فقال بأن الهواء هو المبدأ الأول للوجود-العالم..وقد جاء ترجيحه للهواء كمبدأ أول للوجود من ملاحظته لكل الموضوعات الحية من حيوان وإنسان ونبات التي لا تقوم لها حياة دون الهواء ودون عميلة التنفس..شهيق الأوكسيجين وزفير ثاني أوكسيد الكاربون.

-فالهواء أسرع حركة وأوسع انتشارا ومن تمة أكتر تحقيقا للامتناهي..فالهواء نفس العالم وعلة وحدته..والموجودات تحدث من تكاثف وتخلخل الهواء..فعندما يتخلخل الهواء ينتج النار وما يتصل به من الظواهر الجوية النارية والكواكب، وعند تكاثفه ينتج الرياح فالسحاب فالمطر..وتكاثف الماء ينتج التراب فالصخر.

تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
مدارس الفلسفة اليونانية ما قبل سقراط

2.المدرسة الفيتاغوية : يعتبر فيتاغورس مؤسس المدرسة الفيتاغورية والتي تتميز بكونها ذات طابع ديني، هَدفهَا تطهير النّفس للوصُول إلَى الحياة السّعيدة بعد المَوت،وقد ضمت مجموعة من الرياضيين كانوا يعبدون العدد، ويعيشون كالرهبان وكانت هذه الجماعة أشبه بالصوفية. و لهذه الجَماعة شُروطُها الخاصّة وقواعِدها و محرّماتها ( مثل عدَم التكلم في الظلاَم و حظر أكل الفاصولياء وأنواع بعينها من اللحوم،لسبب ديني ذي صلة بعقيدة تناسخ الأرواح،...إلخ. ورغم ذلك فجماعة فيتاغوراس تتميز بكونهاَ ذات نشاط علمي، وعلى الأخص ريَاضي، وأنهَا مدّت نشاطهَا من الريَاضيات إلى الفلسفَة، حتى أنّ هناك نظرِيات رِياضية تنسَب إلى فيتاغُورس، حتى أنه يمكن القول أنّ الريَاضيات كانت أساس الفلسفة الفيتاغورية.

- يرى فيتاغوراس أن أصل ومبدأ الوجود كائن في الشكل وليس في المادة كما ذهب إلى ذلك فلاسفة المدرسة الأيونية..وقال بالعدد كمبدأ أول للوجود.. فعناصر الأعداد هي عناصر الأشياء وأن العالم عدد، وقد كشفَ أرسطو عن جَوهر التفسير الفيثاغوري للعالم حينما قال" إنهم رأوا أنّ مبادئ الأعدَاد ( الرياضيَات) هي مبادئ كل الأشياء وأنّ العالم أشبه بعَالم الأعداد منه بالماء أو التّراب أو النّار". وَإذَا علمنَا انّ الأعداد في ذلك الوقت كانت عبارة عن أشكال هَندَسية، فالعدَد واحد هو النقطة، والإثنان قطعَة، والثلاثة هو المثلث، والأربعة مربّع وهكذَا ... سهُل فهم تصورهم هَذا، فقولُهم أن العالم عَدد يعني أن العَالم في الحقيقَة هوَ أشكال هندسية، وأن هذه الطبيعَة الهندَسية أهم من الماء والهواء، فمؤَدى هذه النظرية هو عدم المبالاة بالبحث عن نوع المادة الاولى لأنّ هذا الأمر لا أهَمية له الآن، وهذا يبين أهَمية المرحلة الفيثاغورية فِي تطَور العلم اليوُناني نحوَ شكل عقلي فيه قدر أكبر من التّجريد، حيث تم الابتعاد عن تفسير الأشياء بالرجوع إلى المادة التي صنعت منهَا، والرجُوع إلى صورتهَا التي يمكن أن يعبر عنهَا تعبيرًا رياَضيا.

3.مدرسة إيفيسوس : يعتبر هيراقليطس مدرسة فكرية في حد ذاته.. واحدٌ من أهمّ فلاسفة اليونَان قبل سقرَاط، وقد " كان رجُلاٌ سامي المشَاعر، متكبّراٌ ومتعجرفًا أكثرَ من أي إنسَان آخر ... وكان منذ حداثته موضوعًا للدهشَة". والقارئُ للشذَارت الباقيَة من كتَابه "في الطبيعَة" سيلاحظُ احتقارَه للعَامة، كما لم يسلم المفكرونَ والشعرَاء من احتقَاره حيث أنه هاجم هوميروس، هزيود، اكسنوفان و فيتاغورس ...كان يقول أن "كثرة الحفظ لا تعلم الحِكمة" ويشعر أنه هُو الذي يملك الحكمة الحقيقيّة وكأنمَا أوحي إليه، ولما كانَ أغلب البشر لا يستطيعون بلوغ هذه المرتَبة فإن هيرَاقليطس لا يكشفُ الحجابَ عنِ الحقيقة بل يلمّح فقط. لهذا اعتمد أسلوبًا غامضا واستخدم الجمل القصيرَة، وهوَ لا يكتفي بالإشارَة فقط ( مثلاً: " تؤثرُ الحَمير التّبن على الذهَب " ) .. لكل هذا لقب بالمظلم، الغَامض والملغز والحزين.

- أهم مبادئه الفلسفية : مفهوم التغير (الصيرورة) فكل ما هو موجود هو في حالة تغير دائم وتدفق مستمر و مستمر وأن لاشيء يبقى على حاله، وأن كل شيء ينقلب إلى ضده. ، فجوهر الوجود هو الحركة والتغير المتواصلان، ويشبّه الأشياء بالنهر الجاري الذي تتغير مياهه باستمرار، وأشهر شذرات هيراقليطس في هذا الموضوع 'أنت لا تسبح في نفس النهر مرتين' ، وهذا التغير والجريان صراع بين الأضداد،
0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)

الفلسفة اليونانية 

مفهوم الصراع/الحرب. فالصراع عندَه هوَ أساسُ الوجود..فالواقع وفقا لهيراقليطس صراع دائم لسلسلة من المتناقضات الضرورية في الحياة ولاستمرارها. يقول في إحدى شذراتِه " الحرب ملك كل شيء وأبُ كل شيء، وهي التِي جعلت بعضَ الأشيَاء آلهة و بعضهَا الآخر بشرًا وبعضهَا أحرارًا وبعضهَا عبيدًا" ويقول في شذرة آخرى " يجب أنْ نعرفَ أن الحرب عامة لكُل شيء و أنّ التنازع عدل، و أن جميعَ الأشياء تكون وتفسد بالتنازع "..والصراع يكون بين الأضداد(قوى الطبيعة المختلفة)، لكن هذه الأضداد بينها نوع من الوحدة،إذ يرى أن التناقض ضروري للنظام،وأن أفضل أنواع الهارمونية(التوازن والانسجام)ينتج عن المتناقضات، ومن هنا جاء مفهوم آخر لهيراقليطس وهو .

"مفهوم وحدة الأضداد/المتناقضات"،فهيراقليطس يرى في التناقض والصراع الطريق الوحيد إلى الهارمونية(النظام المتوازن والمنسجم). وهذالصراع وهذه الوحدة لا يكونان فقط بين الأشياء بعضها وبعض بل أيضا في الشيء الواحد نفسه.فكل شيء يحمل داخله شيئا من نقيضه.. ويمكننا فهم فكرة الصراع ووحدة الأضداد والوصول إلى الهارمونية انطلاقا من مفهوم حسب هيراقليطس انطلاقا من مفهوم اللوغوس. ويعني في اللغة اليونانية عرض الأفكار نطقا أو كتابة وفي نفس الوقت يقصد به العلاقة القائمة بين ظواهر الكون أي قانون السببية الحثمية الشامل لكل شيء،واللوغوس عند هيراقليطس هو قانون عام يحكم الطبيعة ويتخلل كل ما فيها من موجودات ..يقول في احدى شذراته '' كل شيء يحدث وفقا لهذا اللوغوس''..انطلاقا من هذا اللوغوس سيميز هيراقليطس بين المعرفة الحقيقية(الحكمة) التي يتوصل إليها بالتأمل العقلي في جوهر الأشياء. وبين المعرفة الزائفة(العامية) التي تحصل اعتمادا على الملاحظة الحسية السطحية لمظاهر الأشياء. يقول في أحد شذراته ''لا يتأمل العامة في طبيعة الأشياء التي يصادفونها، ولا يعرفونها معرفة حقيقية، ولكنهم يظنون أنهم يعرفونها.''.

- لهيراقليطس مذْهَب طبيعي على غرار الفلاسفَة الطبيعيين، فإذا كان طاليس، أناكسمندرس وأنكسيمنس يقولون بأصْل واحد للكَون، فهيراقليطس يرى أن هذا الجوهر هُو النار، يقُول في إحدى شذراته: "هذا العالم، وهو واحد للجميع لم يخلقه إله أو بشر ولكنه كان منذ الأبد وهو كائن وسوف يوجد إلى الأزل، إنه النار، التي تشتعل بمقدار [بمقياس، بنسبة] وتخبو بمقدار". وانطلاقا من النار تظهر سائر العناصر الأخرى يقول: "وهذه هي الصور التي تتحول إليها النّار: أولاً البحر، ثم يتحول نصف البحر أرضَا ونصفُه الآخر أعَاصير (أو ينابيع) وتصبح الأرضُ بحرًا، وذلك طبقا لنفس القانون الذي تحولت به الأرض من قبل" ويقول في نص آخر "النار تحيَا بموت الأرض والهواء يحيا بموت النار، والماء يحيا بموت الهواء والأرض تحيا بموت الماء" وظاهر من هذه النصوص أن النار عند هيراقليطس هي أصل كل الأشياء وليس فقط جوهرها، فكل الأشياء تنبع منها وتعودُ إليهَا،وهو يرى أن العالم سينتهي عندما تلتهم النار كل شيء. 

4.المدرسة الإيلية جاءت كرد فعل فكري لفلسفة هيراقليطس التي تلغي أي معنى للتباث والوحدة 

-اكسينوفان هو الأب الروحي للمدرسة الإلية، وقد اشتهر بمهاجمته للأفكار الدينية الشعبية لليونان القائمة على أساس الاعتقاد في تعدد الآلهة وتصورها في أشكال وهيئات وصفات إنسانية ، بهذف التوصل إلى تصور أكثر نبلا وتنزيها عن الإله، ويعتبر هو أول من أدخل مفهوم الوحدانية والتنزيه إلى اليونان.. ويذهب أكسينوفان إلى أن الناس قد جعلوا الآلهة على أشكالهم. ومعنى ذلك أن الزنوج يرون آلهتهم بأنف أفطس وبشرة سوداء، وغيرهم يراها بشعر أشقر وعينين زرقاوين.وعلى ذلك، فإن الحيوانات، إن أرادت أن تختار آلهة، لصوَّرتها على أشكالها، كما نفعل تماماً، ولن تكون آلهة الأبقار إلا مثلها. ويقول أكسينوفان أيضاً إنه يجب علينا أن نقدّس الآلهة ونحترمها، ولكن هذا التقديس يجب أن يكون روحياً ومعنوياً، بمعنى أن نتقرب إليها بعمل الخير وتحقيق العدالة بين الناس. ويقال إن أكسينوفان هو أول من قال بأن الله-الوجود واحد، ولقد وحد بين الله والوجود ''الوجود هو الله'' والله-الوجود لا يتغير ولا يتحرك ولا ينقسم ولا يضطرب ولا ينفعل ''إنه هو نفسه''. ولهذا يمكن تسمية فلسفة اكسينوفان بوحدة الوجود.. وأنه سبق برمنيدس في هذا الرأي الذي سيسلمها ويذهب بها إلى أبعد مدى.

- بارمندس : يطرح بارمِنيدس فلسفته في قصيدة لم يبق منها إلا شذرات، أسماها «في الطبيعة»، ضمَّنها آراءه في الوجود والعدم، فكان أول من نظم الشعر في الفلسفة. يرى بأن الوجود الحقيقي واحد ومتجانس وأبدي وثابت في موضع التعارض الشديد مع جدل هيراقليطس القائل بالصيرورة أو التغير الدائم. ويعدّ جوهر فلسفته تعبيراً واضحاً عن «وحدة الوجود» لهذا فهو يرى أن ''الوجود موجود، وأن اللاوجود غير موجود''. ومادام الأمر كذلك، فمن التناقض القول بالحركة والتغيّر والصيرورة، إذ إن كلا منها يفترض العدم. وهذا يعني أن الوجود بكامله في الحاضر، ليس له ماض ولا مستقبل، فهو واحد متناه، ومتجانس لا يقبل القسمة، ممتلئ كله بوجوده، ولذا كان ثابتاً لا بداية ولا نهاية... 

.المدرسة الذرية : مؤسسا المدرسة الذرية هما لوقيبوس وديموقريطس، يرون أن المادة إذا كانت يمكن أن تنقسم فإننا لابد سنصل إلى وحدات لا تنقسم، وهذه الوحدات هي ما سماه الذرات، ولهذا فإن الذرات هي المكون الجوهري للمادة. إنها متناهية العدد وهي من الصغر بحيث يصعب إدراكها بالحواس، كما أنها تختلف من حيث الشكل والحجم. هذه الذرات تتحرك في الفراغ ( اللاوجود ) وبالتالي اختلفت المدرسة الذرية مع مذهب بارمنيدس القائل بعدم وجود اللاوجود، وبحسب وضع الذرات بالنسبة إلى بعضها البعض وبحسب أشكالها وأحجامها المختلفة تتكون الأشياء وتختلف عن بعضها البعض.

المدرسة التركيبية : أخر مدرسة فلسفية لما قبل سقراط، تميزت بمحاولة التوفيق والتركيب بين التصورات الفلسفية التي جاءت قبلها، أهم ممثل لها الحكيم أمبادوقليس. حكيمٌ بالاعتبار الأول. يحيط فكره بمعرفة عصره من جميع جوانبه ويقرّب عناصر هذه المعرفة بعضها من بعض ويمزجها مزجاً فيقوم بينها اتساقٌ وتناغمٌ وانسجام فتنجم عن هذه الموسيقى الروحية تقاليد فكرٍ فلسفيّ تكاملت عبر العقول والعصور..

-أمبادوقليس : كان مذهب أمبادوقليس محاولة للتوفيق بين آراء هيراقليطس في التغير المستمر، وآراء برمنيدس في الثبات الدائم. ويأخذ أمبادوقليس في فلسفته عن أصل الوجود ويكون العالم بنظرية العناصر الأربعة أو كما يسميها «الأصول» الأربعة للأشياء. التراب والماء والهواء والنار، مبدأ مادياً أوليّاً لكل الموجودات، وهذه العناصر متساوية فيما بينها، ومتماثلة في القِدم، لا يتحول بعضها إلى بعض، فالأشياء وكيفياتها تحدث بانضمام هذه العناصر وانفصالها بمقادير مختلفة، وكل شيء يوجد بحكم علاقة معينة بين مكوناته، فظاهرتا الكون والفساد تحدثان نتيجة لتجاذب «الجذور الأربعة» وتنافرها،ولامتزاجها وانفصالها بقوة مبدأين هما: المحبة والكراهية، فالمحبة علّة كونية للوحدة والخير والجمال، والكراهية علة الكثرة والشر والقبح.المحبة تجمع الذرات المتجانسة في حالة التفريق الناشئ عن الكراهية، والكراهية تُفرق الجزئيات المختلفة في حالة التجميع الناتجة من المحبة. فالمحبة والكراهية تتعاقبان في دورات كونية إلى ما لا نهاية، وتكون الغلبة و السلطان لأي منهما بالتناوب أيضاً، من دون أن تستقر الغلبة للمحبة فتكون الوحدة الساكنة هي الغالبة، أو للكراهية فتكون الكثرة المضطربة هي الغالبة. فيمر العالم بدور محبة تتخلله الكراهية وتحاول إفساده، ثم بدور كراهية تتخلله المحبة وتعمل على تنظيمه؛ فتارة ترجع الكثرة إلى الوحدة، وهي «الكرة» الأصلية الإلهية التي تتحد فيها العناصر جميعاً، وطوراً تتفرق الوحدة إلى الكثرة، وهكذا في تعاقب مستمر إلى ما لا نهاية.

اسئلة متعلقة

...