في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة

هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية؟ 

مقالة فلسفية مختصرة 

مرحبا اعزائي طلاب وطالبات الباك في صفحة موقع النورس العربي alnwrsraby.net يسرنا بزيارتكم أن نقدم تحليل نص السؤال الفلسفي القائل هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية وهي كالتالي 

حل السؤال هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية؟ 

مقدمة: 

 إن الدولة وجدت لأجل غايات ذات طابع أخلاقي ، مما يفرض أن تكون الممارسة السياسية أيضا أخلاقية ، إلا أن الواقع يكشف خلاف ذلك تماماً ، سواء تعلق الأمر بالممارسة السياسية على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات بين الدول ، حيث يسود منطق القوة والخداع وهضم الحقوق .. وكأن العمل السياسي لا ينجح إلا إذا أُبعدت القيم الأخلاقية ؛ فهل فعلا يمكن إبعاد الاعتبارات الأخلاقية من العمل السياسي ؟ 

 

عرض الاطروحة:

 

يرى بعض المفكرين ، أن لا علاقة بين الأخلاق والسياسة ، لذلك يجب إبعاد الاعتبارات الأخلاقية تماماً من العمل السياسي ، وهو ما يذهب إليه صراحة المفكر الايطالي " ميكيافليي 1469 –1527 " في كتابه " الأمير " ، حيث يقول : « الغاية تبرر الوسيلة » ، حيث يرى أن نجاح العمل السياسي هو ما يحققه من نتائج ناجحة كاستقرار الدولة وحفظ النظام وضمان المصالح الحيوية .. بغض النظر عن الوسائل المتبعة في ذلك حتى وإن كانت لا أخلاقية ، فالأخلاق تضر بالسياسة وتعرقل نجاحها ، وان الدول التي تبني سياستها على الأخلاق تنهار بسرعة.

ويوافقه في ذلك أيضاً فيلسوف القوة " نيتشه 1844 –1900 " ، الذي يرى أن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء ، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع ، وهو لذلك غير راسخ على عرشه ، فيجب على الحاكم الالتجاء إلى المكر والخداع والرياء ، فالفضائل الإنسانية العظيمة من الإخلاص والأمانة والرحمة والمحبة تصير رذائل في السياسة . وعلى الحاكم أن يكون قوياً ، لأن الأخلاق هي سلاح الضعفاء ومن صنعهم .كما يقول توماس هوبز: " إن العنف و المكر يظلان معا الفضيلتين الأساسيتين في حالة الحرب" و يضيف أيضا" الإنسان ذئب لأخيه الإنسان" و بالتالي وجب فصل الأخلاق عن السياسة .

 الحجة

 وما يبرر ذلك أن المحكوم إنسان ، والإنسان شرير بطبعه ، يميل إلى السيطرة والاستغلال والتمرد وعدم الخضوع إلى السلطة المنظمة ، ولو ترك على حاله لعاد المجتمع إلى حالته الطبيعية ، فتسود الفوضى والظلم واستغلال القوي للضعيف ، ويلزم عن ذلك استعمال القوة وجميع الوسائل لردع ذلك الشر حفاظا على استقرار الدولة وبقائها .

ومن جهة ثانية ، فالعلاقات السياسية بين الدول تحكمها المصالح الحيوية الإستراتيجية ، فتجد الدولة نفسها بين خيارين : إما تعمل على تحقيق مصالحها بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية ، وإما تراعي الأخلاق التي قد لا تتفق مع مصالحها ، فتفقدها ويكون مصيرها الضعف والانهيار . 

نــقــــــــــد: 

ولكن القول أن الإنسان شرير بطبعه مجرد زعم وافتراض وهمي ليس له أي أساس من الصحة ؛ فالإنسان مثلما يحمل الاستعداد للشر يحمل أيضا الاستعداد للخير ، ووظيفة الدولة تنمية جوانب الخير فيه ، أما لجوئها إلى القوة فدليل على عجزها عن القيام بوظيفتها ، وإلا فلا فرق بين الدولة كمجتمع سياسي منظم والمجتمع الطبيعي حيث يسود منطق الظلم والقوة .

عرض نقيض الأطروحة: وخلافا لما سلف ، يعتقد البعض الأخر أنه من الضروري مراعاة القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية ، سواء تعلق الأمر بالعلاقة التي تربط الحاكم والمحكومين على مستوى الدولة الواحدة ، أو على مستوى العلاقات بين الدول . ومعنى ذلك ، أن على السياسي أن يستبعد كل الوسائل اللاأخلاقية من العمل السياسي ، وأن يسعى الى تحقيق العدالة والأمن وضمان حقوق الإنسان الطبيعية والاجتماعية . وهذا ما دعا إليه أغلب الفلاسفة منذ القديم ، فهذا " أرسطو " يعتبر السياسة فرعاً من الأخلاق ، ويرى أن وظيفة الدولة الأساسية هي نشر الفضيلة وتعليم المواطن الأخلاق . ثم حديثا الفيلسوف الألماني " كانط ، الذي يدعو إلى معاملة الإنسان كغاية في ذاته وليس كمجرد وسيلة ، كما دعا في كتابه " مشروع السلام الدائم " إلى إنشاء هيئة دولية تعمل على نشر السلام وفك النزاعات بطرق سلمية وتغليب الأخلاق في السياسة ، وهو ما تجسد – لاحقا – في عصبة الأمم ثم هيئة الأمم المتحدة ، كما دعا إلى ضرورة قيام نظام دولي يقوم على الديمقراطية والتسامح والعدل والمساواة بين الشعوب والأمم .حي يقول في هذا الشأن سبينوزا: " لم توجد الدولة لتحكم الإنسان بالخوف وإنما وجدت لتحرر الفرد مـــن الخــــوف " كما ألـحّ فلاسفة آخرون على أخلاقية الممارسة السياسية ، أبرزهم الألماني هيغل الذي يقول : " الدولة هي الوجود بالفعل للفكرة الأخلاقية " و الفرنسي " هنري برغسون و الانجليزي " برتراند رسل.

الحجة : 

إن الدولة خصوصاً والسياسة عموما ً إنما وجدتا لأجل تحقيق غايات أخلاقية منعدمة في المجتمع الطبيعي ، وعليه فأخلاقية الغاية تفرض أخلاقية الوسيلة . كما أن ارتباط السياسة بالأخلاق يسمح بالتطور والازدهار نتيجة بروز الثقة بين الحكام والمحكومين ، فينمو الشعور بالمسؤولية ويتفانى الأفراد في العمل .

ثم ان غياب الأخلاق وابتعادها من المجال السياسي يوّلد انعدام الثقة والثورات على المستوى الداخلي ، أما على المستوى الخارجي فيؤدي الى الحروب ، مع ما فيها من ضرر على الأمن والاستقرار وإهدار لحقوق الإنسان الطبيعية ، وهذا كله يجعل الدولة تتحول الى أداة قمع وسيطرة واستغلال . 

النقد:  

لا يمكن إنكار أهمية دعوة الفلاسفة الى أخلاقية الممارسة السياسية ، إلا ان ذلك يبقـى مجرد دعوة نظرية فقط ، فالقيم الأخلاقية وحدها – كقيم معنوية – لا تكفي لتجعل التنظيم السياسي قوياً قادراً على فرض وجوده وفرض احترام القانون ، ولا هي تستطيع أيضا ضمان بقاء الدولة واستمرارها ، وهو الأمر الذي يؤكد صعوبة تجسيد القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية . 

التركيب: 

وفي الواقع أنه لا يمكن الفصل بين الأخلاق والسياسة ، لذلك فغاية الممارسة السياسية يجب أن تهدف الى تجسيد القيم الأخلاقية وترقية المواطن والحفاظ على حقوقه الأساسية ، دون إهمال تحقيق المصالح المشروعة التي هي أساس بقاء الدولة وازدهارها

خاتمة: 

وهكذا يتضح ، أنه لا يمكن إطلاقا إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية رغم صعوبة تجسيدها في الواقع . ومن جهة أخرى ، فالأخلاق بدون قوة ضعف ، والقوة بدون أخلاق ذريعة للتعسف ومبرر للظلم . وعليه فالسياسي الناجح هو الذي يتخذ من القوة وسيلة لتجسيد القيم الأخلاقية وأخلاقية الممارسة السياسية

جميع مقالات الباك bac جميع الشعب 2023 موقع النورس العربي 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية

مقالة فلسفية حول علاقة الأخلاق والدولة
بواسطة (2.4مليون نقاط)
مقالة السياسة  والاخلاق
: هل يمكن إبعاد القيم الاخلاقية من الممارسة السياسية ؟

- #طرح_المشكلة:إن الدولة وجدت لإجل غايات ذات طابع أخلاقي ، مما يفرض أن تكون الممارسة السياسية أيضا أخلاقية ، إلا أن الواقع يكشف خلاف ذلك تماماً ، سواء تعلق الامر بالممارسة السياسية على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات بين الدول ، حيث يسود منطق القوة والخداع وهضم الحقوق .. وكأن العمل السياسي لا ينجح إلا إذا أُبعدت القيم الاخلاقية ؛ فهل فعلا يمكن إبعاد الاعتبارات الاخلاقية من العمل السياسي ؟
 #محاولة_حل_المشكلة
#الموقف_الاول:يرى بعض المفكرين ، أن لاعلاقة بين الاخلاق والسياسة ، لذلك يجب إبعاد الاعتبارات الاخلاقية تماماً من العمل السياسي ، وهو ما يذهب إليه صراحة المفكر الايطالي " ميكيافيلي 1469 –1527 " في كتابه " الامير " ، حيث يرى أن مبدأ العمل السياسي هو : « الغاية تبرر الوسيلة » ، فنجاح العمل السياسي هو ما يحققه من نتائج ناجحة كإستقرار الدولة وحفظ النظام وضمان المصالح الحيوية .. بغض النظر عن الوسائل المتبعة في ذلك حتى وإن كانت لاأخلاقية ، بل ويذهب الى أبعد من ذلك ، فيزعم أن الاخلاق تضر بالسياسة وتعرقل نجاحها ، وان الدول التي تبني سياستها على الاخلاق تنهار بسرعة.
ويوافقه في ذلك أيضاً فيلسوف القوة " نيتشه 1844 –1900 " ، الذي يرى أن السياسة لا تتفق مع الاخلاق في شيئ ، والحاكم المقيد بالاخلاق ليس بسياسي بارع ، وهو لذلك غير راسخ على عرشه ، فيجب على طالب الحكم من الالتجاء الى المكر والخداع والرياء ، فالفضائل الانسانية العظيمة من الاخلاص والامانة والرحمة والمحبة تصير رذائل في السياسة . وعلى الحاكم أن يكون قوياً ، لأن الاخلاق هي سلاح الضعفاء ومن صنعهم .
1 الحجة وما يبرر ذلك أن المحكوم إنسان ، والانسان شرير بطبعه ، يميل الى السيطرة والاستغلال والتمرد وعدم الخضوع الى السلطة المنظمة ، ولو ترك على حاله لعاد المجتمع الى حالته الطبيعية ، فتسود الفوضى والظلم واستغلال القوي للضعيف ، ويلزم عن ذلك استعمال القوة وجميع الوسائل لردع ذلك الشر حفاظا على استقرار الدولة ويقائها .
ومن جهة ثانية ، فالعلاقات السياسية بين الدول تحكمها المصالح الحيوية الاستراتيجية ، فتجد الدولة نفسها بين خيارين : إما تعمل على تحقيق مصالحها بغض النظر عن الاعتبارات الاخلاقية ، وإما تراعي الاخلاق التي قد لا تتفق مع مصالحها ، فتفقدها ويكون مصيرها الضعف والانهيار .
#النقد :ولكن القول أن الانسان شرير بطبعه مجرد زعم وإفتراض وهمي ليس له أي أساس من الصحة ؛ فالانسان مثلما يحمل الاستعداد للشر يحمل أيضا الاستعداد للخير ، ووظيفة الدولة تنمية جوانب الخير فيه ، أما لجوئها الى القوة فدليل على عجزها عن القيام بوظيفتها ، والا فلا فرق بين الدولة كمجتمع سياسي منظم والمجتمع الطبيعي حيث يسود منطق الظلم والقوة .
هذا ، واستقراء ميكيافيلي للتاريخ إستقراء ناقص ، مما لا يسمح بتعميم أحكامه ، فهو يؤكد – من التاريخ – زوال الدول التي بنيت على اسس أخلاقية ، غير أن التاريخ نفسه يكشف ان الممارسة السياسية في عهد الخلفاء الراشدين كانت قائمة على اساس من الاخلاق ، والعلاقة بين الخليفة والرعية كانت تسودها المحبة والاخوة والنصيحة ، مما أدى الى ازدهار الدولة لا إنهيارها .
وأخيراً ، فالقوة أمر نسبي ، فالقوي اليوم ضعيف غداً ، والواقع أثبت أن الدول والسياسات التي قامت على القوة كان مصيرها الزوال ، كما هو الحال بالنسبة للانظمة الاستبدادية الديكتاتورية . عرض نقيض الاطروحة :
#الموقف_الثاني : وخلافا لما سلف ، يعتقد البعض الاخر أنه من الضروري مراعاة القيم الاخلاقية في الممارسة السياسية ، سواء تعلق الامر بالعلاقة التي تربط الحاكم والمحكومين على مستوى الدولة الواحدة ، أو على مستوى العلاقات بين الدول . ومعنى ذلك ، أن على السياسي أن يستبعد كل الوسائل اللااخلاقية من العمل السياسي ، وأن يسعى الى تحقيق العدالة والامن وضمان حقوق الانسان الطبيعية والاجتماعية . وهذا ما دعا إليه أغلب الفلاسفة منذ القديم ، فهذا " أرسطو " يعتبر السياسة فرعاً من الاخلاق ، ويرى أن وظيفة الدولة الاساسية هي نشر الفضيلة وتعليم المواطن الاخلاق . ثم حديثا الفيلسوف الالماني " كانط 1724 –1804 " ، الذي يدعو الى معاملة الانسان كغاية في ذاته وليس كمجرد وسيلة ، كما دعا في كتابه " مشروع السلام الدائم " الى إنشاء هيئة دولية تعمل على نشر السلام وفك النزاعات بطرق سلمية وتغليب الاخلاق في السياسة ، وهو ما تجسد – لاحقا – في عصبة الامم ثم هيئة الامم المتحدة ، كما دعا الى ضرورة قيام نظام دولي يقوم على الديمقراطية والتسامح والعدل والمساواة بين الشعوب والامم . ومن بعده ألـحّ فلاسفة معاصرون على أخلاقية الممارسة السياسية ، أبرزهم الفرنسي " هنري برغسون 1856 – 1941 " و الانجليزي " برتراند رسل 1871 –1969 " .
2-ب-الحجةإن الدولة خصوصاً والسياسة عموما ً إنما وجدتا لأجل تحقيق غايات أخلاقية منعدمة في المجتمع الطبيعي ، وعليه فأخلاقية الغاية تفرض أخلاقية الوسيلة . كما أن ارتباط السياسة بالاخلاق يسمح بالتطور والازدهار نتيجة بروز الثقة بين الحكام والمحكومين ، فينمو الشعور بالمسؤولية ويتفانى الافراد في العمل .
ثم ان غياب الاخلاق وابتعادها من المجال السياسي يوّلد انعدام الثقة والثورات على المستوى الداخلي ، أما على المستوى الخارجي فيؤدي الى الحروب ، مع ما فيها من ضرر على الامن والاستقرار وإهدار لحقوق الانسان الطبيعية ، وهذا كله يجعل الدولة تتحول الى أداة قمع وسيطرة واستغلال .
 #النقد : لا يمكن إنكار أهمية دعوة الفلاسفة الى أخلاقية الممارسة السياسية ، إلا ان ذلك يبقـى مجرد دعوة نظرية فقط ، فالقيم الاخلاقية وحدها – كقيم معنوية – لا تكفي لتجعل التظيم السياسي قوياً قادراً على فرض وجوده وفرض احترام القانون ، ولا هي تستطيع ايضاً ضمان بقاء الدولة واستمرارها ، وهو الامر الذي يؤكد صعوبة تجسيد القيم الاخلاقية في الممارسة السياسية .
#التركيب : وفي الواقع أنه لا يمكن الفصل بين الاخلاق والسياسة ، لذلك فغاية الممارسة السياسية يجب أن تهدف الى تجسيد القيم الاخلاقية وترقية المواطن والحفاظ على حقوقه الاساسية ، دون إهمال تحقيق المصالح المشروعة التي هي اساس بقاء الدولة وازدهارها .
#حل_المشكلة :وهكذا يتضح ، أنه لا يمكن إطلاقا إبعاد القيم الاخلاقية من الممارسة السياسية رغم صعوبة تجسيدها في الواقع . ومن جهة أخرى ، فالاخلاق بدون قوة ضعف ، والقوة بدون أخلاق ذريعة للتعسف ومبررللظلم . وعليه فالسياسي الناجح هو الذي يتخذ من القوة وسيلة لتجسيد القيم الاخلاقية وأخلاقية الممارسة السياسية .

اسئلة متعلقة

...