في تصنيف بحوثات ومذكرات تعليمية وتخصصات جامعية وثانوية جاهزة بواسطة (2.4مليون نقاط)

النظرية الإجتماعية مقدمة حول النظرية الإجتماعية وعلم الإجتماع، بحث حول النظرية الإجتماعية

 مقدمة حول النظرية الإجتماعية وعلم الإجتماع

 الفصل الاول : ما بين علم الاجتماع والنظرية الاجتماعية.

الفصل الثاني : العلوم الاجتماعية الحديثة.

الفصل الثالث : النظريات الاجتماعية المعاصرة.. رؤية نقدية.

الفصل الرابع : المنهج العلمي لعلم الاجتماع.

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ النظرية الإجتماعية مقدمة حول النظرية الإجتماعية وعلم الإجتماع، بحث حول النظرية الإجتماعية

الإجابة هي 

بحث عن النظرية الإجتماعية 

الباب الاول

 الفصل الاول

 مابين علم الإجتماع والنظرية الإجتماعية

 النظرية الاجتماعية: نظرة جديدة للمجتمع الانساني  علم الاجتماع: أحد مصاديق النظرية الاجتماعية  الاضطراب الغربي في التمييز بين النظرية وعلم الاجتماع الإتجاهات الفكرية الاوروبية التي سبقت نشوء علم الإجتماع.

 النظرية الاجتماعية : نظرة جديدة للمجتمع الانساني

تتعامل النظرية الاجتماعية مع جانبين مهمين من جوانب الحياة البشرية ومتعلقاتها هما : المجتمع الانساني، والسلوك الاجتماعي. وبدراسة هذين الجانبين نحصل على صورة واضحة عن العلاقة بين تجربتنا الشخصية كأفراد وبين القوى التي تحرك شؤون المجتمع الانساني. وقبل الدخول في مناقشة الأساليب العلمية لدراسة المجتمع لابد لنا من التفريق بين النظرية الاجتماعية وعلم الاجتماع.

 التمايز بين النظرية الإجتماعية وعلم الإجتماع:

          فالنظرية الاجتماعية هي التركيبة العلمية النظرية أو البيان الفكري المترابط الذي يطرحه المفكرون على النطاق العلماني ، ويطرحه الدين على نطاق النظرية الفقهية الدينية . فالنظرية الاجتماعية الدينية مثلاً تستلهم أفكارها من مبادئ الدين وأحكامه الشرعية ونظامه الاخلاقي. أما علم الاجتماع فهو يمثل الطريقة العلمية التجريبية للتحري والتنقيب في المجتمعات البشرية. فعلماء الاجتماع يعملون من أجل البحث عن فهم للأشياء التي تحصل في المجتمع ويحاولون تقديم جواب شاف للتساؤل الملّح : لماذا تحصل مثل تلك الحوادث ؟ ولاشك أنّ قيمة البحث الاجتماعي ودرجة وثاقته تعتمد بالدرجة الاولى على دقة المعلومات التي يستقيها عالم الاجتماع في بحثه، وعلى طريقته التجريبية المنتقاة لجمع وتحليل تلك المعلومات والوثائق. وبكلمة، فإنّ ثقتنا بدقة معلومات عالم الاجتماع حول تحليل الاحداث في مجتمعنا تنبع من قدرته على ربط العلّة بالمعلول في السلوك الاجتماعي وعلى قدرته على إكتشاف الحقائق الاجتماعية والحكم عليها بدون تحيز مسبق.

          وبطبيعة الحال، فإنّ فهم مقدمات النظرية الاجتماعية يدعونا للتساؤل عن شخصياتنا كبشر. فلماذا يركن الافراد الى تشكيل العوائل ؟ ولماذا ينحرف بعض الافراد عن القوانين والاحكام الاجتماعية بينما يطيع البعض الآخر تلك القوانين والاحكام ؟ ولماذا يتمسك البعض بالدين وعقائده وإلزاماته الاخلاقية ويحيد البعض الآخر عنها ؟ ولماذا تختلف العشائر والقبائل والشعوب عن بعضها البعض ؟ ولماذا يثري بعض الافراد ويحكم ويعيش البعض الآخر حياة الفقر والذل والخضوع ؟ ولماذا تتحارب الشعوب والمجاميع الانسانية ضد بعضها البعض ؟ ولماذا تتوحد بعض المجتمعات تحت راية واحدة وقائد واحد ويتفكك البعض الآخر الى مجاميع متناحرة يقاتل بعضها بعضاً ؟

طبيعة النظرية الاجتماعية في معالجة مشاكل المجتمع:

          إنّ الجواب على جميع تلك الاسئلة وغيرها تتكفله النظرية الاجتماعية. فهي التي تضع المؤشرات الدقيقة للموازين الاجتماعية في الحكم، والسياسة، والقضاء، والتعليم، والعائلة، والقانون، والدفاع، والصحة، والتجارة، والزراعة، والصناعة، ونحوها. وهذه العناوين كلها تدخل تحت مظلّة عنوان كلي هو دراسة السلوك الاجتماعي والمجتمع الانساني. ولاشك إنّ هذه المهمة الملقاة على عاتق النظرية الاجتماعية كبيرة للغاية، ومعقدة، ومتباينة، ومتعددة الاتجاهات. لأننا ـ لو أنجزنا قدراً من تحقيقها ـ لتعلّمنا الشيء الكثير عن أنفسنا وعن العالم الاجتماعي المحيط بنا.

          وبناء النظرية الاجتماعية بشكل متكامل ليس هينّاً وليس بالعملية الميسورة لكل فرد. لأننا ننظر للمجتمع من زوايا مختلفة. فالعالَم الخارجي من حولنا لايكوّن في أذهاننا ـ كافراد ـ حقيقة واحدة متساوية الأبعاد والاطراف. فكلٌ منا ينظرُ الى العالَم من زاوية تفكيره الخاص. فالمسكن الذي أمامنا قد يبدو لنا بكل بساطة على أنه مسكن، إلاّ أنّ نظرات الافراد وتفسيرها له تختلف من شخص لآخر. فالمعماري ينظر اليه من زاوية فن البناء والهندسة الفنية المعمارية، واللص ينظر اليه من زاوية قدرته على التسلق والسرقة، وتاجر الأراضي ينظر اليه من زاوية قيمته السوقية التجارية، وهكذا. وكلُ فرد من هؤلاء ينظر الى ذلك البيت من زاوية بُعده الشخصي ويبني على ذلك نتائج وآثاراً خاصة به. إلاّ اننا اذا إستبدلنا البيت في مثالنا السابق بالمجتمع، فاننا سوف نرى أنّ كلاً من الفيلسوف، والأديب، ورجل السياسة، ورجل الاجتماع ينظر الى المجتمع من زاوية إهتماماته الفنية. فنظرة الفيلسوف تنحصر مثلاً في المقدمات والنتائج والعلّة والمعلول، ونظرة الأديب تنحصر في الوصف اللغوي، ونظرة السياسي تنحصر في فكرة «مَن الذي يحكم مَن ولماذا ؟ »، ونظرة عالِم الاجتماع تنحصر في تحليل السلوك الاجتماعي وتأثيره على المجتمع الانساني.

          ولكن النظرية الاجتماعية تتقدم كل تلك الإهتمامات بدرجة، وتتميز عنها بكونها تنظر للمجتمع بلحاظ النظرة الكلية الشاملة. فهذه النظرية تدعونا الى رؤية ما يحيط بنا من اشياء تخص المجتمع كما لو كانت تلك الرؤية تحصل للمرة الاولى في حياتنا. فنحن ورثنا ما نراه من تقاليد ونشاطات إجتماعية، ولا نستطيع أن نُنشىء نظرية إجتماعية تلائم مجتمعنا ما لم نتجرد عن النظرة التقليدية ونرتفع الى مستوى النظرة الشمولية التي تشجعنا على رؤية خصائص المجتمع الانساني وتفسيرها على ضوء تلك النظرة الجديدة. فالنظرية الاجتماعية تفتح لنا أبواب العالَم لننظر الى الأغنياء والفقراء، والأقوياء والضعفاء، والساسة والمحكومين، والاطباء والمرضى، والقضاة والخارجين على القانون، وبعدها تضع لنا الحقيقة الاجتماعية التي تستطيع أن تضبط وتحدد سلوك كل هؤلاء الافراد ضمن المعالم الأخلاقية التي تحملها الينا.

          إنّ أول الحقائق التي يجب ان نؤمن بها عند دراستنا للنظرية الاجتماعية هي أن للافراد جميعاً كيانات إجتماعية لا بالغريزة فحسب، بل بالضرورة ايضاً. لأننا لا نستطيع العيش منفردين أو منعزلين عن بعضنا الآخر. فنحن نولد في مجتمع وُجِدَ من قبلنا ونترك الحياة في مجتمع سيحيا من بعدنا. وما هذّب آمالنا ومخاوفنا وقناعاتنا وحاجاتنا إلاّ العيش تحت ظل العشيرة أو القبيلة أو الشعب أو الاُمة التي إنتمينا اليها.

تابع قراءة المزيد من المعلومات المتعلقة بمقالنا هذا في اسفل الصفحة على مربع الاجابة وهي كالتالي بحث ملخص حول النظرية الإجتماعية

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
دور النظرية في تصميم المؤسسات الإجتماعية:

          والنظرية الاجتماعية تُصمّم طبيعة المؤسسات التي تؤثر على السلوك الإنساني، بينما يدرس علم الاجتماع طبيعة التفاعلات الاجتماعية التي تحصل بين أفراد المجموعة الإنسانية كالاُمة أو القبيلة أو العشيرة. ولنفترض إفتراضاً علمياً ، وهو أننا لو آمنا بان النظرية الاجتماعية الإسلامية قد صَمّمتْ طبيعة المؤسسة العائلية في المجتمع ودورها في قضايا الزواج والقيمومة والنفقة والوصية والإرث والطلاق، فان علم الاجتماع سوف يدرس طبيعة تلك القيمومة ومقدار تلك النفقة في المجتمع القروي مثلاً ، وطبيعة الزواج والطلاق عند المواطنين في المدن، وتأثير الوصية والإرث على الفقراء. ومن حصيلة تلك المعلومات الاحصائية المستنتَجة من البحوث الحقلية يقوم علم الاجتماع بإستخراج نظرة كلية عن طبيعة تلك المجتمعات، وعندها نستطيع أن ندرس الفرق بين النظرية والتطبيق أو قل بين النظرية الاجتماعية ومصاديقها العملية.

          وهذه الفكرة مهمة جداً بل خطيرة للغاية. لأننا لو نجحنا ـ علمياً ـ بالنظر الى المجتمع من زاوية مفادها أن العلاقات الاجتماعية وطبيعة النظام الاجتماعي هما نتاج مؤقت وحالة من الحالات التي خلقها الافراد لأنفسهم، إستطعنا ـ حينئذ ـ أن نزيل عن أذهاننا النظرة التقليدية التي تعتبر المجتمع ونظامه حالة غير قابلة للتغيير وقضية طبيعية مسلّم بها. ومن ثمَّ ، فإننا سنؤمن بان الافراد الذين خلقوا ذلك النظام الاجتماعي وثبّتوه لهم القابلية والقدرة على تغييره بأنفسهم ايضاً ، بما يناسب التوجه الحقيقي للنظرية الاجتماعية.

          فالنظرية الاجتماعية تبقى دائماً ثابتة وفوق كل المتغيرات، بينما تكون مؤسسات النظام الاجتماعي متغيرة بتغير الافراد ومتباينة بتباين طبيعة التفاعل الاجتماعي بينهم. ونقصد بالتفاعل الاجتماعي الطرق التي يتعامل بها الافراد مع بعضهم البعض، والحالات التي يستجيب فيها الافراد لبعضهم الآخر، والحالات التي يؤثر فيها أحدهم على الآخر. والسلوك الاجتماعي للافراد كالتحية والتعامل التجاري والتزاوج والتأجير والتوكيل والإعتداء ونحوها كلها من نتاج التفاعل الاجتماعي بينهم.

 النظرية الإجتماعية الدينية وفكرة «التصور الإجتماعي»:

          وبطبيعة الحال، فإنّ النظرية الدينية في الاجتماع تعدُّ أكثر تكاملاً وإنصافاً من أي نظرية اُخرى من النظريات الاجتماعية لأنها لا تلحظ أي مصلحة ذاتية غير مصلحة الفرد والجماعة. فكما نعلم إنّ الفرد الذي يضع لنا فرضية أو نظرية إجتماعية معينة، يرى ـ في الواقع ـ العالم الخارجي من خلال تجربته المحدودة في دائرة العائلة والمدرسة والعمل. ولاشك إنّ تلك العوامل تحدّد وتضيّق من نظرته الشخصية نحو فهم المجتمع الواسع الكبير. فلا نستطيع أن ننكر بشكل تام دور المصلحة الذاتية ودور القوى الاجتماعية المتصارعة في تحديد نظرة صاحب تلك النظرية تجاه المجتمع وفرضيته المطروحة. ولذلك فإن عالِماً إجتماعياً غرّبياً مثل «سي. رايت ميلز» عالج تلك المشكلة بإفتراض فكرة «التصور او التخيل الاجتماعي»، وهي الفكرة التي تزعم بان عالِم الإجتماع ينبغي له قبل أن يضع نظريته الاجتماعية أن يكون على وعي واضح من العلاقة بين تجربته الشخصية والمجتمع الكبير. فعن طريق «التصور الاجتماعي» يستطيع الباحث أن يهرب من مجتمعه الصغير المحدود لينطلق في رحاب المجتمع الكبير عبر إنشاء علاقة جديدة بين منطلقه الشخصي والوقائع الاجتماعية الكبيرة. فمثلاً أن الحروب تخلف وراءها الكثير من الأرامل واليتامى، فالباحث المنصف عليه أن يتلبس بلباس العائلة التي عانت من نتائج تلك الحروب. فهل يستطيع ذلك الباحث الاجتماعي أن يتصور تصوراً ذاتياً أنه يعيش حالة يُتم واقعية ليحلل ـ بعدها ـ بصدق نتائج تلك المآسي ؟ فإن كان قادراً على ذلك «التصور الاجتماعي» فإنه قد إستطاع، في الواقع، أن يكوّن علاقة جديدة بين رأيه الشخصي وبين تلك الواقعة الاجتماعية.

ولكن «التصور الاجتماعي» لا يستطيع حل مشكلة المصلحة الذاتية في صياغة شكل النظرية الاجتماعية. فالعالِم الاجتماعي الذي يملك ثروة واسعة لا يستطيع أن يتلبس بلباس الفقر ـ نظرياً ـ ويضع بعدها فرضية إجتماعية لصالح الفقراء، ما لم يذُق واقعاً مرارة الفقر ويعيش مأساة المحرومين، فيستطيع عندها أن يضع حلاً ناجعاً لمشكلتهم المزمنة. وعالِم الاجتماع الاوروبي لا يستطيع أن يقدّم حلاً لمشاكل المجتمعات الشرقية. لأن التلبس النظري بالمشكلة الاجتماعية لا ينفع صاحب النظرية ما لم يعش تلك المشكلة ويكون من أبنائها الحقيقيين. وحتى هذا المستوى من التلبس أو العيش في قلب المشكلة الاجتماعية لا يفي بالغرض، لأن الانسان اذا استطاع أن يعيش مشكلة اجتماعية، فإنما يعيش مشكلة واحدة فقط، فكيف نستطيع، كأفراد، حل بقية المشاكل البعيدة عن روحية وتفكير ذلك العالِم الاجتماعي.

 ملامح النظرية الإجتماعية الدينية:

          هنا ، نتوجه رويداً رويداً نحو النظرية الدينية في الاجتماع، لنستلهم منها تصوراتها الاجتماعية والاخلاقية. فهي ليست رسالة روحية فحسب، بل ان فيها خصائص إجتماعية وإلزامية فريدة ومتميزة. وهذه الخصائص هي التي تمنحها صفة الثبات وتجعلها تتفوق على جميع الآراء البشرية. فمن هذه الخصائص :

          اولاً : إنّ صاحب النظرية غنيٌ عن المصالح الذاتية. فإذا آمنا بإن الخالق عز وجل هو صاحب الرسالة، لأنتفت عن أذهاننا تماماً قضية المصلحة الذاتية.

          ثانياً : إنّ رسالة الدين وما تمثله من أفكار روحية وإجتماعية هدفها بالأصل تنظيم الحياة الاجتماعية للإنسان من أجل أن يتفرغ لعبادة خالقه وبارئه. ولاشك أن اُطروحة الرسالة الدينية تتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية بين الافراد على إختلاف ألوانهم واُصولهم العرقية ومشاربهم الفكرية.

          ثالثاً : إنّ النظرية الاجتماعية الدينية ليست علماً في الاجتماع، بل إنها تمثل القواعد الإلزامية في السلوك والتفاعل الاجتماعي. فالنظرية الاجتماعية الدينية ترشد المؤسسات الاجتماعية نحو الهدف المعلوم. فهي تصمم إطار المؤسسات الاجتماعية وتضع لها القواعد والموازين الاخلاقية الخاصة بها. فمن مسؤوليات النظرية الاجتماعية الدينية الإجابة على الاسئلة التالية : أيهما نُقدمّ أولاً المنفعة التجارية أم الخدمة الإنسانية، في حقل المؤسسة الطبية ؟ وهل نُقدمّ الأعلمية الدينية أم الخبرة الاجتماعية في الولاية الشرعية ؟ وهل يجوز الإنتخاب أم التعيين في النظام السياسي ؟ وهل يخفّف التحريض أو الاغراء الشديد من عقوبة الجاني ؟ وأيهما تُقدمّ أولاً حقوق الفرد أم حقوق الجماعة ؟ وهل أن للمحامي وللنائب العام دوراً في القضاء أم أن القاضي والمدعي والمدعى عليه هم وحدهم أركان القضية الجنائية أو الحقوقية ؟ كل هذه الاسئلة الحسّاسة تتكفل النظرية الاجتماعية الدينية بالإجابة عليها ضمن محورين رئيسيين هما : الاول : الإجتهاد. بمعنى إستنباط الاحكام الشرعية من مصادرها الرئيسية في معالجة المشاكل والإبتلاءات المتغيرة بتغير الزمان والمكان، على الصعيدين الفردي والاجتماعي. والثاني : إستثمار الفقيه لفكرة «أهل الخبرة» بجميع أبعادها العملية والتطبيقية. فالفقيه ـ في عالم اليوم ـ لا يستطيع الإستغناء عن ذوي الخبرة في مجالات الاقتصاد والتربية والتعليم والتصنيع والزراعة بأي شكل من الأشكال. وسلب الخبرة الاجتماعية عن القضايا الفقهية يعني، ببساطة، سلب القضايا الموضوعية عن الأحكام الشرعية في مواطن الإبتلاء. وبكلمة، فإنّ في طريق الإجتهاد محاولات إستنباطية للأحكام الشرعية الثابتة التي لها علاقة مباشرة بأصل النظام الاجتماعي. وفي طريق أهل الخبرة محاولات جادة لبلورة ملامح العرف الاجتماعي والإرتكاز العقلائي فيما يتعلق بالمشاكل التي يعاني منها المجتمع ونظامه الاجتماعي. وعن طريق هذين المحورين تتوضح اُصول النظرية الاجتماعية الاسلامية وتنكشف ملامحها الرئيسية في تنظيم التركيبة الاجتماعية وتهذيب السلوك الاجتماعي للافراد والجماعة.

علم الإجتماع : أحد مصاديق النظرية الإجتماعية

          ولرب سائل يتساءل: ما هو العلم ؟ وكيف نستطيع تحديد وتعريف العلوم ؟ وجواباً على ذلك فأن العلم يشير الى الطريقة المنهجية المنطقية التي نستطيع فيها تحصيل قدر من المعرفة في حقل خاص ; ومن خلال تلك الطريقة تتشكل ماهية ذلك العلم وطبيعته. فالعلوم تقسم، بموجب ذلك الفهم، الى قسمين :

          الاول : العلوم الطبيعية، وهي العلوم التي تدرس الظواهر الفيزيائية والبيولوجية للاشياء والكون والانسان.
0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
الثاني : العلوم الاجتماعية، وهي العلوم التي تدرس جوانب السلوك الاجتماعي.

          ولاشك إنّ العلوم الدينية تنفصل عن العلوم الطبيعية والاجتماعية بإعتبارها علوماً آلهية لها قدسية معينة وفيها إلزامات أخلاقية تفتقر لها العلوم الاخرى. فلنطلق على ذلك القسم الثالث الجديد من العلوم بالعلوم الإلزامية وهي تمثل علوم الدين بما فيها النظرية الاجتماعية الاسلامية. فهذه العلوم ليست علوماً طبيعية خاضعة للتجربة، وليست علوماً إجتماعية بالمعنى الوضعي المتعارف الذي يشير الى تلك العلوم. وحديثنا عن النظرية الاجتماعية الدينية ينبع من هذا التصور. فمع إننا ننقد النظريات الاجتماعية الغربية أو الشرقية ونقارن بينها وبين النظرية الدينية، إلاّ إننا نعتبر النظرية الدينية علّة من علل الرسالة الالهية. فالنظرية الاجتماعية الدينية تستمد عصمتها وكمالها من عصمة وكمال الرسالة الالهية. ولكن التطبيقات الانسانية الخاطئة أحياناً هي التي تجعلنا نتحسس الفرق بين النظرية والتطبيق. ومن هذا المنطلق الفكري نفهم علم الاجتماع. فعلم الاجتماع في دولة إسلامية مثلاً ينبغي أن يدرس تلك الفوارق التي نلحظها بين النظرية والتطبيق. خذ على سبيل المثال الفكرة القائلة بان النظرية الاجتماعية الشرعية تضع موازين الطلاق على الصعيد النظري، وما دور علم الاجتماع إلاّ جمع الإحصاءات الخاصة بتلك النشاطات الاجتماعية ومعرفة أسباب إرتفاع نسبة الطلاق مثلاً في مجتمع دون آخر. والخروج ـ بعدها ـ بقاعدة كلية يمكن تطبيقها على حالات متعددة. ولنفترض ان تلك القاعدة الكلية تفصح عن ان أحد أسباب إرتفاع نسبة الطلاق هو الفقر وتدني المستوى المعيشي للافراد في ذلك المجتمع. فيكون علم الاجتماع ـ عندها ـ مؤشراً علمياً لتشخيص حالات الضعف والقوة على صعيد النظرية الاجتماعية، أو مؤشراً عملياً على تطبيق خاطىء أو صائب للنظرية الاجتماعية نفسها.

 القواعد الكلية في علم الإجتماع:

          وإستنتاج القواعد الكلية مهم جداً في فهم طبيعة العلوم. لأن القواعد الكلية تضع بعض الأحداث المنفصلة التي يبدو أنها لاتحمل معنى معيّناً في موضع صحيح يتيسر لنا فهمه وإدراك أبعاده ومتعلقاته. فيكون بمقدورنا أن نحلّل علاقة العلّة بالمعلول، ونوضّح لماذا تحصل بعض الحوادث، ونتوقع حدوث وقائع متشابهة تحت نفس الظروف والشروط في المستقبل.

          ولاشك إنّ إستناد علم الاجتماع على إستنتاج القواعد الكلية، وتفسير حصول الحوادث، وتوقعها يعني ان التحليل المنهجي للبراهين المتغيرة سوف يكون تحليلاً علمياً . وبتعبير آخر إنّ البرهان الذي أثبته عالِم من علماء الاجتماع في مكان ما يستطيع أن يثبته عالِم آخر وفي مكان ثان ، وبنتائج متشابهة. وهنا يصبح علم الاجتماع علماً منهجياً بعيداً عن الاوهام والتخيلات. فلابد أن نصل الى الحقيقة الظاهرية عبر إستخدام المنهج العلمي الذي يبعدنا عن المسلّمات غير المنطقية ; وهي المسلّمات التي لا تستند على أساس عقلائي سليم

ومع إنّ العلم التجريبي ـ وبضمنه علم الاجتماع ـ يحمل تلك الروح في التحري والتنقيب لإكتشاف الحقيقة العلمية، إلاّ إنه يحمل في طياته مشكلة خطيرة. وهذه المشكلة تتلخص بأن العلم التجريبي لا يعترف أن هناك مساحة مقدسة يحرُم عليه دخولها وإكتشافها، حتى لو كانت تلك المساحة قضية غيبية. فكل إستفسار نستطيع أن نجيب عليه عن طريق المنهج العلمي، حسب زعم النظرية التجريبية. إلاّ إنّ العلم التجريبي يناقض نفسه في تلك القضية بالذات. فهو في الوقت الذي يزعم فيه بأنه لا توجد مساحة مقدسة تمنعه من الوصول اليها لإثباتها أو إنكارها، يعترف ـ بمرارة ـ بعجزه عن الوصول الى الحقيقة الواقعية النهائية. وهذا الإعتراف بالفشل يثبت لنا بأن العلم التجريبي قادر على تحليل وتفسير المعلومات المتوفرة في الواقع الخارجي المرئي لا اكثر. ولذلك فان المعلومات الجديدة التي ترد بين الفينة والاخرى تضيف الى تصوراتنا حقائق ذهنية جديدة، لكنها لن تغير من طبيعة وجوهر الحقائق الخارجية شيئاً .

          وهنا يكمن الفرق بين النظرية الاجتماعية الدينية ـ والاسلامية بالخصوص ـ وبين علم الاجتماع. فإنّ في علم الاجتماع مناطق واسعة للتجربة، وإعادة التجربة، والتفسير، وإعادة التفسير، والتصحيح، والدحض. ولكن النظرية الاجتماعية الدينية وباعتبارها جزء من الأحكام الشرعية والإلزامات الاخلاقية السماوية لا يمكن أن تتبدل بتبدل الزمان أو المكان، بل هي من الثوابت الفلسفية اذا آمنا بأن الكون وما فيه يخضع للنظام الالهي والحسابات الربانية.
0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
«علم الإجتماع» في خدمة «النظرية الإجتماعية»:

          ولاشك إنّ الحياة الاجتماعية لا تخضع للاحداث العشوائية، بل إنّ المجتمع الانساني وفعالياته المتنوعة تخضع في كل الاحيان الى النظام والتصميم. ولما كان علم الاجتماع يتعامل مع نفس المناهج العلمية في البحث والتحري كما ألمحنا الى ذلك سابقاً ، فإنّ النتائج التي يستنتجها علماء الاجتماع في مجتمعات إنسانية مختلفة خاضعة لنفس شروط التجربة، تتشابه الى حد كبير. فعالِم الاجتماع يجمع ويحلّل المعلومات الخاصة بالمشكلة الاجتماعية. وعلى ضوء ذلك التحليل يخرج بإستنتاجاته العلمية التي تساعدنا على تصحيح أو حل تلك المشاكل الاجتماعية. وبكلمة، فإنّ علم الاجتماع يكون دائماً في خدمة النظرية الاجتماعية ; وعلم الاجتماع يرشدنا دائماً الى فهم طبيعة المشكلة الاجتماعية. فاذا إكتشف علماء الاجتماع مثلاً بأنّ ستين بالمائة من الافراد في مجتمع غني يعيشون حياة الفقر، فإننا سنُدرك بأنّ هناك مشكلة خطيرة في إنعدام عدالة توزيع الثروة الاجتماعية بين الافراد في ذلك المجتمع. وإذا أكتشف علم الاجتماع بأنّ المستشفيات في البلد الفلاني لا تستقبل أكثر من أربعين بالمائة من طاقتها التشغيلية مع إنّ هناك الآلاف من المرضى الذين لايحق لهم الإستشفاء في تلك المؤسسات الطبية، نُدرك بأنّ النظرية الاجتماعية وضعت المنفعة التجارية قبل الخدمة الانسانية فيما يخص الحقل الطبي. واذا أكتشف علم الاجتماع بأنّ سبعين بالمائة من المنحرفين عن الخط الاجتماعي العام المحكوم عليهم بالسجن، يستمرون بالإنحراف حتى بعد خروجهم من السجن، نُدرك بأنّ النظرية الاجتماعية قد فشلت في تحقيق قدر أدنى من الردع في نظام العقوبات.

          فعلم الاجتماع يُظهر ويُبرز مظاهر القوة والضعف في النظرية الاجتماعية عن طريق تشخيص المشاكل التي يجلبها التطبيق. إلاّ إنّ علم الاجتماع ـ كبقية العلوم التجريبية ـ يمتاز بنواقص ومتغيرات عديدة، لأنه يتعامل مع الافراد الذين لهم القابلية على تغيير أو تبديل سلوكهم متى شاؤوا. ولذلك فإننا ـ ومن وجهة نظر الرسالة الدينية ـ لا نستطيع أن نستقرىء نظرية إجتماعية من مفردات وتطبيقات علم الاجتماع، بل لابدّ أن تكون تلك النظرية الاجتماعية جزء لا يتجزأ من النظرية الدينية المصمّمة من قبل الخالق عز وجل وجاهزة في الوقت نفسه للتطبيق. فالنظرية الاجتماعية الدينية حاكمة على علم الاجتماع، وليس العكس.

الإضطراب الغربي

في التمييز بين النظرية الاجتماعية وعلم الإجتماع

          وقد برز علم الاجتماع في اوروبا كعلم مستقل في المراحل الاولى للثورة الصناعية عندما تعرضت تلك المجتمعات التقليدية الى إنفجار مفاجىء فيما يخص التغيير الاجتماعي وبروز مشاكل إجتماعية لم يسبق لها مثيل. فوُلِدَ عندها علم الاجتماع كمحاولة لفهم التحولات الصناعية التي أصبحت تُهدد إستقرار وثبات المجتمع الغربي. ولم يشأ علماء الاجتماع المتقدمين ـ في الغرب ـ امثال «أوغست كونت» ، و«هربرت سبنسر» ، و«كارل ماركس» ، و«اميلي ديركهايم» ، و«ماكس وبر» ; والعلماء المتأخرين أمثال «تالكوت بارسنز» ، و«سي. رايت ميلز» ، و«روبرت ميرتون» ، و«بيتر بيركر» أن يصبّوا جلّ إهتمامهم على دراسة القوى التي تمسك النظام الاجتماعي وتوحّده والقوى المضادة التي تحاول تجزئة ذلك النظام، ولكنهم لم يلتفتوا الى دراسة النظرية الاجتماعية. وربما نفهم ان سبب إهمال دراسة النظرية الاجتماعية، يعود الى أن الفلاسفة كانوا قد أخذوا على عاتقهم دراسة ما ينبغي ان يكون عليه المجتمع المثالي وليس دراسة واقع المجتمع الفعلي، ولاشك ان هذه الفكرة تشير بوضوح الى إهتمام الفلاسفة والمفكرين بدراسة فلسفة النظرية الاجتماعية. في حين ترك موضوع واقعية المجتمع والمشاكل التي يواجهها لعلم الاجتماع الوليد. إلاّ انّ الفلاسفة الاوروبيين لم يهتمّوا بالنظرية الاجتماعية بقدر ما إهتمّوا وكثّفوا جهودهم حول ربط العلّة والمعلول بالسلوك الاجتماعي للافراد. ولم يلتزم علماء الاجتماع بدراسة واقعية المجتمع بالصورة المتوقعة ايضاً . فأصبحت بعض قضايا النظرية الاجتماعية وبعض وقائع علم الاجتماع تعيشان في منطقة رمادية مشوشة.

 الفكر الإجتماعي عند مفكري الغرب:

          فالفيلسوف الفرنسي «اغوست كونت» ( ت 1857 م) أقترح إستخدام مصطلحين فلسفيين لمناقشة المشاكل الاجتماعية هما : «الإستقرار الاجتماعي» و«الفعالية الاجتماعية» . فأراد بـ «الإستقرار الاجتماعي» معاني النظام والثبات في المجتمع الانساني ؛ وتساءل : كيف تتماسك المجتمعات الانسانية فيما بينها، ولماذا ؟ أما مصطلح «الفعالية الاجتماعية» فأراد به الإشارة الى مشاكل التغير الاجتماعي ; وتساءل مرة اُخرى : ما الذي يجعل المجتمعات الإنسانية تتغير ؟ وما هي طبيعة واشكال ذلك التغير ؟.

          أما العالِم الاجتماعي الأمريكي «هربرت سبنسر» ( ت 1903 م) فقد صاغ إفتراضاً يفسّر مشاكل النظام الاجتماعي والتغير الذي يحصل في سلوك الافراد. وزعم بأن المجتمع يشتمل على أعضاء أو «أنظمة» إجتماعية كالاقتصاد والسياسة تشابه أعضاء جسم الانسان كالقلب والرئتين كلها تعمل بإنتظام من أجل التوافق والتنسيق الاجتماعي والتطور.

          إلاّ أن فيلسوفاً إجتماعياً المانياً هو «كارل ماركس» ( ت 1883 م) رأى أن مهمّة عالِم الاجتماع لا تقتصر على وصف العالَم الخارجي بل تقتضي تغييره بالقوة إن أمكن. فماركس رأى حتمية «الصراع الاجتماعي» و«حتمية الثورة» ضد الرأسمالية الظالمة وآمن بان للاقتصاد دوراً رئيسياً مؤثراً في النظام الاجتماعي.

          ولكن ذلك لم يثنِ عالِم الاجتماع الفرنسي «اميلي ديركهايم» ( ت 1917 م) من معارضة ما جاء به «كارل ماركس» كلياً . فأدّعى بأن المشكلة الاجتماعية هي مشكلة «النظام الاجتماعي» وما يمثله من أفراد. فالمجتمعات الانسانية تتماسك عن طريق العقيدة المشتركة وقيم أفرادها، خصوصاً القيم التي تدعو اليها العقيدة الدينية وتتبناها التقاليد الاجتماعية. وبكلمة، فإنّ «ديركهايم» آمن بالجوانب الإيجابية للنظام الاجتماعي على عكس «ماركس» الذي آمن بالصراع والجوانب السلبية للنظام.

          اما العالِم الاجتماعي الالماني «ماكس وبر» ( ت 1920 م) فقد كان يطارد شبح «كارل ماركس» أينما حلّ. فهو في الوقت الذي أدان فيه التغير الاجتماعي في المجتمعات الصناعية، وأخذ بشدة على عدم إنسانية الحضارة الغربية الحديثة، أعتقد بأن الدين ـ خصوصاً النصرانية البروتستانتية ـ هو مركز الحضارة والتغير الاجتماعي، على نقيض «كارل ماركس» الذي زعم بأن الدين هو أفيون الشعوب.

          إنّ هذا التباين في الأفكار الاجتماعية الغربية جعل علم الاجتماع يولد يتيماً دون رعاية نظرية إجتماعية ثابتة تهتمّ بشؤونه النظرية وترشده الى الوصول نحو أهدافه العليا في فهم المجتمع الانساني وتبرير سلوك الافراد على الصعيدين الاخلاقي والديني. وحتى أن الذين أرادوا لعلم الاجتماع أن يكون علماً علمانياً لا علاقة له بالدين إعترفوا بأن أغلب علماء الاجتماع الذين وضعوا أفكارهم كانوا يؤمنون بقوة بعقيدتهم الدينية. فـ «كارل ماركس» و«اميلي ديركهايم» كانا يؤمنان بقوة بعقيدتهما اليهودية وكرههما للنصرانية ; و«ماكس وبر» لم يخفِ عقيدته البروتستانتية وتأثيرها على الفرضيات التي طرحها. وحتى أن «اغوست كونت» و«هربرت سبنسر» كانا لايعارضان دور الدين الإيجابي في تشكيل التوافق الاجتماعي.

اسئلة متعلقة

...