في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة (2.4مليون نقاط)

خطبة مختصرة بعنوان الحث على مواصلة العبادة بعد عيد الأضحى

خطبة مكتوبة اول جمعة بعد عيد الأضحى المبارك الحث على مواصلة العبادة بعد عيد الأضحى

الحث على مواصلة العبادة بعد عيد الأضحى

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أما بعد:

عباد الله:

اتقوا الله, فخير الزاد التقوى وتقربوا لمولاكم بما يحب ويرضى.

أيها الناس:

مر على أهل الإسلام موسم عظيم من مواسم الخيرات, موسم الحج, وعيد الأضحى, فالحجاج قدموا من الآفاق استجابة لمناد الله, ليؤدوا فريضة الحج, شعثـاً غبراً, ضاجين بالتـلبية, حتى أكمل الله دينهم بأداء الفريضة, فكملت لديهم الأركان الخمسة, التي بني عليها الإسلام, وهي الشهادتان, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, والحج.

فكم من عائد لأهله مستبشراً بفضل الله ورحمته, بعد أن أدى نسكه, مكثوا تلك الأيام بين المشاعر على إرث أبيهم إبراهيم, ويعملون على وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم, فلما قضوا مناسكهم عادوا ذاكرين شاكرين لله عز وجل على ما يسر لهم ومنَّ به عليهم, وهذا الموسم العظيم شارك فيه من لم يحج بالتكبير في عشر ذي الحجة, وأيام التشريق, وصيام عرفة تقرباً لله عز وجل, ونحر الأضاحي امتثالاً لقوله تعالى: ( فصل لربك وانحر) واستجابة واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:" بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد, ومن أمة محمد", ثم ذبح أضحيته عليه الصلاة والسلام بيده, وهكذا فعل أهل الإسلام في مشارق الدنيا ومغاربها, ذبحوا لله عز وجل, ولم يذبحوا لنصب, أو قبور, أو جن, أو أنس.

{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {163}}الأنعام.

وهذا الذبح اشترك فيه الحاج المتمتع والقارن لوجوب الهدي عليهما وغير الحاج بذبح الأضحيه فمرت أيام التشريق الفاضله على أهل الإسلام وهم يذبحون ويأكلون ويشربون ويذكرون ويشكرون عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:" أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"رواه مسلم.

عباد الله:

مر هذا الموسم على أهل الإسلام, وجرى فيه من الخير ما جرى من العبادة والذكر والشكر وصلة الرحم, وغير ذلك, ولكن! ليعلم أن عبادة الله عز وجل باقية, لا تنتهي بانتهاء موسم.

قال تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ {99}‏}الحجر.

فالمحافظة على الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين, وصلاة الجمعة, وشهود الجماعات, وأداء الفرائض, والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل, وفعل الخيرات, وترك المنكرات, مواسم مستمرة مع المسلم لا تنقطع إلا بموته, فالسعيد من وفقه الله عز وجل لعبادته مادامت الروح في الجسد, والشقي من أعرض عن ربه.

أيها الناس:

إن أهل الكفر وأعوانهم, قد تكالبوا على أهل الإسلام في هجمة شرسة, ولا مخرج ولا منجا ولا ملجأ إلا إلى الله عز وجل, بامتثال عبوديته, والتقرب إليه, وطلب المدد منه سبحانه وحده, دون ما سواه, والعمل بأسباب النصر المعنوية والمادية, فجاهدوهم بأيديكم وألسنتكم, وأقلامكم, وبكل وسيلة مباحة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {7} وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ {8}}محمد.

أقول ما تسمعون, وأسأل الله لي ولكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة, وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد.

تابع قراءة المزيد من الخطب مكتوبة ومؤثرة بعنوان ما بعد عيد الأضحى المبارك وهي كالتالي على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية

من ملتقى الخطباء وصيد الفوائد ومنبر الخطباء 

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة ما بعد العيد بعنوان الشكر بعد النعم

. خُطْبَة مابعد الْعِيد بِعِنْوَان الشُّكْر بَعْد النِّعَم .

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ،/ نَحْمَدُهُ،/ وَنَسْتَعِينُهُ، /وَنَسْتَغْفِرُهُ،/ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، /مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ،/ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، /تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، /وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، /وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، /وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أمَّا بَعْدُ..فاتَّقُوا اللهَ أيها المسلمون ،/فإنها وصية الله للأولين والآخرين،/ ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾. [النساء: 131].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

إخوةُ الإسلام.. : إن من أحبُّ الأعمال إلى الله تعالى بعد العباداتِ شُكرهّ وحمده ُوالثناءُ عليهِ بما هو أهلهُ،/ فالعبادةُ هو من هدَى إليها،/ وهو من وفَّقَ لأدائها، / وهو من يقبلُها ويُثيبُ عليها،/ وهو من يتجاوزَ عن التقصيرِ في أدائها.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 يتكررُ الشُّكرُ بشكلٍ لافتٍ في دُبُرِ العبادات،/ ففي الحجِّ قال اللهُ تعالى ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾. [البقرة: 198].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وقال نبيُّ الله إبراهيمُ بعد بنائه للبيت: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾، [إبراهيم: 37].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وبعدَ الهديِّ والأضاحي قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [الحج: 36].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وبعدَ آياتِ الصيامِ قال الله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، [البقرة: 185].وبعدَ آيةِ أحكامِ الوضوءِ والطّهارةِ قال: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وفي صيغةِ التكبيرِ التي نُكرِرِها في هذا الوقتِ في آخرِها الحمدُ، /بل شرَعَ أن يدعو المصلي بعدَ كُلِ صلاةٍ أن يُعينَهُ على شُكرهِ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 كما جاءَ في وصيةِ النبيُّ ﷺ لمعاذٍ،/ وهي له ولأصحابهِ،/ كما روى أبو داود،/ أن الرسولﷺ قال له: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ،/ فَلَا تَدَعَنَّ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»([1]).

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فهذه العبادةُ اي عبادةُ الشُكرِ ،/ ملازِمةٌ للعْباداتِ مُلازَمةٌ واضحةٌ، /بل قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية /(تأمَّلتُ أفضلَ الدعاء فإذا هو: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)([2]).

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 إن استحضارَ نعمة الله على العبد بعد العبادات،/ من أَجَلِّ النِّعَمِ وأزكاها عند ربنا. يَا مَنْ صُمْتُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، /وَهُوَ يَوْمٌ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَتَيْنِ، /اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى حِينَ هَدَاكُمْ لَهُ،/ وَأَعَانَكُمْ عَلَى صِيَامِهِ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

ويَا مَنْ ذَبَحْتُمْ أَضَاحِيكُمْ،/اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا وَسَّعَ عَلَيْكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنْ أَثْمَانِهَا،/ وَمَا هَدَاكُمْ لِتَعْظِيمِهِ سُبْحَانَهُ بِذَبْحِهَا،/ وَمَا تَمَتَّعْتُمْ بِه مِنْ لَحْمِهَا.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وَيَا مَنْ أَقَمْتُمْ أَيَّام العَشْرِ تَرْتَعُونَ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، /اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى إِذْ هَدَاكُمْ وَأَعَانَكُمْ عَلَى الصَّوَارِفِ وَالشَّوَاغِلِ، /وعَلَى النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وَيَا مَنْ حَجَجْتُمْ بَيْتَ اللهِ الحَرَامِ،/ اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى حِينَ اخْتَارَكُمْ لِحَجِّ بَيْتِهِ، /وَوَفَّقَكُمْ لِأَدَاءِ فَرْضِهِ، /وَقَدْ حُرِمَ ذَلِكَ ملايين المُسْلِمِينَ، /ومليارات البَشَرِ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

والله تأَذَنَّ لمن شكر بالزيادة، /كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]، فهو يُزيدُ مِنَ الخيرِ والصلاحِ لِمَن تَعبَّدَ ربَّهُ وشَكَرَهُ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 وتأمُّلوا حالَ رسولِنا معَ الشُّكرِ،/ فيما رواه البخاريُّ ومسلمٌ،/ من حديث عائشةَ رضي الله تعالى عنها وعن ابيها قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفْطُرَ رِجْلَاهُ،/ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، /فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»([4]).

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، /﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [النحل: 78].

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أقولُ ما سَمِعْتُم، /وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائِرِ المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ،فاستغفروه،/ وتوبوا إليه،/ إنه هو الغفور الرحيم.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ ،/ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، /وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تعظيمًا لِشَأْنِه ،/ وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إلَى جَنَّتِهِ وَرِضْوَانِه ، /صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وأصحابِه وَأَعْوَانِه .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أمَّا بَعْدُ.. مَعْشَر الْإِخْوَة ! حريٌّ بِنَا أَنْ نَلْحَظَ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيهِ ، /وَفِيمَا شَرَعَ فِيهِ مِنَ الشَّعَائِرِ والمَنَاسِكِ ،/ وَفِي كُلِّ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَأَبْوَابِهَا وَتَفْصِيلِهَا .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 فَإِنَّنَا إِذَا اسْتَشْعَرْنَا ذَلِكَ لَهَجْنَا للهِ تَعَالَى حَامِدِينَ شَاكِرِينَ ، /وَأَتَيْنَا مَوَاطِنَ الحَمْدِ والشُّكْرِ ،/ وَجَانَبْنَا مَوَاضِعَ الجُحُودِ وَالكُفْرِ .

﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [البقرة : 243] .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 هَذَا هُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى إنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ،/ فَمَنْ أَدَّى شُكرَ جوارحِهُ وَمَنْ أَدَّى شُكْرَ النِّعمِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْه ؟ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ : ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ ، [سبأ : 13] .

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

لِذَلِك أَيُّهَا الْأَحْبَاب . عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَشْكُر اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جَزِيلِ هَذِهِ النِّعَمَ ، /مِنْ صَوْمٍِ وَصَدَقةٍ وَقِيَامٍ وَذَبَحِ الْأَضَاحِيّ ./وغيرها من الطّاعات،/ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ أَنْعُمَ اللَّهُ عَلَيْنَا جَمِيعًا لاتُعَّدُ ولاتُحصى . فَلَكَ الشُّكْرُ وَالْحَمْدُ ياربِ مَادَامَتُ السَّمَوَاتُ والارض،/ونسألُك الرِّضَا إِلَى أَنَّ نلقاك ،/ وَأَنْت رَاضٍ عَنَّا غَيْر غَضْبَان .

 •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

هَذَا وصلو وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين .

 

 •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اللَّهُمَّ.. إنَّا نَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ أَنْ تَجْعَلْنَا مِنْ الْحَامِدِين الشَّاكِرِين .

 •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اللَّهُمّ . . اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ .

 •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

اللَّهُمّ . . اغْفِرْ لَنَا ولإخوانِنِا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تجعلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا ربَّنا إنِّكَ رؤوفٌ رحيمٌ .

 •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حسنةً ، /وقِنا عذابَ النارِ .

 

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

سُبْحَانَ رَبِّنَا رَبُّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ،/ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ،/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . . وَأَقِمْ الصَّلَاةَ .
0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)

خطبة الجمعة بعنوان حال المؤمن بعد الحج. عناصر الخطبة:

1/ انتهاء شعائر الحج 2/ صلاح القلوب أهم ثمرات الحج 3/ علامات قبول الحج 4/ وصايا نافعة بعد مواسم الخيرات.

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُه ونَستغفرُه ونَعوذُ باللهِ -تعالى- من شُرورِ أنفسِنا وسَيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَه ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له جَلَّ عن الشبيهِ والمثيلِ والكُفْءِ والنظير.

وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه وصفيُه وخليلُه وخيرتُه من خلقِه وأمينُه على وحيهِ أرسلَه رحمةً للعالمينَ وحُجَّةً على العبادِ أجمعين، فصلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ ما ذكرَهُ الذاكرونَ الأبرارُ وصلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ ما تَعاقَبَ الليلُ والنهارُ، ونَسألُ اللهَ أنْ يجعلَنا جميعاً من صالحي أمتِه وأنْ يحشُرَنا يوم القِيامَةِ في زُمرتهِ، أما بعدُ:

أيُّها الإخوةُ المؤمنون: نَحمَدُ اللهَ -جَلَّ وعلا- أنْ يَسَّرَ لِحُجَّاجِ بيتهِ الحرامِ إتْمَامَ نُسُكِهم وقَضاءِ مَشاعِرِهم، ونسألُ اللهَ -سبحانه وتعالى- أنْ يُيَسِّرَ لهم الوصولَ إلى أهلِهم مَأجورينَ سالمينَ غانمين.

أيها الأحبةُ الكرام: إنَّ مَن رأى جُموعَ الحجاجِ الذين أقبلوا إلى بيتِ اللهِ العتيقِ رآهم يختلفونَ في أشكالهم وأجناسِهم منهم الكبيرُ والصغيرُ والغنيُّ والفقيرُ والأبيضُ والأسودُ والعربيُّ والأعجمي. إنَّ هؤلاءِ جميعاً أقبلوا إلى البيتِ العتيقِ يَرجونَ بَرَكَةَ قَولِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ" (رواه البخاري ومسلم).

 والحَجُّ لا يَتَعاملُ مع الجسدِ، إنما يتعاملُ مع القَلبِ؛ لذلك فإنَّ إبراهيمَ -عليه السلامُ- لما أسْكَنَ ذُرِّيتهُ عندَ البيتِ الحرامِ، رفعَ يَدَيهِ داعياً فقال: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) [إبراهيم: 37]، فإبراهيمُ -عليهِ السلامُ- لا يُريدُ الأجسادَ إنما يريدُ القلوبَ، فإذا سافرَ جَسَدُكَ إلى الحجِّ ولم يُسافرْ قلبُكَ فما حَجَجْتَ ولكنْ حَجَّتْ العيرُ.

أيها الأحبةُ الكرام: ليسَ المقصودُ أنْ تَرجِعَ من الحجِّ وقد تغيَّرَ جسدُكَ فاسْمَرَّ لونُكَ أو بُحَّ صوتُكَ أو زُكِمَ أنْفُكَ، إنما المقصودُ أنْ يتغيَّرَ قلبُكَ.

ولو تأمَّلْتَ سورةَ الحجِّ لوَجَدْتَ أنَّ اللهَ -تعالى- لم يذكُرْ فيها كلمَةَ مُزْدَلِفَة ولا عَرَفَة ولا مِنى؛ وذلك لأنَّ المقصودَ من الحجِّ أعظمُ من أنْ تَقِفَ بعَرفَةَ وتَبيتَ بمُزدلفَةَ وتَرمِيَ الجمراتِ إنما المقصودُ الأعظمُ هو أنْ يَصْلُحَ قلبُكَ؛ لذلكَ لم يَبدأْ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- سورةَ الحجِّ بقولهِ حُجُّوا واعتَمِروا، وإنما قال –سبحانه-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى)[الحج: 1- 2]، وتمضي الآياتُ بذكرِ الآخِرَةِ وخَلْقِ الإنسانِ وبِتَعظيمِ الرَّبِّ -جَلَّ جَلالُه-.

 ولما ذكرَ اللهُ -تعالى- ذَبْحَ الهَدْيِ، قال -سبحانه وتعالى-: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) [الحج: 37]، إذنْ ربُّنا يُريدُ هذا القلبَ لا الجسدَ.

أيها الأحبةُ الكرام: لما وقفَ عمرُ بنُ الخطاب في الحجِّ على الصفا جعلَ يَنظرُ إلى جُموعِ الحُجَّاجِ، ووقفَ بجانبهِ ابنُه عبدُالله فلما نظرَ عبدُالله بنُ عمرَ إلى جُموعِ الحُجاجِ أعجبَه كثرةُ الحُجاجِ، فالتفتَ إلى أبيهِ وقال: "يا أبَتِ ما أكثرَ الحاجَّ؟! فقال له أبوه: "يا بُنيَّ الركبُ كثيرٌ، لكنَّ الحاجَّ قليلٌ".

يعني: الركبُ الذينَ ركِبوا وجاءوا إلى الحجِّ، وقالوا: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ كثيرٌ، لكنَّ الذي يَصدُقُ عليهِ أنه حَاجٌّ قليل. نعم، من أرادَ النجاةَ فلْيَسْلُكْ مَسالِكَها إنَّ السفينةَ لا تَجري على اليَبَسِ، المَغْفِرَةُ لها طَريقٌ يَسْلُكُه من أرَادَها.

في صحيحِ مسلمٍ أنَّ رَبيعةَ بنَ كعبٍ -رضي الله عنه- كانَ غُلامَاً يخْدِمُ النبيَّ -عليه الصلاة والسلام-، فأرادَ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُكافِئَهُ يَوماً فقال: "سَلْ" فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ"، قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"، يعني: سَأدعو اللهَ لكَ بالجنةِ لكنْ أعِنِّي على نَفْسِكَ يعني: قَدِّمْ ما تَنالُ بهِ المغفرةَ، فكانَ ربيعةُ بعدَها لا يُرى إلّا راكِعاً أو ساجِداً.

وأقبلَ سعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ يَوماً إلى النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-، وسعدٌ هو خالُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقالَ لهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في مَعركَةِ أُحُدٍ: "فِدَاكَ أبي وأُمِّي"؛ كما في الصحيحين.

 أقبلَ إلى النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- قال يا رسولَ الله: "ادعُ اللهَ أنْ يجعلَني مُستجابَ الدعوةِ"، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا سعدُ أطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ" (رواه الطبراني).

يعني: تريدُ أنْ تُستجابَ دَعوَتُكَ اعْمَلْ واجْتَهِدْ.

فكانَ سعدٌ بعدَها لا يَأكُلُ إلّا حَلالاً حتى ذكروا أنَّ شَاةً لَه كان يَشرَبُ من لَبَنِها، فدَخَلَتْ مزرعَةً لجيرانهم وأكَلَتْ من عُشْبِهم بغيرِ إذنِ الجارِ، فلمّا عَلِمَ سعدٌ بذلكَ امْتَنَعَ أنْ يَشْرَبَ من لَبَنِها إلى أنْ ماتَ خَوفاً من أنْ يكونَ ذلكَ اللَّبَنُ تخَلَّقَ من ذلك العُشبِ الذي أكَلَتْهُ في ذلك اليومِ، فأطابَ مَطْعَمَهُ فصارَ مُستجابَ الدعوةِ. إذنْ إذا طَلَبْتَ منَ اللهِ فلابُدَّ أنْ تَعملَ لِتَنالَها.

أسألُ اللهَ -تعالى- بمَنِّهِ وكَرَمِهِ أنْ يجعلَنا ممّنْ تَقَبَّلَ اللهُ طاعاتِهم ورفعَ درجاتِهم وكفَّرَ سيئاتهم وضاعَفَ حسناتهم، أقولُ ما تسمعونَ وأستغفِرُ اللهَ الجليلَ العظيمَ لي ولكم من كُلِّ ذَنْبٍ فاستغْفِروهُ وتوبوا إليهِ إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم.

 الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ على إحسانهِ والشُّكرُ له على تَوفيقهِ وامتنانِهِ وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه تَعظيماً لِشأنِه، وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُه ورسولُه الداعي إلى رِضْوانِهِ صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلهِ وصَحْبِهِ وإخوانهِ وخِلَّانِه ومَنْ سارَ على نهجِهِ واقتفَى أثَرَهُ واسْتَنَّ بسُنتهِ إلى يومِ الدين، أما بعد:

أيها الإخوةُ المؤمنون: من علاماتِ قَبولِ العمل التوفيقُ إلى العمل الصالح من بعده فالذي يكون حاله بعد الحج في صلاته وصيامه وهجرانه للمنكرات وإقباله على الطاعات خيراً من حاله قبل الحج؛ فهذا من علامات قَبولِ حجه، وهكذا جميعُ الطاعات لابدّ أن تؤثِّر في النفْسِ إيمانًا وتقوى..

والحجُّ المَبْرورُ ليسَ لَه جَزاءٌ إلّا الجنةَ، والحجُّ المبرورُ هو الذي يكونُ حالُ الحاجِّ بعدَهُ خَيراً مِن حالهِ قَبلَه فيُلاحِظُ هو وغيرُهُ أنَّه تَغيَّرَ بعدَ الحجِّ، فقبلَ الحجِّ كانَ يَتَخَلَّفُ عن صلاةِ الفجرِ فتغيَّرَ بعدَ الحجِّ وصارَ يَشْهَدُها دَوماً، قبلَ الحجِّ كانَ هاتِفُهُ مَليئاً بالصُورِ والمعازِفِ فلِأنَّه تغيَّرَ بعدَ الحجِّ صارَ من أهلِ الذِّكْرِ والقُرآنِ، تجِدْ أنَّهُ قبلَ الحجِّ كانَ يجلسُ أمامَ التلفازِ لِقَنواتٍ فاسدةٍ لكنَّه تغيَّرَ بعدَ الحجِّ وصارَ ينظرُ إلى الحلالِ، قبلَ الحجِّ كانتْ ثِيابُهُ مُسْبِلَةً وألفاظُهُ سَيِّئَةً فتغيَّرَ بعدَ الحجِّ.. فهذا حَجُّهُ مَبْرورٌ.

أمَّا مَنْ لم يَتَغَيَّرْ قَلبُهُ ولا عَمُلُهُ ولا تَحَسَّنَ حَالُهُ معَ رَبِّهِ فهذا كما قالَ عمرُ: يا بُنَيَّ الركبُ كثيرٌ لكنَّ الحاجَّ قليلٌ.

أيها المسلمون: وعلى المرءِ أن يستمرَّ بالأعمال الصالحات بعد الحج مُقبلاً مجتهداً.. ومن تأمَّلَ صفاتَ المؤمنين التي ذكرها الله في القرآن وجدَ أنهم يتَّصفون بها في جميع حياتهم وليس وقتاً دونَ وقت.

على الجميعِ أنْ يحْرِصَ على إصلاحِ حالهِ حتى من كانَ مُقَصِّراً في الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المُنكرِ فليُصلِحْ حالَه بعدَ الحجِّ، كانَ لا يحافِظُ على صلواتِ النوافلِ والوِترِ فليُصلحْ حالَه بعدَ الحجِّ، كما قال الله عزَّ وجَلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) [النساء: 136]، يعني: ازْدَادُوا إيماناً معَ إيمانِكُم.

أسألُ اللهَ -تعالى- أنْ يُصلِحَ أحوالَ المسلمين في كلِّ مكانٍ أسألُ اللهَ أنْ يَنْصُرَ الإسلامَ والمسلمينَ في كُلِّ مكان.

اللهم انْصُرْ الإسلامَ والمسلمين في كلِّ مكانٍ، اللهم مَنْ أرَادَنا أو أرادَ بلادَنا أو أرادَ شيئاً من بلادِ المسلمين بسوءٍ فأشْغِلْهُ بنفسهِ ورُدَّ كيدَهُ في نحرِهِ واجْعَلْ تَدْبيرَهُ تَدميراً عليهِ يا قَوِيُّ يا عزيزُ.

اللهمَّ اغفِرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا اللهمَّ من كانَ منهم حياً فمتِّعْهُ بالصحةِ على طاعتِك واخْتِمْ لنا ولَه بخير ومن كان منهم مَيِّتاً فَوَسِّعْ له في قَبْرِهِ وضاعِفْ له حسناتِه وتَجاوزْ عن سيئاتِه واجمعْنا بهِ في جنَّتِك يا رَبَّ العالمين اللهمَّ أصْلِحْ أحوالَ المسلمين في كُلِّ مكان.

اللهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمومين، ونَفِّسْ كَرْبَ المَكْروبين واقْضِ الدَّينَ عنِ المَدينين، واشْفِ مَرْضَى المسلِمين.

اللهمّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجْته، ولا دَيناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً رزقته، ولا ولداً عاقّاً إلا هديته وأصلحته يا ربَّ العالمين.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.

اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت إلى إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
✏️خطبة✏️جمعة✏️بعنوان✏️

 خطبة بعد العيد الشكر دبر العبادات

 الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره، إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ أيها المسلمون فإنها وصية الله للأولين والآخرين، ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾. [النساء: 131].

إخوةَ الإسلام: إن من أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى بعد العبادات شكره وحمده والثناء عليه بما هو أهله، فالعبادة هو من هدَى إليها، وهو من وفَّق لأدائها، وهو من يقبلُها ويثيب عليها، وهو من يتجاوز عن التقصير في أدائها، يتكرر الشكر بشكل لافتٍ في دُبُرِ العبادات، ففي الحج قال الله تعالى ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾. [البقرة: 198].

وقال إبراهيم بعد بنائه للبيت: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾، [إبراهيم: 37]، وبعد الهدي والأضاحي قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [الحج: 36].

 وبعد آيات الصيام قال الله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، [البقرة: 185]، وبعد آية أحكام الوضوء والطهارة قال: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، وفي صيغة التكبير التي نكررها في هذا الوقت في آخرها الحمد، بل شرع أن يدعو المصلي بعد كل صلاةٍ أن يعينه على شكره، كما جاء في وصية النبي ه لمعاذٍ، وهي له ولأصحابه، كما روى أبو داود، أن الرسول ه قال له: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَلَا تَدَعَنَّ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»([1]).

فهذه العبادةُ ملازمةٌ للعباداتِ ملازمة واضحة، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (تأمَّلتُ أفضلَ الدعاء فإذا هو: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)([2]).

 بل جاء الأمر بالشكر مع العبادة مطلقًا دون تخصيص لعبادة، تأمَّلْ قول الله تعالى: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وكن من الشاكرين﴾ [الزمر: 66]، وكن على بال أن الآية التي قبلها: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، ولهذا قال السعدي رحمه الله: (﴿وكن من الشاكرين﴾ [الزمر: 66]، للّه على توفيق اللّه تعالى، فكما أنه تعالى يُشكَر على النِّعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصول الرزق وغير ذلك، كذلك يُشكَر ويثنى عليه بالنِّعم الدينية، كالتوفيقِ للإخلاص، والتقوى، بل نِعَمُ الدين، هي النِّعَم على الحقيقة، وفي تدبر أنها من اللّه تعالى والشكر للّه عليها، سلامة من آفة العُجْبِ التي تعرِض لكثير من العاملين، بسبب جهلهم، وإلا فلو عرف العبد حقيقةَ الحال، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر)([3]).

 إن استحضارَ نعمة الله على العبد بعد العبادات من أَجَلِّ النِّعَم وأزكاها عند ربنا.

 يَا مَنْ صُمْتُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَوْمٌ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَتَيْنِ، اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى حِينَ هَدَاكُمْ لَهُ، وَأَعَانَكُمْ عَلَى صِيَامِهِ.

 ويَا مَنْ ذَبَحْتُمْ أَضَاحِيكُمْ، اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا وَسَّعَ عَلَيْكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنْ أَثْمَانِهَا، وَمَا هَدَاكُمْ لِتَعْظِيمِهِ سُبْحَانَهُ بِذَبْحِهَا، وَمَا تَمَتَّعْتُمْ بِه مِنْ لَحْمِهَا.

 وَيَا مَنْ أَقَمْتُمْ أَيَّام العَشْرِ تَرْتَعُونَ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى إِذْ هَدَاكُمْ وَأَعَانَكُمْ عَلَى الصَّوَارِفِ وَالشَّوَاغِلِ، وعَلَى النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ.

 وَيَا مَنْ حَجَجْتُمْ بَيْتَ اللهِ الحَرَامِ، اشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى حِينَ اخْتَارَكُمْ لِحَجِّ بَيْتِهِ، وَوَفَّقَكُمْ لِأَدَاءِ فَرْضِهِ، وَقَدْ حُرِمَ ذَلِكَ ملايين المُسْلِمِينَ، ومليارات البَشَرِ.

والله تأَذَنَّ لمن شكر بالزيادة، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]، فهو يزيد من الخير والصلاح لمن تَعبَّد ربه وشكره.

 وتأملوا حال رسولنا ه مع الشكر، فيما رواه البخاريُّ ومسلمٌ، من حديث عائشة م قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ ه إذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفْطُرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»([4]).

أعو ذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [النحل: 78].

بَاركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونَفَعني وإياكُم بما فيه من الآياتِ والذِّكر الحكيم، أقولُ ما سَمِعْتُم، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائِرِ المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

✏️الخطبة الثانية✏️

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه.

أمَّا بَعْدُ:

 معشر الإخوة! حريٌّ بنا أَنْ نَلْحَظَ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيهِ، وَفِيمَا شَرَعَ فِيهِ مِنَ الشَّعَائِرِ والمَنَاسِكِ، وَفِي كُلِّ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَأَبْوَابِهَا وَتَفْصِيلِهَا؛ فَإِنَّنَا إِذَا اسْتَشْعَرْنَا ذَلِكَ لَهَجْنَا للهِ تَعَالَى حَامِدِينَ شَاكِرِينَ، وَأَتَيْنَا مَوَاطِنَ الحَمْدِ والشُّكْرِ، وَجَانَبْنَا مَوَاضِعَ الجُحُودِ وَالكُفْرِ.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 243]، هذا هو حكم الله تعالى أن أكثر الناس لا يشكرون، فمن أدى شُكر جوارحِه ومن أدى شكر النِّعم الدينية والدنيوية عليه؟ ولهذا قال الله: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾، [سبأ: 13]، فما أعظمه من خطب وما أشده! أكثر العباد لم يشكر الله تعالى على ما أولاه من النعم ودفع عنه من النقم؛ ولهذا لما علم الخبيث إبليس أن العباد ضعفاء قد تغلب الغفلة على كثير منهم، وكان جازمًا ببذل مجهوده على إغوائهم ظن وصدق ظنه فقال: ﴿ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾. [الأعراف: 17].

 روى الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هُريرة ط قال: قال رسول الله ه: «يَقُولُ اللهُ ﻷ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ حَمَلْتُكَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَزَوَّجْتُكَ النِّسَاءَ، وَجَعَلْتُكَ تَرْبَعُ وَتَرْأَسُ، فَأَيْنَ شُكْرُ ذَلِكَ؟»([5]).

 فاللهم أوزعنا شكر نعمتك.

([1]) أخرجه أبو داود (1/561، رقم 1524).

([2]) مدارج السالكين (1/78(.

([3]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/729).

([4]) أخرجه البخاري (4/1830، رقم 4557)، ومسلم (4/2172، رقم 2820).

([5]) أخرجه أحمد (2/492، رقم 10383).

اسئلة متعلقة

...