في تصنيف بكالوريا جميع الشعب بواسطة (2.4مليون نقاط)

أيهما أفضل لتحقيق السعادة للشعوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أم الاشتراكي مقال الأنظمة الاقتصادية 

مقال حول الأنظمة الاقتصادية بكالوريا 2022 

أيهما أفضل لتحقيق السعادة للشعوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أم الاشتراكي مقال الأنظمة الاقتصادية 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم  في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية  والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ أيهما أفضل لتحقيق السعادة للشعوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أم الاشتراكي مقال الأنظمة الاقتصادية 

الإجابة هي 

الأنظمة الاقتصادية:

نص السؤال: أيهما أفضل لتحقيق السعادة للشعوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أم الاشتراكي؟

طرح المشكلة: اهتم الفلاسفة وعلماء الاقتصاد قديما وحديثا بموضوع الاقتصاد، وخاصة ما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والتي نجدها متعددة ومتنوعة، فلكل تنظيم منها أسس وقواعد يقوم عليها، كما أن لكل منها غاية أساسية يسعى لتحقيقها، ألا وهي التطور الاقتصادي وبالتالي تحقيق الرفاهية للمجتمع. ومما لا شك أن هناك فروقا بين الناس في الطاقات والإمكانات الجسمية والذهنية والنفسية، وأنه تختلف قدرة كل واحد منهم على الكسب والانتاج، الأمر الذي يفترض فروقا مادية بين الأفراد، وعلى هذا الأساس وباعتبار العدالة الاجتماعية مطلب تنشده جميع المجتمعات البشرية فلقد حاولت عدة فلسفات اقتصادية تحقيقها. منها النظام الاقتصادي الحر أو الرأسمالي والنظام الاقتصادي الاشتراكي الماركسي. فإذا كان الأول يمجد الفرد بالدرجة الأولى ويؤسس الممارسة الاقتصادية على مبدأ الحرية المطلق، فإن الثاني يمجد الجماعة ويدعو إلى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. ونظرا للتعارض والتناقض الواضح بينهما حق لنا أن نتساءل: أيهما أفضل وأنجع لتحقيق العدالة الاجتماعية؟ هل هو النظام الاقتصادي القائم على أساس الحرية المطلقة للفرد أم الذي يشجع على تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية؟

يرى عدد من المفكرين من ذوي النزعة الرأسمالية أن النظام الرأسمالي هو الذي يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية. حيث يتأسس الاقتصاد الحر على تصور روماني للحقوق يجعل من الملكية حقا مطلقا لا تحده حدود، فهو يقوم على الإيمان بالفرد إيمانا لا حد له وبأن مصالحه الخاصة بنفسها – بصورة طبيعية – تكفل مصلحة المجتمع في مختلف الميادين. فالظاهرة الاقتصادية في تصور أنصار هذا النظام، مثلها مثل الظواهر الطبيعية الأخرى تخضع لقوانين الطبيعة. ومن ثمة لا بد أن تكون الممارسة الاقتصادية حرة لا تسير بموجب قوانين تشرعها الدولة أو تلك التي يسنها أفراد المجتمع. ويرى أنصار الاقتصاد الحر أو الرأسمالية أن أغلب المشاكل التي تتخبط فيها المجتمعات وكل الأزمات الاقتصادية، مرجعها إلى تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية عن طريق سن القوانين وخصوصا في تحديد الأسعار والأجور ومراقبة المبادلات التجارية وفرض الضرائب..التي تعيق السير الطبيعي للعملية الاقتصادية. بحيث لو كفت الدولة عن مثل هذا التدخل لسارت الشؤون الاقتصادية سيرا طبيعيا يكفل مصلحة الجميع. ثم إن الدولة حسب أنصار هذا النظام ترمي في وظيفتها إلى حماية الأشخاص والدفاع عن مصالحهم الخاصة ولا يحق لها أن تتعدى حدود هذه الغاية في نشاطها، فوظيفتها تنحصر فقط في تحقيق الأمن والاستقرار. ولا بد أن تقر بالحرية الاقتصادية وما يتبعها من حريات سياسية وفكرية وشخصية.

ولقد دافع عن هذه المبادئ العالم الاقتصادي "آدم سميث" الذي عاش في القرن الثامن عشر (1723-1790). والذي تنسب إليه العبارة الشهيرة "دعه يعمل دعه يمر" وتبعه في ذلك العديد من المفكرين والفلاسفة كـ "جان باستيا" و "دونوايي". حيث يزعم هؤلاء أن قوانين الاقتصاد التي تجري على أصول عامة بصورة طبيعية، كفيلة بسعادة المجتمع وحفظ التوازن الاقتصادي فيه، فلا بد أن تترك القوانين الاقتصادية تسير على مجراها الطبيعي. وبذلك ينظم الاقتصاد نفسه ويهدف إلى خير المجتمع. ومنه تكون المصلحة الخاصة هي أحسن ضمان للمصلحة الاجتماعية العامة وأن حرية التبادل والمنافسة يكفيان وحدهما لتحقيق روح العدالة الاجتماعية. ولا شك بأن هذا النظام الرأسمالي ينبني على قواعد وأسس لعل أهمها: مبدأ الحرية الاقتصادية: (تقديس الحرية) ويقصد بها حرية النشاط الاقتصادي في جميع مجالاته. بحيث تكف الدولة عن التدخل في الشؤون الاقتصادية وخصوصا في تحديد الأسعار والأجور ومراقبة المبادلات التجارية. وذلك نتيجة للاتساق الاقتصادي العفوي الذي تضمنه الطبيعة بقوانينها...بالإضافة إلى مبدأ الملكية الفردية أو الخاصة لوسائل الإنتاج: فالملكية في تصور أنصار هذا النظام حق مطلق تحميه الدولة وتضمن حق انتقاله عن طريق الإرث. وهنا يؤكد هؤلاء على حرية التصرف في هذه الملكية واختيار سبل وآليات استثمارها...كذلك من بين أهم تلك المبادئ قانون العرض والطلب: وهو قانون طبيعي اقتصادي يكفل تحقيق التوازن في مجال العمل ومجال السوق، وهو ما يضمن مصلحة الجميع. ففي مجال السوق مثلا، لا خوف من حركة الأسعار لأن هذه الحركة تخضع لقانون العرض والطلب الذي يبقيها في معدل تتأرجح حوله. فإن زاد الطلب على العرض زاد الثمن في السوق عن الثمن الطبيعي للسلعة. وإن زاد العرض على الطلب انخفض ثمن السلعة. غير أن ارتفاع الأثمان من شأنه أن ينشط العرض، ونتيجة لذلك تنخفض الأسعار في المستقبل. كما أن انخفاض الأثمان من شأنه أن يقلل من العرض وبالتالي من الإنتاج. فترتفع الأثمان كذلك في المستقبل. وهكذا ينظم قانون العرض والطلب حركة الأسعار تنظيما طبيعيا وهو بذلك في غنى عن تدخل الدولة أو الاعتبارات الخلقية التي من شأنها تثبيط النشاط الطبيعي للاقتصاد.

النقد: لكن ورغم ما قدمه أنصار النظام الرأسمالي من أدلة وحجج، ورغم المنافع المادية التي أفرزها هذا النظام ومحاسنه الكثيرة التي يمكن أن نجملها فيما يلي: وفرة الإنتاج وجودته كما وكيفا، ارتفاع الدخل الفردي، تنمية روح المبادرة الفردية نتيجة الحرية وخلق روح الإبداع والتنافس في الإنتاج، التخلص من التبعية الاقتصادية، تحقيق التطور الاقتصادي والصناعي، خلق فائض القيمة و تجسيد حرية التملك... إلا أن هذا النظام الاقتصادي الحر أفرز الكثير من العيوب والسلبيات التي تنجم عن تطبيقه، ونكتفي في هذا المقام بذكر بعض هذه السلبيات: منها ما يتعلق بالمضار التي قد تنجم عن قانون العرض والطلب. فهل فعلا أثمان السلع وأجور العمال (في مجال السوق، وفي مجال العمل) تخضع في الزيادة والنقصان لقانون العرض والطلب؟ إن الذين يتحكمون في كمية الإنتاج المطروحة في الأسواق الداخلية والخارجية هم المنتجون أو المالكون لوسائل الإنتاج خاصة مع توفر وسائل التخزين والاحتكار. إذن قانون العرض والطلب لا يحقق التوازن الذي يضمن مصلحة الجميع. بالإضافة إلى ما يتعلق بمبدأ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج فلقد ارتبط تاريخ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج بظاهرة سلبية وهي ظاهرة الاستغلال والاستلاب (المادي والمعنوي). ذلك أن المنافسة الحرة بين المنتجين (مالكوا وسائل الإنتاج) تدفعهم إلى التهافت على تحقيق أكبر قدر من الأرباح بأقل التكاليف ولا يكون ذلك ممكنا إلا عن طريق استغلال العمال. حيث يدفعون لهم أجورا زهيدة مقابل ما ينجزونه من أعمال مضنية، فالرأسمالي يضطر في ظل قانون البقاء للأقوى أو الأصلح إلى تشغيل العامل عددا من الساعات أكثر من الزمن الطبيعي اللازم لإنتاج السلعة. ثم إن قيمة كل سلعة إنما هي قيمة العمل الإنساني فيها. لكن العامل لا يأخذ هذه القيمة كلها (لا يأخذ أجرته كاملة) ويذهب الباقي أي فائض القيمة إلى الرأسمالي بدون بذل أي جهد أو عمل. أضف إلى ذلك خلق التفاوت الطبقي بين الأفراد وبالتالي وجود طبقتين متناقضتين طبقة بورجوازية تملك كل شيء وطبقة البروليتارية (العمال) المحرومة من كل شيء. ما يولد صراعا طبقيا بين الأثرياء والطبقات الكادحة. كما أن هذا النظام يقوم على أساس استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بتشغيل العامل لساعات إضافية دون مقابل، مما يخلق فائض القيمة ويؤدي إلى الغنى الفاحش للمالك الرأسمالي على حساب المنتجين. لهذا قال "كارل ماركس": "إن الرأسمالية تحمل في طياتها بوادر فنائها". ويقول الشيوعي الفرنسي "جوريس": "إن النظام الرأسمالي يحمل في طياته الحرب مثلما يحمل السحاب المطر". كذلك من سلبيات هذا النظام حدوث الأزمات الاقتصادية ومن ثمة الأزمات الاجتماعية (التضخم). وفيه دعوة صريحة إلى الاستعمار (كلمة الاستدمار أليق وأفضل لأن المستعمر جاء ليدمر لا ليعمر) نتيجة البحث عن أسواق خارجية. زيادة على ذلك عدم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والنظر إلى العامل على أنه آلة منتجة (نظرة مادية). كل هذه السلبيات وغيرها جعلت من النظام الرأسمالي يفشل في تحقيق ما تصبو إليه المجتمعات من عدالة اجتماعية ورخاء اقتصادي.

لهذا ظهر عدد من المفكرين والفلاسفة من أنصار الفلسفة الاشتراكية (الاقتصاد الاشتراكي) وخاصة "كارل ماركس" و "فريدريك انجلز" حيث يؤكد هؤلاء أن الاقتصاد الموجه هو الذي يحقق العدالة الاجتماعية وبالتالي الرفاهية للشعوب. والدليل على ذلك أن واقع البلاد الرأسمالية الصناعية يكذب تفاؤل أنصار الحرية الاقتصادية في القرن التاسع عشر. ذلك أن أرباب المصانع ينعمون بالثراء الفاحش على حساب العمال الذين كانوا يعيشون في ظروف قاسية جدا. كما أن تبرير حرية الملكية الخاصة لم يعد له من معنى بالنسبة إلى الأجراء الذين لم تكن أجورهم تفي بضرورات العيش. لكن مثل هذه الاعتبارات الأخلاقية ليست هي التي دفعت "كارل ماركس" إلى مناهضة الرأسمالية، بل هو يرى أن النظرة العلمية إلى بنية الرأسمالية، على ضوء الجدلية الهيجلية القائلة، بأن كل فكرة تحمل في طياتها بذور فنائها (التناقضات هي التي تطور التاريخ)، تكشف لنا هذه النظرة العلمية عن التناقضات الداخلية التي تتضمنها الرأسمالية والتي تتسبب في تقويضها من أساسها. وتتمثل هذه التناقضات في ذلك الصراع القائم بين الملاك لوسائل الإنتاج (الرأسماليون) والعمال (الطبقة البروليتارية). ولعل أهم النقاط التي ترتكز عليها الاشتراكية: التخطيط المركزي: ويكون ذلك بواسطة التدخل المباشر للدولة في الحياة الاقتصادية، التي تضع مخططات تحاول فيها التوفيق بين حاجة المجتمع والإنتاج في كميته وتوزيعه. وذلك بدافع تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين حتى لا يبتلى المجتمع الاشتراكي بنفس الأمراض التي أصيب بها المجتمع الرأسمالي. بالإضافة إلى مبدأ إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتعويضها بملكية جماعية: فمما لا شك فسه أن الملكية الخاصة هي سبب بؤس العمال واستغلالهم من قبل الرأسماليين. وتدل الملاحظات التاريخية أن الملكية الخاصة لازمها عبر تاريخها الطويل ظاهرة اقتصادية سلبية، هي ظاهرة الاستيلاب..كما نادت الاشتراكية أيضا بضرورة إلغاء فائض القيمة لما يترتب عنه من مضار...وبالتالي يكون التوزيع على حسب الحاجة الاستهلاكية للأفراد. وهذا ما تلخصه لنا العبارة القائلة: "من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته". ذلك لأن لكل فرد حاجات طبيعية لا غنى له عنها، فهو يدفع للمجتمع كل طاقاته، فيدفع له المجتمع متطلبات العيش. 

تابع قراءة باقي مقال نص السؤال كامل في الأسفل 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
تابع تحليل النص الفلسفي الأنظمة الاقتصادية

لكن ورغم بعض المحاسن (النظرية) التي يمكن أن يحققها النظام الاشتراكي والمتمثلة فيما يلي: القضاء على الطبقية، القضاء على البطالة، تحقيق العدالة الاجتماعية في بعض المجالات. وتحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للأفراد. فإن عيوب النظام الاشتراكي كثيرة لعل أهمها: القضاء على المبادرة الفردية: فمن خلال التخطيط المركزي الذي يتكلم عنه الاشتراكيون معناه أن الدولة الاشتراكية هي التي تملك وسائل الإنتاج ولو بصفة مؤقتة. والدولة في هذا النظام هي الكل في الكل، وهو ما يترتب عنه القضاء على الحرية الاقتصادية، وقتل المواهب وروح المبادرة الفردية التي تهدف إلى الخلق والابداع. بالاضافة إلى الإهمال واللامبالاة: ولأن الملكية هي ملكية الدولة، فإنه يترتب عن ذلك الكثير من المظاهر السلبية منها الاتكال بين الناس وتفشي ظاهرة الرشوة والتبذير واللامبالاة والبيروقراطية.

ومن أخطر تلك السلبيات أيضا ممارسة إرهاب الدولة: فإذا كان العامل في النظام الاقتصادي الحر يستغل من قبل الرأسمالي (استغلال الفرد للفرد)، فإنه في النظام الاشتراكي يستغل العامل من طرف الدولة (استغلال الجماعة للفرد). فالعامل وسيلة إنتاج تسخرها الدولة في تسيير دواليب الاقتصاد.

نتيجة للانتقادات السابقة والموجهة لكلا النظامين الاقتصاديين والتي ثبت من خلالها فشلهما في تحقيق العدالة الاجتماعية. يمكننا تجاوز هذه النظرة المادية الضيقة بالنظر إلى ما جاء به الإسلام من نظام يكفل للفرد والجماعة العدالة الاجتماعية المنشودة. وهذا ما نلحظه من خلال ما يتميز به من خصائص ومميزات وأسس ومبادئ جعلته يختلف عن النظامين السابقين، ولعل أهم تلك الخصائص: الأصالة والاعتدال والواقعية والأخلاقية. فإذا بحثنا عن الأصالة وجدناه نظام اقتصادي أصيل يستلهم تشريعاته من صميم الشريعة الإسلامية...وأما الاعتدال: فإذا كنا قد وجدنا أن لكل من الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي فلسفة يرتكز عليها: فالرأسمالية تمجد الفردية وتفسح المجال أمام الحرية الاقتصادية لكسب الثروة ومضاعفتها. ظنا منها أن في تحقيق المصلحة الفردية تحقيقا لمصلحة الجماعة بصورة طبيعية. وقد بينت التجربة أن الحرية في تحقيق المصلحة الفردية سرعان ما تؤول إلى هيمنة الأقوياء على الضعفاء. أما الاشتراكية فإنها تمجد الجماعة على حساب الفرد وتملك هذه الجماعة وسائل الإنتاج وتلغي الملكية الخاصة. وبهذا تمحي فردية الفرد ولا يعود لوجوده من معنى إلا ضمن الجماعة التي تستعبده وتستغله. أما الفلسفة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الإسلامي، فإنها تخلق أسباب الانسجام والتوازن بين مصالح الفرد ومصالح الجماعة، فلا يطغى أحد الطرفين على الآخر. وأما بالنسبة لخاصية الواقعية فإننا نجد النظام الإسلامي يحد من أنانية الفرد وطغيان رأسماله، كما يحد من استبداد الجماعة وقتلها لمواهبه وتصرفها في ثمرة نشاطه وكده. إنه لا يحرم الفرد من ثمرات عمله وهو بذلك لا يتعارض والطبيعة البشرية القائمة على التملك والاكتساب. وأخيرا الأخلاقية التي يمتاز بها النظام الاقتصادي الإسلامي حيث يدعو الإسلام إلى التكافل الاجتماعي ويمنع الإسراف والتبذير. يقول تعالى: "ولا تبذروا تبذيرا"، ويعتبر العامل غاية في ذاته لا وسيلة في يد الرأسمالي أو في يد الدولة الاشتراكية.

إن الممارسة الاقتصادية في الإسلام قائمة على أساس الأخلاق والتعاون والتراحم المستمدة من مثل عليا، لا مجال فيها للصراع بين الأفراد. فالإسلام يمزج بين الحياة الاقتصادية والحياة الأخلاقية، بل والحياة الروحية. ولا شك بان الاقتصاد الإسلامي يتألف من عدة أركان أهمها: الملكية المطلقة: الملكية لله سبحانه، هو الذي يهبها لمن يشاء ويحدد مقتضيات التصرف فيها. فالمال مال الله وما الإنسان سوى مستخلف فيه، وبالتالي فهو مطالب بان يكسبه بحلال وينفقه في حلال دون اسراف ولا تبذير. بالإضافة إلى مبدأ الملكية المزدوجة: الذي يقر الأشكال المختلفة للملكية في وقت واحد، فالإسلام يقر الملكية الخاصة، والملكية العامة، وملكية الدولة. ويجعل هذه الأشكال من الملكية في خدمة الصالح العام. وقيدها بضوابط شرعية محكمة لتحقيق العدالة، ففرضت الزكاة تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، كما حافظت على حقوق العامل وصون كرامته. قال (صلى الله عليه وسلم): "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه". كما نجد من مبادئه أيضا الحرية الاقتصادية في نطاق ضيق: وليس معنى ذلك أن الإسلام يضيق من حرية الأفراد في الحياة الاقتصادية، بل ينظم تصرفات المسلم في هذا المجال. بحيث يكون حرية المسلم محكومة بمبدأين: مبدأ ذاتي، ينبع من صميم الفرد المسلم المتشبع بتعاليم الشريعة الإسلامية. ومبدأ موضوعي، يتمثل في جملة القوانين التي تنظم سلوكات المسلم في الحياة الاقتصادية. وبذلك يمارس الأفراد حرياتهم ضمن نطاق القيم والمثل العليا. وأخيرا العدالة الاجتماعية كمبدأ يختلف عن المعنى التجريدي الذي تنادي به الكثير من التنظيمات الاجتماعية، فهو معنى حقيقي وواقعي له من الضمانات والمقومات التي يمكن من خلالها تجسيده على أرض الواقع. ومبدأ العدالة الاجتماعية يرتكز على مرتكزين أولهما: مبدأ التكافل العام: وهنا تكمن مسؤولية الأفراد في المجتمع الواحد. إن المجتمع الإسلامي هو مجتمع متضامن ومتكافل، وهناك الكثير من النصوص الشرعية التي تحث على التكافل مثل قوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا" (الإسراء، الآية 26). ومثل قوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا". وثانيهما: مبدأ التوازن العام: وفي هذا المبدأ تكمن مسؤولية الدولة لأنه بالإضافة إلى الكفالة الواجبة على الأفراد، فلا بد كذلك للدولة المسلمة من إقامة التوازن العام. فالدواة مسؤولة عن تحقيق حد الكفاية "المستوى اللائق للمعيشة" لكافة أفراد المجتمع المسلم سواء كانوا مسلمين أو معاهدين. والمقصود بحد الكفاية إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد يعيش في الدولة الإسلامية.

ختاما ومما سبق وكمخرج من هذه المشكلة يمكن القول أن الرأسمالية اعتمدت في تنظيمها الاقتصادي على أسس مادية طبيعية على اعتبار أن الحياة الاقتصادية خاضعة لقوانين موضوعية ثابتة، وأن الاشتراكية ردت في الأساس التنظيم الاقتصادي إلى قوانين المادية التاريخية التي تحكم تطور التاريخ البشري، أما الاقتصاد الإسلامي فصفتا الواقعية والأخلاقية جوهريتان فيه، تشع في كل تفاصيله وخطوطه العامة، وبالتالي فهو يهدف إلى ترقية الإنسان روحيا وماديا ومن ثمة تحقيق العدالة الاجتماعية. إذن النظام الذي يحقق العدالة الاجتماعية إنما هو النظام الذي يتفاعل فيه الاقتصاد والواقعية والأخلاق.

ملاحظة وتنبيه: ضرورة توظيف أمثلة من الواقع خاصة منها المتعلقة بالدول التي تعتمد في اقتصادها على أحد النظامين الرأسمالي وكذلك الاشتراكي.

بالنسبة للتركيب وإبراز الرأي الشخصي: فإما التوفيق بين الرأيين، أو تجاوزهما بالنظام الاقتصادي الإسلامي، أو تبني أحد النظامين الرأسمالي أو الاشتراكي. فقط مع التبرير والتأسيس للرأي الشخصي.

                                                                                 تمنياتي لكم بالتوفيق.
0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
الأنظمة الاقتصادية:

نص السؤال: أيهما أفضل لتحقيق السعادة للشعوب النظام الاقتصادي الرأسمالي أم الاشتراكي؟

طرح المشكلة: اهتم الفلاسفة وعلماء الاقتصاد قديما وحديثا بموضوع الاقتصاد، وخاصة ما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والتي نجدها متعددة ومتنوعة، فلكل تنظيم منها أسس وقواعد يقوم عليها، كما أن لكل منها غاية أساسية يسعى لتحقيقها، ألا وهي التطور الاقتصادي وبالتالي تحقيق الرفاهية للمجتمع. ومما لا شك أن هناك فروقا بين الناس في الطاقات والإمكانات الجسمية والذهنية والنفسية، وأنه تختلف قدرة كل واحد منهم على الكسب والانتاج، الأمر الذي يفترض فروقا مادية بين الأفراد، وعلى هذا الأساس وباعتبار العدالة الاجتماعية مطلب تنشده جميع المجتمعات البشرية فلقد حاولت عدة فلسفات اقتصادية تحقيقها. منها النظام الاقتصادي الحر أو الرأسمالي والنظام الاقتصادي الاشتراكي الماركسي. فإذا كان الأول يمجد الفرد بالدرجة الأولى ويؤسس الممارسة الاقتصادية على مبدأ الحرية المطلق، فإن الثاني يمجد الجماعة ويدعو إلى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. ونظرا للتعارض والتناقض الواضح بينهما حق لنا أن نتساءل: أيهما أفضل وأنجع لتحقيق العدالة الاجتماعية؟ هل هو النظام الاقتصادي القائم على أساس الحرية المطلقة للفرد أم الذي يشجع على تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية؟

يرى عدد من المفكرين من ذوي النزعة الرأسمالية أن النظام الرأسمالي هو الذي يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية. حيث يتأسس الاقتصاد الحر على تصور روماني للحقوق يجعل من الملكية حقا مطلقا لا تحده حدود، فهو يقوم على الإيمان بالفرد إيمانا لا حد له وبأن مصالحه الخاصة بنفسها – بصورة طبيعية – تكفل مصلحة المجتمع في مختلف الميادين. فالظاهرة الاقتصادية في تصور أنصار هذا النظام، مثلها مثل الظواهر الطبيعية الأخرى تخضع لقوانين الطبيعة. ومن ثمة لا بد أن تكون الممارسة الاقتصادية حرة لا تسير بموجب قوانين تشرعها الدولة أو تلك التي يسنها أفراد المجتمع. ويرى أنصار الاقتصاد الحر أو الرأسمالية أن أغلب المشاكل التي تتخبط فيها المجتمعات وكل الأزمات الاقتصادية، مرجعها إلى تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية عن طريق سن القوانين وخصوصا في تحديد الأسعار والأجور ومراقبة المبادلات التجارية وفرض الضرائب..التي تعيق السير الطبيعي للعملية الاقتصادية. بحيث لو كفت الدولة عن مثل هذا التدخل لسارت الشؤون الاقتصادية سيرا طبيعيا يكفل مصلحة الجميع. ثم إن الدولة حسب أنصار هذا النظام ترمي في وظيفتها إلى حماية الأشخاص والدفاع عن مصالحهم الخاصة ولا يحق لها أن تتعدى حدود هذه الغاية في نشاطها، فوظيفتها تنحصر فقط في تحقيق الأمن والاستقرار. ولا بد أن تقر بالحرية الاقتصادية وما يتبعها من حريات سياسية وفكرية وشخصية.

ولقد دافع عن هذه المبادئ العالم الاقتصادي "آدم سميث" الذي عاش في القرن الثامن عشر (1723-1790). والذي تنسب إليه العبارة الشهيرة "دعه يعمل دعه يمر" وتبعه في ذلك العديد من المفكرين والفلاسفة كـ "جان باستيا" و "دونوايي". حيث يزعم هؤلاء أن قوانين الاقتصاد التي تجري على أصول عامة بصورة طبيعية، كفيلة بسعادة المجتمع وحفظ التوازن الاقتصادي فيه، فلا بد أن تترك القوانين الاقتصادية تسير على مجراها الطبيعي. وبذلك ينظم الاقتصاد نفسه ويهدف إلى خير المجتمع. ومنه تكون المصلحة الخاصة هي أحسن ضمان للمصلحة الاجتماعية العامة وأن حرية التبادل والمنافسة يكفيان وحدهما لتحقيق روح العدالة الاجتماعية. ولا شك بأن هذا النظام الرأسمالي ينبني على قواعد وأسس لعل أهمها: مبدأ الحرية الاقتصادية: (تقديس الحرية) ويقصد بها حرية النشاط الاقتصادي في جميع مجالاته. بحيث تكف الدولة عن التدخل في الشؤون الاقتصادية وخصوصا في تحديد الأسعار والأجور ومراقبة المبادلات التجارية. وذلك نتيجة للاتساق الاقتصادي العفوي الذي تضمنه الطبيعة بقوانينها...بالإضافة إلى مبدأ الملكية الفردية أو الخاصة لوسائل الإنتاج: فالملكية في تصور أنصار هذا النظام حق مطلق تحميه الدولة وتضمن حق انتقاله عن طريق الإرث. وهنا يؤكد هؤلاء على حرية التصرف في هذه الملكية واختيار سبل وآليات استثمارها...كذلك من بين أهم تلك المبادئ قانون العرض والطلب: وهو قانون طبيعي اقتصادي يكفل تحقيق التوازن في مجال العمل ومجال السوق، وهو ما يضمن مصلحة الجميع. ففي مجال السوق مثلا، لا خوف من حركة الأسعار لأن هذه الحركة تخضع لقانون العرض والطلب الذي يبقيها في معدل تتأرجح حوله. فإن زاد الطلب على العرض زاد الثمن في السوق عن الثمن الطبيعي للسلعة. وإن زاد العرض على الطلب انخفض ثمن السلعة. غير أن ارتفاع الأثمان من شأنه أن ينشط العرض، ونتيجة لذلك تنخفض الأسعار في المستقبل. كما أن انخفاض الأثمان من شأنه أن يقلل من العرض وبالتالي من الإنتاج. فترتفع الأثمان كذلك في المستقبل. وهكذا ينظم قانون العرض والطلب حركة الأسعار تنظيما طبيعيا وهو بذلك في غنى عن تدخل الدولة أو الاعتبارات الخلقية التي من شأنها تثبيط النشاط الطبيعي للاقتصاد.

النقد: لكن ورغم ما قدمه أنصار النظام الرأسمالي من أدلة وحجج، ورغم المنافع المادية التي أفرزها هذا النظام ومحاسنه الكثيرة التي يمكن أن نجملها فيما يلي: وفرة الإنتاج وجودته كما وكيفا، ارتفاع الدخل الفردي، تنمية روح المبادرة الفردية نتيجة الحرية وخلق روح الإبداع والتنافس في الإنتاج، التخلص من التبعية الاقتصادية، تحقيق التطور الاقتصادي والصناعي، خلق فائض القيمة و تجسيد حرية التملك... إلا أن هذا النظام الاقتصادي الحر أفرز الكثير من العيوب والسلبيات التي تنجم عن تطبيقه، ونكتفي في هذا المقام بذكر بعض هذه السلبيات: منها ما يتعلق بالمضار التي قد تنجم عن قانون العرض والطلب. فهل فعلا أثمان السلع وأجور العمال (في مجال السوق، وفي مجال العمل) تخضع في الزيادة والنقصان لقانون العرض والطلب؟ إن الذين يتحكمون في كمية الإنتاج المطروحة في الأسواق الداخلية والخارجية هم المنتجون أو المالكون لوسائل الإنتاج خاصة مع توفر وسائل التخزين والاحتكار. إذن قانون العرض والطلب لا يحقق التوازن الذي يضمن مصلحة الجميع. بالإضافة إلى ما يتعلق بمبدأ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج فلقد ارتبط تاريخ الملكية الفردية لوسائل الإنتاج بظاهرة سلبية وهي ظاهرة الاستغلال والاستلاب (المادي والمعنوي). ذلك أن المنافسة الحرة بين المنتجين (مالكوا وسائل الإنتاج) تدفعهم إلى التهافت على تحقيق أكبر قدر من الأرباح بأقل التكاليف ولا يكون ذلك ممكنا إلا عن طريق استغلال العمال. حيث يدفعون لهم أجورا زهيدة مقابل ما ينجزونه من أعمال مضنية، فالرأسمالي يضطر في ظل قانون البقاء للأقوى أو الأصلح إلى تشغيل العامل عددا من الساعات أكثر من الزمن الطبيعي اللازم لإنتاج السلعة. ثم إن قيمة كل سلعة إنما هي قيمة العمل الإنساني فيها. لكن العامل لا يأخذ هذه القيمة كلها (لا يأخذ أجرته كاملة) ويذهب الباقي أي فائض القيمة إلى الرأسمالي بدون بذل أي جهد أو عمل. أضف إلى ذلك خلق التفاوت الطبقي بين الأفراد وبالتالي وجود طبقتين متناقضتين طبقة بورجوازية تملك كل شيء وطبقة البروليتارية (العمال) المحرومة من كل شيء. ما يولد صراعا طبقيا بين الأثرياء والطبقات الكادحة. كما أن هذا النظام يقوم على أساس استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بتشغيل العامل لساعات إضافية دون مقابل، مما يخلق فائض القيمة ويؤدي إلى الغنى الفاحش للمالك الرأسمالي على حساب المنتجين. لهذا قال "كارل ماركس": "إن الرأسمالية تحمل في طياتها بوادر فنائها". ويقول الشيوعي الفرنسي "جوريس": "إن النظام الرأسمالي يحمل في طياته الحرب مثلما يحمل السحاب المطر". كذلك من سلبيات هذا النظام حدوث الأزمات الاقتصادية ومن ثمة الأزمات الاجتماعية (التضخم). وفيه دعوة صريحة إلى الاستعمار (كلمة الاستدمار أليق وأفضل لأن المستعمر جاء ليدمر لا ليعمر) نتيجة البحث عن أسواق خارجية. زيادة على ذلك عدم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والنظر إلى العامل على أنه آلة منتجة (نظرة مادية). كل هذه السلبيات وغيرها جعلت من النظام الرأسمالي يفشل في تحقيق ما تصبو إليه المجتمعات من عدالة اجتماعية ورخاء اقتصادي.

لهذا ظهر عدد من المفكرين والفلاسفة من أنصار الفلسفة الاشتراكية (الاقتصاد الاشتراكي) وخاصة "كارل ماركس" و "فريدريك انجلز" حيث يؤكد هؤلاء أن الاقتصاد الموجه هو الذي يحقق العدالة الاجتماعية وبالتالي الرفاهية للشعوب. والدليل على ذلك أن واقع البلاد الرأسمالية الصناعية يكذب تفاؤل أنصار الحرية الاقتصادية في القرن التاسع عشر. ذلك أن أرباب المصانع ينعمون بالثراء الفاحش على حساب العمال الذين كانوا يعيشون في ظروف قاسية جدا. كما أن تبرير حرية الملكية الخاصة لم يعد له من معنى بالنسبة إلى الأجراء الذين لم تكن أجورهم تفي بضرورات العيش. لكن مثل هذه الاعتبارات الأخلاقية ليست هي التي دفعت "كارل ماركس" إلى مناهضة الرأسمالية، بل هو يرى أن النظرة العلمية إلى بنية الرأسمالية، على ضوء الجدلية الهيجلية القائلة، بأن كل فكرة تحمل في طياتها بذور فنائها (التناقضات هي التي تطور التاريخ)، تكشف لنا هذه النظرة العلمية عن التناقضات الداخلية التي تتضمنها الرأسمالية والتي تتسبب في تقويضها من أساسها. وتتمثل هذه التناقضات في ذلك الصراع القائم بين الملاك لوسائل الإنتاج (الرأسماليون) والعمال (الطبقة البروليتارية). ولعل أهم النقاط التي ترتكز عليها الاشتراكية: التخطيط المركزي: ويكون ذلك بواسطة التدخل المباشر للدولة في الحياة الاقتصادية، التي تضع مخططات تحاول فيها التوفيق بين حاجة المجتمع والإنتاج في كميته وتوزيعه. وذلك بدافع تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين حتى لا يبتلى المجتمع الاشتراكي بنفس الأمراض التي أصيب بها المجتمع الرأسمالي. بالإضافة إلى مبدأ إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتعويضها بملكية جماعية: فمما لا شك فسه أن الملكية الخاصة هي سبب بؤس العمال واستغلالهم من قبل الرأسماليين. وتدل الملاحظات التاريخية أن الملكية الخاصة لازمها عبر تاريخها الطويل ظاهرة اقتصادية سلبية، هي ظاهرة الاستيلاب..كما نادت الاشتراكية أيضا بضرورة إلغاء فائض القيمة لما يترتب عنه من مضار...وبالتالي يكون التوزيع على حسب الحاجة الاستهلاكية للأفراد. وهذا ما تلخصه لنا العبارة القائلة: "من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته". ذلك لأن لكل فرد حاجات طبيعية لا غنى له عنها، فهو يدفع للمجتمع كل طاقاته، فيدفع له المجتمع متطلبات العيش.
بواسطة (2.4مليون نقاط)
لكن ورغم بعض المحاسن (النظرية) التي يمكن أن يحققها النظام الاشتراكي والمتمثلة فيما يلي: القضاء على الطبقية، القضاء على البطالة، تحقيق العدالة الاجتماعية في بعض المجالات. وتحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للأفراد. فإن عيوب النظام الاشتراكي كثيرة لعل أهمها: القضاء على المبادرة الفردية: فمن خلال التخطيط المركزي الذي يتكلم عنه الاشتراكيون معناه أن الدولة الاشتراكية هي التي تملك وسائل الإنتاج ولو بصفة مؤقتة. والدولة في هذا النظام هي الكل في الكل، وهو ما يترتب عنه القضاء على الحرية الاقتصادية، وقتل المواهب وروح المبادرة الفردية التي تهدف إلى الخلق والابداع. بالاضافة إلى الإهمال واللامبالاة: ولأن الملكية هي ملكية الدولة، فإنه يترتب عن ذلك الكثير من المظاهر السلبية منها الاتكال بين الناس وتفشي ظاهرة الرشوة والتبذير واللامبالاة والبيروقراطية.



ومن أخطر تلك السلبيات أيضا ممارسة إرهاب الدولة: فإذا كان العامل في النظام الاقتصادي الحر يستغل من قبل الرأسمالي (استغلال الفرد للفرد)، فإنه في النظام الاشتراكي يستغل العامل من طرف الدولة (استغلال الجماعة للفرد). فالعامل وسيلة إنتاج تسخرها الدولة في تسيير دواليب الاقتصاد.



نتيجة للانتقادات السابقة والموجهة لكلا النظامين الاقتصاديين والتي ثبت من خلالها فشلهما في تحقيق العدالة الاجتماعية. يمكننا تجاوز هذه النظرة المادية الضيقة بالنظر إلى ما جاء به الإسلام من نظام يكفل للفرد والجماعة العدالة الاجتماعية المنشودة. وهذا ما نلحظه من خلال ما يتميز به من خصائص ومميزات وأسس ومبادئ جعلته يختلف عن النظامين السابقين، ولعل أهم تلك الخصائص: الأصالة والاعتدال والواقعية والأخلاقية. فإذا بحثنا عن الأصالة وجدناه نظام اقتصادي أصيل يستلهم تشريعاته من صميم الشريعة الإسلامية...وأما الاعتدال: فإذا كنا قد وجدنا أن لكل من الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي فلسفة يرتكز عليها: فالرأسمالية تمجد الفردية وتفسح المجال أمام الحرية الاقتصادية لكسب الثروة ومضاعفتها. ظنا منها أن في تحقيق المصلحة الفردية تحقيقا لمصلحة الجماعة بصورة طبيعية. وقد بينت التجربة أن الحرية في تحقيق المصلحة الفردية سرعان ما تؤول إلى هيمنة الأقوياء على الضعفاء. أما الاشتراكية فإنها تمجد الجماعة على حساب الفرد وتملك هذه الجماعة وسائل الإنتاج وتلغي الملكية الخاصة. وبهذا تمحي فردية الفرد ولا يعود لوجوده من معنى إلا ضمن الجماعة التي تستعبده وتستغله. أما الفلسفة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الإسلامي، فإنها تخلق أسباب الانسجام والتوازن بين مصالح الفرد ومصالح الجماعة، فلا يطغى أحد الطرفين على الآخر. وأما بالنسبة لخاصية الواقعية فإننا نجد النظام الإسلامي يحد من أنانية الفرد وطغيان رأسماله، كما يحد من استبداد الجماعة وقتلها لمواهبه وتصرفها في ثمرة نشاطه وكده. إنه لا يحرم الفرد من ثمرات عمله وهو بذلك لا يتعارض والطبيعة البشرية القائمة على التملك والاكتساب. وأخيرا الأخلاقية التي يمتاز بها النظام الاقتصادي الإسلامي حيث يدعو الإسلام إلى التكافل الاجتماعي ويمنع الإسراف والتبذير. يقول تعالى: "ولا تبذروا تبذيرا"، ويعتبر العامل غاية في ذاته لا وسيلة في يد الرأسمالي أو في يد الدولة الاشتراكية.



إن الممارسة الاقتصادية في الإسلام قائمة على أساس الأخلاق والتعاون والتراحم المستمدة من مثل عليا، لا مجال فيها للصراع بين الأفراد. فالإسلام يمزج بين الحياة الاقتصادية والحياة الأخلاقية، بل والحياة الروحية. ولا شك بان الاقتصاد الإسلامي يتألف من عدة أركان أهمها: الملكية المطلقة: الملكية لله سبحانه، هو الذي يهبها لمن يشاء ويحدد مقتضيات التصرف فيها. فالمال مال الله وما الإنسان سوى مستخلف فيه، وبالتالي فهو مطالب بان يكسبه بحلال وينفقه في حلال دون اسراف ولا تبذير. بالإضافة إلى مبدأ الملكية المزدوجة: الذي يقر الأشكال المختلفة للملكية في وقت واحد، فالإسلام يقر الملكية الخاصة، والملكية العامة، وملكية الدولة. ويجعل هذه الأشكال من الملكية في خدمة الصالح العام. وقيدها بضوابط شرعية محكمة لتحقيق العدالة، ففرضت الزكاة تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، كما حافظت على حقوق العامل وصون كرامته. قال (صلى الله عليه وسلم): "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه". كما نجد من مبادئه أيضا الحرية الاقتصادية في نطاق ضيق: وليس معنى ذلك أن الإسلام يضيق من حرية الأفراد في الحياة الاقتصادية، بل ينظم تصرفات المسلم في هذا المجال. بحيث يكون حرية المسلم محكومة بمبدأين: مبدأ ذاتي، ينبع من صميم الفرد المسلم المتشبع بتعاليم الشريعة الإسلامية. ومبدأ موضوعي، يتمثل في جملة القوانين التي تنظم سلوكات المسلم في الحياة الاقتصادية. وبذلك يمارس الأفراد حرياتهم ضمن نطاق القيم والمثل العليا. وأخيرا العدالة الاجتماعية كمبدأ يختلف عن المعنى التجريدي الذي تنادي به الكثير من التنظيمات الاجتماعية، فهو معنى حقيقي وواقعي له من الضمانات والمقومات التي يمكن من خلالها تجسيده على أرض الواقع. ومبدأ العدالة الاجتماعية يرتكز على مرتكزين أولهما: مبدأ التكافل العام: وهنا تكمن مسؤولية الأفراد في المجتمع الواحد. إن المجتمع الإسلامي هو مجتمع متضامن ومتكافل، وهناك الكثير من النصوص الشرعية التي تحث على التكافل مثل قوله تعالى: "وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا" (الإسراء، الآية 26). ومثل قوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا". وثانيهما: مبدأ التوازن العام: وفي هذا المبدأ تكمن مسؤولية الدولة لأنه بالإضافة إلى الكفالة الواجبة على الأفراد، فلا بد كذلك للدولة المسلمة من إقامة التوازن العام. فالدولة مسؤولة عن تحقيق حد الكفاية "المستوى اللائق للمعيشة" لكافة أفراد المجتمع المسلم سواء كانوا مسلمين أو معاهدين. والمقصود بحد الكفاية إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد يعيش في الدولة الإسلامية.



ختاما ومما سبق وكمخرج من هذه المشكلة يمكن القول أن الرأسمالية اعتمدت في تنظيمها الاقتصادي على أسس مادية طبيعية على اعتبار أن الحياة الاقتصادية خاضعة لقوانين موضوعية ثابتة، وأن الاشتراكية ردت في الأساس التنظيم الاقتصادي إلى قوانين المادية التاريخية التي تحكم تطور التاريخ البشري، أما الاقتصاد الإسلامي فصفتا الواقعية والأخلاقية جوهريتان فيه، تشع في كل تفاصيله وخطوطه العامة، وبالتالي فهو يهدف إلى ترقية الإنسان روحيا وماديا ومن ثمة تحقيق العدالة الاجتماعية. إذن النظام الذي يحقق العدالة الاجتماعية إنما هو النظام الذي يتفاعل فيه الاقتصاد والواقعية والأخلاق.

اسئلة متعلقة

...