1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (2.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

ماذا نستنتج بين الاشكالية الفلسفية والمشكلة العلمية

مرحباً بكم أعزائي الطلاب والطالبات في موقع النورس العربي يسعدنا بزيارتكم أن نقدم إجابة السؤال ألذي تم طرحه على صفحتنا ولكم الأن إجابة السؤال ألذي يقول ماذا نستنتج بين الاشكالية الفلسفية والمشكلة العلمية

الإجابة هي 

    إذا نظرنا إلى المشكلة والإشكالية من حيث المفهوم سنجد الكثير من مواطن الاختلاف سواء تعلق الأمر بالنتائج أو مجال البحث أو نوعية التأثير ، فالاختلاف بين المشكلة والإشكالية يكمن في تعريف كل منهما ، فبالنسبة للمشكلة تعرف بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لابد من تخطيها ، أو عقبة لابد من تجاوزها لتحقيق هدف ما ، أو أنها الاصطدام بواقع لا نريده ، فكأننا نريد شيئا آخر ثم نجد خلافه ، كما تعرف أيضا أنها الأمر الصعب والملتبس والذي يحتاج إلى حل بالطرق العلمية أو الاستدلالية ، أو هي مسألة فلسفية تنطوي على التباسات يمكن البحث عن حلول ممكنة لها من خلال فتح الملتبس ، فالمشكلة تتميز بكونها يمكن الوصول بشأنها إلى حل يلغيها، فهي تتعلق بقضايا جزئية قابلة للحل ومثال ذلك قولنا : هل يصح القول بأن لكل سؤال جواب ؟ ، ظاهرة الاحتباس الحراري مشكلة يمكن حلها بوسائلها. كما أن "المشاكل" في الحساب تنتهي إلى حل، باستثناء بعض المعادلات الرياضية التي يكون حلها أو التخلص منها بعد البحث والمحاولة بالإعلان عن كونها لا تقبل الحل، أما المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية عموما, والمشاكل التي يصادفها العلماء في العلوم الطبيعية بمختلف أنواعها, فهي جميعا تنتهي إلى نوع من الحل آجلا أو عاجلا، ما دام المجال الذي تطرح فيه ينتمي إلى الواقع الموضوعي ويقبل نوعا ما من التجريب ، وفي هذا الإطار يصدق قول ماركس: "إن الإنسانية لا تطرح من المشاكل إلا تلك التي تقدر على حلها" ، لأن "المشاكل"، بهذا المعنى، إنما تظهر من خلال تقدم البحث، فاكتساب مزيد من المعرفة بموضوع ما يفتح الطريق أمام اكتشاف مجاهيل جديدة تكون مناسبة لطرح أسئلة جديدة.

     وتتصف المشكلة بكونها محدودة بمجال معين يحصر الموضوع ، وبالتالي فهي قضية جزئية في هذا الوجود تساعدنا على فهم الإشكالية ، وهي أقل اتساعا منها فمجالها ضيق ومغلق ، وتتعلق بأشياء الطبيعة وما ورائها ، أما من حيث الإثارة النفسية فهي تؤدي إلى اضطراب وهو عبارة عن دهشة وحيرة ، يقول كارل ياسبرس : " يدفعني الاندهاش إلى المعرفة فيشعرني بجهلي" ، ومعنى هذا أن المشكلة عبارة عن اضطراب من زاوية الدهشة .

أما الإشكالية فهي شيء آخر ، وإذا كانت المشكلة تساءل مؤقت يستدرك جوابا مقنعا ، فالإشكالية عبارة عن طرح تساؤل يعاني فيه الإنسان القضايا الصعبة في هذا الوجود ، إنها قضية كلية تطرح أمام الإنسان معاناة فكرية وتحرك سكينته النفسية ، وقد عرفها أندري لالاند بقوله : الإشكالية علو وجه الخصوص سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة ( ربما تكون حقيقية ) لكن الذي يتحدث لا يؤكد صحتها " ، وعرفها محمد عابد الجابري في كتابه " نحن والتراث " بقوله : " "على الرغم من أن كلمة إشكالية من الكلمات المولدة في اللغة العربية (وهي ترجمة موفقة لكلمة problématique فإن جذرها العربي يحمل جانبا أساسيا من معناها الاصطلاحي. يقال: أشكل عليه الأمر بمعنى التبس واختلط. وهذا مظهر من مظاهر المعنى الاصطلاحي المعاصر للكلمة (ولكنه مظهر فقط). ذلك أن الإشكالية هي، في الاصطلاح المعاصر، منظومة من العلاقات التي تنسجها، داخل فكر معين (فكر فرد أو فكر جماعة), مشاكل عديدة مترابطة لا تتوفر إمكانية حلها منفردة ولا تقبل الحل، -من الناحية النظرية- إلا في إطار حل عام يشملها جميعا. وبعبارة أخرى : إن الإشكالية هي النظرية التي لم تتوفر إمكانية صياغتها، فهي توتر ونزوع نحو النظرية، أي نحو الاستقرار الفكري". من هنا يتضح لنا أن الإشكالية مسألة تثير نتائجها الشكوك وتحمل على الارتياب والمخاطرة ، أي أنها القضية التي لا يمكن الإقرار فيها بالإثبات أو النفي أو تحتمل الإثبات والنفي معا ، مثل الإشكاليات الكبرى في الوجود كإشكالية الحرية الإنسانية ووجود العالم ، والألوهية ، وإشكالية قدم العالم وحدوثه ...، إذن مجال حل الإشكالية مفتوح على عكس المشكلة والباحث فيها لا يقنع بحل واحد ، وتتصف الإشكالية أيضا بأنها قضية فلسفية جوهرية أو معضلة فلسفية مترامية الحدود لهذا فهي أوسع من المشكلة فهي بمثابة مجموعتين من الأسئلة الفلسفية يغلب عليها الطابع التجريدي النظري لا حل لها أو أنها تحتاج إلى أكثر من حل، فتطور العلم ترتبت عنه إشكالية لأنه كلما وجد الإنسان حلا لمشكلة ما ظهرت مشكلة أخرى وهكذا طرح تطور العلم أمام الإنسان إشكالية فكلما تغلب الإنسان على مشكلة ظهرت مشكلة أخرى وتلك هي الإشكالية المفتوحة وهي غير منتهية، وكذلك القضايا الميتافيزيقية التي هي إشكاليات مهما قدم الفلاسفة من إجابات فهي تبقى مجرد آراء ولا تعتبر إجابات قطعية نهائية فقضية الوجود تبقى إشكالية قائمة إذن القضايا التي تطرحها الإشكالية هي قضايا عميقة عالقة في الفكر الإنساني تعكس البحث الدائم للإنسان من أجل أن يتكيف مع الوسط الذي يحيط به . أما من ناحية درجة الاضطراب فهي تثير قلقا نفسيا وعقليا وبالتالي تؤدي إلى الإحراج ومثال ذلك تساؤلنا : " هل الله فوق الزمن أم أنه في علاقة بالزمن ؟ ، وإن هذا الإحراج حقيقي واقعي وليس وهميا ، وهذا ما عمل به سقراط اتجاه توظيفه للمنهج الذي عمل به وهو المنهج التهكمي حيث يقول مثلا : " كل ما أعرفه أني لا أعرف شيئا " ، بحيث يتظاهر بجهله اتجاه معارف معينة وهو في قرارة نفسه على علم بها إذا أراد إحراج الغير من أجل الوصول إلى الحقيقة .

     لكن رغم وجود هذه الاختلافات أو النقاط التي تفرق بين المشكلة والإشكالية إلا أنها لا تنفي وجود نقاط تشتركان أو تتشابهان فيها ، إذ تمثلان السعي الدائم للإنسان في البحث عن الحقيقة وإدراك المعارف فهما متولدتان من تساؤله وفضوله ورغبته في الكشف عن الحقيقة ، وبذلك فهما ناتجتان عن إرادة الإنسان ورغبته في المعرفة ، وبهذا فإنهما تخصان الإنسان لوحده دون الحيوان ،إضافة إلى أنهما تطرحان بطريقة استفهامية أسئلة تنتظر الإجابة بحيث تكون هذه الإجابة مدعمة بحجج وبراهين من أجل التأكيد أو النفي ، كذلك تتفقان معا في كونهما تبحثان عن مخرج ، وتثيران في النفس القلق الإنساني والحيرة من أجل بلوغ الحقيقة ذلك لأن طلب الحقيقة يقتضي ذلك، ضف إلى ذلك كونهما مسألتان غامضتان ومبهمتان ، وأن هدفهما واحد وهو دفع الفكر إلى النشاط والبحث والاستقصاء ، فضلا عن ذلك فكلتاهما تطرحان قضايا فكرية تتجاوز الحسيات والتوجه أو التطلع نحو العقلاني فهما لا تهتمان فقط بالظواهر الجزئية الحسية وإنما أيضا بدراسة الكليات المجردة وخاصة الموضوعات الميتافيزيقية .

      من خلال عرضنا لمواطن الاختلاف والاتفاق نلاحظ وجود علاقة تداخل بين المشكلة والإشكالية لان هناك علاقة تأثير متبادل بينهما ، فالعلاقة بينهما علاقة المجموعة بعناصرها أو الكل و أحد أجزائه ، فالمشكلة تؤثر في الإشكالية لأنها قضية جزئية تساعدنا على الاقتراب من فهم الإشكالية مثال ذلك لفهم الإشكالية : " الفكر بين المبدأ و الواقع " يجب فهم و دراسة المشكلات الجزئية و هي : كيف ينطبق الفكر مع نفسه ؟، وكيف ينطبق الفكر مع الواقع ؟ ، كما أن الإشكالية بدورها تؤثر في المشكلة لأن المشكلة تحتاج إلى الإشكالية التي هي المعضلة الكبرى أي الكل فإذا كانت للمشكلات تحتاج حلول جزئية فهي تحتاج إلى الحل الكلي للمعضلة الكبرى . وقد رأى بعض المفكرين الإشكالية كمظلة تتسع لكل المشكلات ، تتمثل في أن المشكلة جزء من الإشكالية حيث أن الإشكالية تنطوي على مجموعة من المشكلات الجزئية ، فعندما يكون عدد المشكلات في نفس القضية اثنان فما فوق تصير إشكالية ، وإذا كان بإمكاننا تحديد موضوع الإشكالية تمكنا من معرفة كل المشكلات التي تتبعها ، وبمعنى آخر المشكلة ذات طابع جزئي فهي تتناول أسئلة جزئية بينما الإشكالية طابعها شامل وعام كونها تتناول القضايا الكبرى . فالإشكالية إذن معضلة تتسع لكل المشكلات، فهناك علاقة تداخل بينهما فالسؤال الفلسفي قد يطرح أمام الإنسان مشكلة وقد يتسع مجال المشكلة فتتفرع عنها أسئلة أخرى فتتعدد المشكلات وعندئذ يتحول السؤال الفلسفي إلى معضلة وجودية كبرى وبذلك تتعقد المشكلة وتصير إشكالية لذلك قال كارل ياسبرس: "إن الأسئلة في الفلسفة أهم من الأجوبة وكل جواب يمكن أن يتحول إلى سؤال".

والآن نقدم لكم ملخص إجابة السؤال ماذا نستنتج بين الاشكالية الفلسفية والمشكلة العلمية

      نستنتج في الأخير أن مسألة العلاقة بين المشكلة و الإشكالية تنطوي على جانبين فهي انفصال من ناحية التعريف لأن هناك تمايز بينهما و اتصال من ناحية الوظيفية لأن كلاهما يكمل الآخر ، ويبرز اختلافهما من خلال السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه كإشكالية أولا ، بحيث نكاد لا نجد الجواب المقنع له ، وبين مشكلة سرعان ما تزول وينتهي أمرها مجرد التفكير فيها بطريقة عقلانية و فاعلة ورغم اختلاف المشكلة والإشكالية حسب درجة الصعوبات والتعقيدات فهما نتيجتان لتساؤلات الإنسان المستمرة باعتباره كائنا مفكرا يعي وجوده ويتساءل عن معناه وسببه والغاية منه فنحن أمام صورتان مختلفتان لنشاط فكري واحد

اسئلة متعلقة

...